غير مصنف

فوائد قوم… عند قوم مصائب

د. فتح الرحمن عبد المجيد الأمين

لقد ورد من ضمن مقررات مؤتمر القمة العربية الرابع الذي عقد في العاصمة السودانية الخرطوم في 29 أغسطس 1967 ما يُعرٕف ب (لاءات) الخرطوم الثلاث … وهي لا صلح … ولا اعتراف … و لا تفاوض … مع اسرائيل.

ولمدة ثلاثة وخمسين عاماً ظلت (اللاءات الثلاثة) تشكل (بَلاءات) السودان (الثلاثة) المتفاقمة (وابتلاءاته) ، حيث شكَّلت كل لاء صفاً (طويلاً عريضاً) … اصطف فيه السودانيون بكل بسالة (يخرتون) العرق … بينما العرب ( كلهم أجمعون) ومن ضمنهم الفلسطينيون يتدثرون (بالبطاطين) الصوفية من شدة برد (المكيفات الإسبلت) .. أدام الله عليهم النعمة التي (لا نحسدهم عليها) ولكننا (نبقر) منهم…

كان من ضمن الملوك والرؤساء الذين حضروا تلك القمة الرئيس العراقي عبد الرحمن عارف والأمير الكويتي صباح السالم الصباح والرئيس المصري جمال عبد الناصر والملك السعودي فيصل بن عبد العزيز .. أنزل الله تعالي شآبيب الرحمة والغفران عليهم أجمعين.

وبعد أن تبادلوا (القُبَل) وتصافحوا وتصافوا من بعد قطيعة كانت بين بعضٍ منهم قرروا لاءات الخرطوم الثلاثة … لا صلح … لا تفاوض .. ولا اعتراف بإسرائيل.
والناظر بعمق في صفحات التأريخ يلاحظ أمرين هامين :

أولهما : أوصى وزراء المالية والاقتصاد والنفط العرب في مؤتمرهم ببغداد (التوصية الرابعة) قُبَيْل القمة باستخدام (وقف) ضخ النفط سلاحاً في المعركة. ولكن مؤتمر القمة رأى “بعد دراسة الأمر ملياً” أنَّ (الضخ نفسه) يمكن أن يُستخدَم سلاحاً إيجابياً ، باعتبار النفط طاقةً عربيةً يمكن أنْ تُسْهِم في دعم اقتصاد الدول العربية التي تأثرت مباشرةً بالعدوان وتمكنها من الصمود في المعركة (مصالح متبادلة).

ثانيهما : أنَّ أغلب تلك الدول التي حضرت القمة قامت بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل … علناً كان أم سراً … لا يهم … (والمهم أنهم طبعوا) مع إسرائيل …
ولا يلومنَّ لائمٌ أحداً … طالما أنَّ لغة (المصالح) عادت هي اللغة الوحيدة المفهومة هذه الأيام … وما انفكت.

(واشمعنى) .. لا يوجد فلسطيني واحد يقف في الصف الساعات الطوال للحصول علي الخبز (الرغيف) … وبعضهم يأتي بخبز الفطور ( حااااراً) من إسرائيل بعد أنْ يضعوا مائدة الفطور … علي (السفرة).

لا يوجد فلسطيني واحد يقف الساعات الطوال في الصف للحصول علي ليترات بنزين أوجازولين (مازوت) .. (لا يقمن صلبه).

لا يوجد فلسطيني واحد يقف في الصف الساعات الطوال للحصول علي انبوبة غاز … (والفحم حدث … ولا حرج).

لا يوجد فلسطيني واحد يقف الساعات الطوال في الصف أمام الصِّرافات والبنوك للحصول علي نقوده التي كسبها (من عرق جبينه).

لا يوجد فلسطين واحد (يزازي) في الصيدليات للبحث عن علاج الملاريا أو التايفويد التي (تهري) فيه وفي أولاده واهله ..(وفصيلته التي تؤويه).

ولْيسحَبَنَّ من يريد أنْ يسحب تأييده … ويقرأ هذا الإنسحاب في إطار محاولة اللحاق بعربة السياسة السودانية وهي تفوت وتتجاوز كلَّ من تلكَّأَ في الصعود عليها ليس إلا.

لقد استفادت القضية الفلسطينية – أيما فائدة – من إصرار وتمسك الخرطوم باللاءات الثلاثة طيلة نيف وخمسين عاماً .. هي عُمُر جيل من الشعب السوداني … وكان من حق هذا الجيل أنْ يتعلم ويتعالج ويتزود بالوقود والنقود والخبز … وفي هذه الأيام التي صار فيها… بالخبز وحده (يحيا الإنسان) واتضح جلياً أنَّ (البطن) هي الشايلة (الكرعين) وليس العكس … و… صدق من عكس المقولة المأثورة (مصائب قوم… عند قوم فوائد) .

و… قال…

د. فتح الرحمن عبد المجيد الامين
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..