قضية أبيي والإعلام الأمريكي!ا

وراق متناثرة
قضية أبيي والإعلام الأمريكي!!

غادة عبد العزيز خالد

تنشر الصحف وتذيع وكالات الأخبار الأمريكية منذ الأسبوع الماضي الكثير من المواضيع والبرامج عن الخلاف الدائر بين شمال السودان وجنوبه حول منطقة ابيي. ومن الملاحظات العامة، يجد المتابع ان التغطية الأمريكية للصراع حول منطقة ابيي لديه بعد واحد وقاسم مشترك في جل التغطيات التي شاهدتها. وملخصها هو ان المنطقة غنية بالثروات والخيرات وخصوصا البترول الذي تكتسب منه الحكومة الشمالية وكذلك الجنوبية، ولذلك، فلا يرغب اي من الطرفين في التخلي عن المنطقة التي تعتبر بمثابة الدجاجة التي تودع لهم في كل صباح ذهبا يملأ خزاناتهم اموالا.
وشذ عن قاعدة الصراع من اجل الثروات (برينستون ليمان)، مبعوث السودان الخاص للإدراة الأمريكية والذي اعقب (سكوت غرايشون)، في لقاء اجراه مع إذاعة الـ(ان بي آر) يوم الخميس 26 مايو 2011، ذكر (ليمان)، والذي من المفترض ان يكون في طريقه إلى السودان الآن إن لم يكن قد وصل فعلا، ان الصراع في ابيي ليس هو صراع ثروات بل له ابعاد اخرى. إن المبعوث الخاص يرى، وبالتالي الإدارة الأمريكية التي يمثلها، ان الصراع في المنطقة هو صراع سياسي وعاطفي في المقام الأول. فلقد ذكر ان المنطقة ربما تجري بها بعض عمليات إستخراج البترول لكنها ليست بالكمية التي قد تشجع شمال البلاد وجنوبه على الدخول في حرب بسببه، إذن فالثروة في تقديره ليست هي السبب، فالدينكا نقوق ترى ان ابيي هي موطنهم الأصلي وبلادهم ولا بد لها من ان تتبع حكومة الجنوب في خريطة حكمها. ورأي الدينكا لا بد من الأخذ به بالنسبة لحكومة الجنوب، فهم يعتبرون قوة لها وزنها في الحكومة ولذلك تضع لرأيهم الف حساب.
وعلى النقيض الآخر، كما قال المبعوث الخاص، نجد ان المسيرية كقبيلة هي مهمة سياسيا للرئيس البشير. فلقد ساندت المسيرية الرئيس في حربه التي خاضها مع الجنوب مسبقا وكانوا قد تلقوا وعدا بأن تكون ارض ابيي لهم، لذلك فالرئيس البشير يحاول ان يوفي بوعده إلى واحدة من اهم القبائل التي تسانده. وبهذا التحليل يرى المبعوث الخاص ان الصراع هو سياسي لأن حكومة الجنوب تحاول ان ترضي الدينكا ذات الوزن السياسي وكذلك البشير الذي يحاول ان يرضي المسيرية ذات الوزن السياسي له ايضا.
ولا اتفق مع معظم ما اسمعه او أقرأه في الإعلام الأمريكي عن الصراع الدائر حول منطقة ابيي. إن تلخيص الصراع حول انه (شكلة) من اجل تقسيم الثروة هم بخس من حجم المشكلة وإظهار لحكام بلادنا، الشمالي والجنوب (وحتى وإن إختلفنا معهم)، على انهم مجرد اطفال يسيل لعابهم حول قطعة حلوى فيقتتلون ويسيلون الدماء انهارا بسببها. وهذا التحليل تخالفه الأدلة، فلقد قضت المحكمة الدولية بأن يذهب بترول المنطقة صوب خزينة الشمال، فلماذا يلجأ الشمال اذن الى اخذ ما له بالقوة؟ كذلك وتلخيص الصراع على انه مجرد محاولة (ترضية) يقوم بها كل من الطرفين لإرضاء الآخر ايضا بها تقليل من حجم المأساة. إن الصراع القائم هو اعمق مما يحاول ان يلخصه الاعلام الامريكي، فهو صراع حقوق وصراع معيشة، حياة او ممات، حول ارض يأكل منها الدينكا وترعى فيها المسيرية ويعيش فيها الطرفان.

الصحافة

تعليق واحد

  1. شكرا اخت غاده فقد لخصتى المشكله فى اخر سطر من المقال
    اتركوا الفبلتين تعيش كما فى الماضى ياكلوا ويرعوا فى منطقه ابيى
    شكرا على التحليل المنطقى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..