التشكيل الحكومي المرتقب.. من يربح معركة (ذات الكفاءات) في سباق الرئاسة؟

* رزق: تولي مزدوجي الجنسية مواقعاً عليا، لم يكن محل جدل في سودان ما قبل الإنقاذ، لكن مع الإنقاذ برز مسؤولون يحملون جنسيات أجنبية
* مُحلل: حجب أصحاب الجنسيات المزدوجة من المناصب السيادية في التشكيل الوزاري، حديث لا يسنده منطق ولا يقبله عقل
* الدومة: الجدل المثار حول الجنسية المزدوجة التي تحملها بعض الكفاءات ينبغي أن لا يكون حجر عثرة أمام تشكيل الحكومة
* برمة ناصر: اختيار رئيس وزراء حديث سابق لأوانه، لكن يجب أن يكون قادراً على معالجة مشاكل السودان خاصة الاقتصادية
الجريدة : عبدالرحمن حنين
تواجه المرحلة النهائية للعملية السياسية الجارية الآن بملفات حساسة ومعقدة جداً، منها ملف المعايير التي على ضوءها يتم اختيار رئيس الوزراء والطاقم الوزاري للحكومة المدنية، بالاضافة الى الملفات الخمسة التي تم ترحيلها من المرحلة الإبتدائية الى المرحلة النهائية، غير أن مراقبون يرون أن موضوع اختيار رئيس الوزراء، ووزراء الحكومة القادمة حال نجاح العملية السياسية تعد واحدة من أهم الموضوعات التي تحتاج التوافق حولها، وتشكيل الحكومة قطعاً سيبدأ بعملية إختيار رئيس الوزراء وبقية الطاقم، هذه العملية تحتاج الى توافق قبل الأسماء للإتفاق على عدة معايير لكي يتم اختيار الاسماء، ويشار الى أن قوى الحرية والتغيير كانت قد أكدت أن الاختيار للحكومة القادمة لن يشمل رؤوساء الأحزاب الموقعة على الإتفاق الإطاري مما يشيء بأن الحكومة لن يتم تشكيلها من كفاءات وطنية مستقلة، ويفتح الباب لتعيين حزبيين، كما تحدثت مصادر من داخل قوى الاتفاق الاطاري لـ(الجريدة) عن أن مسألة الجنسية المزدوجة لن تشكل عقبة أمام كفاءات سودانية دفعتها سياسات نظام الإنقاذ القمعية القابضة الى الهجرة لدول غربية عديدة ونالت جنسيتها، ورأت هذه المصادر ان الكفاءات الوطنية المهاجرة لعبت دورا كبيرا ومؤثرا في نصرة الثورة ودعمها بالمساهمة القوية في دفع الدول المقيمة بها للوقوف مع الثورة وعلى رأسها امريكا التي تجاوبت مع فعاليات الكفاءات المهاجرة إليها ورفعت عن السودان سيف العقوبات التي طالت البلاد بسبب سياسات النظام البائد الهوجاء.. وفي السياق محللون يرون أن الموضوع لم يبلغ مبلغ المعضلة العصية الحل أو الأزمة، على الرغم مما يثيره من حساسيات تبلغ حد الانتقاص من وطنية حاملو الجنسية الأجنبية، ولتفادي أي تصعيد للموضوع في الفترة المقبلة، رأوا أنه من المهم أن تتواضع القوى السياسية كافة، على رؤية موحدة لمسألة تولي مزدوجي الجنسية للوظائف القيادية في الدولة وأن تستوعب ما يحيط بها من تحفظات وإعتراضات وحساسيات الى حين صدور تشريع خاص بها من هيئة نيابية منتخبة.
ثوار بالمهجر
حول هذا الموضوع الذي بات محل جدل داخل الأوساط السياسية المختلفة، استنطقت (الجريدة) عددا من الخبراء والمراقبين حول هذه المسألة التي أثارت كثير من الشكوك والمظان حول حقوق ومصير أصحاب الجنسيات المزدوجة في التشكيل الحكومي المرتقب، تعددت الآراء وتباينت وجهات النظر حول أصحاب الجنسيات المزدوجة بين مؤيد ورافض، حيث قلل مراقب دولي فضل حجب اسمه على أهمية الأصوات المطالبة بضرورة رهن المناصب السيادية والدستورية بالجنسية السودانية، وبالمقابل إبعاد أصحاب الجنسيات المزدوجة، وأشار الى أن الحديث حول ضرورة أن يتم حجب أصحاب الجنسيات المزدوجة من المناصب السيادية في التشكيل الوزاري المرتقب، حديث لايسنده منطق ولا يقبله عقل، ورأى أن أصحاب الجنسيات المزدوجة من أصول سودانية هي أكثر الشرائح المجتمعية التي دعمت الثورة عبر وقفاتها الإحتجاجية بكل العواصم الغربية والتي شكلت ضغطاً على كثير من الدول الأجنبية التي أبدت تجاوباً مع حراكها الثوري، وأردف: هذه الشريحة كان لها دورها البارز في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، واستدرك: كثيرون يرجعون الفضل لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك ولكن أصحاب الجنسيات المزدوجة كان لهم السبق، ومضى: القضاء في أمريكا صلاحياته أكبر من السلطة التنفيذية، عندما نشبت أزمة قضية التفجيرات التي وجهت فيها أمريكا اصابع الإتهام للسودان، تصدى أصحاب الجنسية وكل السودانيون للقضية وشرعوا في مباحثات ومقابلات عديدة مع عائلات واُسر الضحايا وأقنعوهم بضرورة التنازل عن مليارات الدولارات، وشرحوا لهم أن هنالك ضحايا افتراضيون كثر من الأطفال والنساء سيطالهم التشرد حال تمسكهم وتشددهم في الغرامة، واخطروهم أن الرفض يعني قطع الطريق أمام تدفق مليارات الدولارات التي سيتم منحها للنازحين الذين بحاجة للغذاء والدواء بمناطق دارفور والنيل الأزرق، وأردف، الكفاءات من السودانين استطاعوا بثوريتهم ووطنيتهم من دغدغة الجانب الإنساني لكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية، لذلك تراجع مبلغ غرامة السودان من مبالغ تعجيزية الى مبلغ مقدور عليه، استطاع السودان دفعه لاحقاً، وتابع :هذه الشريحة من الكفاءات المهاجرة اكتسبت خبرات عديدة يمكن أن يستفيد منها السودان في كثير من المجالات الصناعية والاقتصادية، كما بالإمكان أن يستفيد السودان من كل كوادره وكفاءاته المهاجرة التي ما يزال الكثير منها يمارس دوره الوطني خلف الكواليس، منوهاً الى أنه ليس من المنطق أو المقبول أن يتم حرمان السودان من كفاءاته بالخارج لمجرد أنهم استطاعوا الحصول على جنسية من دولة اخرى لجأوا إليها بعد أن ضاقت بهم أرض النيلين بما رحبت نتيجة لسياسات قمعية اقصائية مُورست في حقهم وتطاولت لتلحق بأسرهم الفظائع والمواجع .
حكومة حمدوك
المحلل السياسي والأستاذ الصحافي عبدالله رزق رأى أن حمل جنسية دولة ما، يعني غالباً الولاء لهذه الدولة، وهو ولاء لا يقبل القسمة على إثنين، وقال في حديثه لـ(الجريدة): أن بعض الدول لا تقبل إزدواج الجنسية، وأردف: في أجواء إنفاذ إتفاق نيفاشا رفض الشمال مبدأ إزدواج الجنسية بأن يسمح للجنوبيين الذين انفصلوا من الوطن الأم للتو أن يحتفظوا بجنسيتهم بجانب جنسية الجنوب المستقل، ورأى رزق أن تناول المسألة ومعالجتها تختلف من بلد لآخر، لاعتبارات تاريخية أو خاصة، ومضى أن مسألة رفض عديد من الدول تولي مزدوجي الجنسية مواقعاً عليا على مستوى الحكم، ولم يكن الأمر محل جدل في سودان ما قبل الإنقاذ، لكن مع الإنقاذ برز مسؤولون يحملون جنسيات أجنبية، بريطانية، كندية وامريكية، وتابع هؤلاء المسؤولين تولوا وظائف قيادية في الدولة بما فيها الوظائف التي توصف بالحساسة، غير أن الإنقاذيين الذين (كبتوا) حرية الرأي والتعبير لم يسمحوا لتلك الظاهرة أن تكون محل نقاش. وأوضح : بعد اقتلاع البشير في إطار ثورة ديسمبر، وبدء فترة إنتقالية نحو الحكم المدني الديموقراطي، عاد مزدوجو الجنسية لتولي مسؤوليات دستورية في النظام الانتقالي، وهي عودة بررت نفسها بالحاجة للخبرات والكفاءات، والتي تتوفر للمواطنين الذين دفعت بهم ظروف مختلفة للاغتراب وللحصول على جنسية بلد آخر. وقد تم ذلك على حساب كفاءات لم تغادر البلاد وبقيت تمسك جمر القضية وتشارك في النضال من أجل إحداث التغيير الذي تحقق باندلاع ثورة ديسمبر، وهو وجه حمل نوعاً من الظلم الذي وقع على كفاءات الداخل وخبراتها، وتابع رزق: البعض يذهب الى أبعد من ذلك، إذ أن بعض المغتربين وبعض المهاجرين، قد كان دافعهم للهجرة والإغتراب البحث عن حلول فردية لمعاناتهم لما تعيشه البلاد من أزمات، بدلاً من العمل الجماعي المخلص من أجل الخلاص الوطني، وأن منهم من لم يكن له سهم في الثورة أو ولاء لشعاراتها ولأهدافها، وقد أدت إخفاقات حكومة حمدوك الانتقالية الى تضخيم هذه الصورة السلبية عن الكفاءات القادمة من الخارج والتي تحمل جنسيات أجنبية، مما جعل المسألة تحتل موقعا متقدما في أولويات وشروط تكوين أجهزة الحكم في المرحلة اللاحقة، واستدرك: مع ذلك، فإن المجتمع السياسي يتعامل بتساهل مع الأمر وبكثير من المرونة، والتي قد لا تحول بين حامل الجنسية الأجنبية وقيادة حزب وطني، ما يعني أن الموضوع لم يصل لمرحلة أن يستعصى على الحل، على الرغم مما يثيره من حساسيات تبلغ حد الانتقاص من وطنية حاملي الجنسية الأجنبية، ولتفادي أي تصعيد للموضوع في الفترة المقبلة، فإن من المهم أن تتواضع القوى السياسية كافة، على رؤية موحدة لمسألة تولي مزدوجي الجنسية للوظائف القيادية في الدولة، تستوعب ما يحيط بها من تحفظات واعتراضات وحساسيات، لحين صدور تشريع خاص بها من هيئة نيابية منتخبة .
كفاءات الداخل
المحلل السياسي صلاح الدين الدومة رأى أن الجدل المثار حول الجنسية المزدوجة التي تحملها بعض الكفاءات، ينبغي أن لا يكون حجر عثرة أمام تشكيل الحكومة السودانية بكامل طاقمها الوزاري، وأوضح البلاد فقدت عدداً كبيراً من الكوادر الفاعلية في مختلف المجالات نتيجة لسياسات القمع التي انتهجها نظام الإنقاذ في الثلاثين سنة الماضية، وأردف: ينبغي ان لا تكون الجنسية معيار للتمييز بين أبناء الوطن الواحد، ومضى الكوادر الوطنية التي ظلت بالبلاد هي الأخرى لديها من الكفاءة التي تمكنها من إدارة الشأن العام مثلها مثل الكوادر ذات الجنسية المزدوجة، وتابع على الجانبين سواء الجهة التي يقع عليها الاختيار أو الكادر الذي يتم اختياره، ينبغي على الجانبين أن يقدما تنازلات من أجل المصلحة العامة، مثلاً ان يتخلى المسؤول الذي تم ترشيحه عن الجنسية المزدوجة كشرط لقبوله، واستدرك صحيح ان بعض الدول تتمسك بالجنسية الوطنية لكن يبقى الأمر متروكاً لأهل الشأن مع ضرورة أن تكون الأفضلية للكفاءات الوطنية بالداخل .
علاقات اقتصادية
قطع رئيس حزب الأمة القومي اللواء فضل برمة ناصر أن مسألة اختيار رئيس وزراء حديث سابق لأوانه، وأكد ضرورة أن يكون رئيس الوزراء المقترح قادر على معالجة مشاكل السودان خاصة الاقتصادية بجانب أن تكون لديه علاقات خارجية خاصة مع إدارات الصناديق الدولية والإقليمية والبنك الدولي، ورأى أن الحديث عن الجنسية المزدوجة لا يعدو عن كونه حديث (ساي) على حد تعبيره، ومضى: البلاد تمر بأوضاع قاسية من كل النواحي سواء كانت أمنية او اقتصادية، منوهاً الى أن هذه الأوضاع تتطلب أن تتوافر في رئيس مجلس الوزراء المقترح القبول من قبل الشعب بجانب ضرورة أن يكون شخصية مقبولة، و ذات علاقات مع كافة المنظمات الدولية والاقليمية،، وفي رده لسؤال (الجريدة) حول إمكانية عودة الدكتور عبدالله حمدوك لرئاسة الوزراء مجدداً ، أكد رئيس حزب الأمة أن مسألة عودة حمدوك الى رئاسة الوزراء ليست مسألة مرفوضة لكن المعضلة في موافقة حمدوك نفسه.
وظائف سيادية حساسة
القيادي القيادي بحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر أكد أن العديد من الدول الغربية تمنح الجنسيات وفقاً لتشريعاتها وقوانينها التي تسمح بمنح جنسياتها لوافدين من دول اخرى، وقال أن هذه الدول تكون دوافعها في ذلك مرتبطة بجوانب تتعلق بحقوق الانسان، بالمقابل هنالك دول اخرى تتمسك بقوميتها وترفض أن تمنح جنسيتها لغير مواطنيها، وتعليقاً حول قضية منح اصحاب الجنسيات المزدوجة كافة الحقوق القانونية في مسألة الترشح للإنتخابات القادمة، أكد أن على المرشح أن يتنازل عن جنسيته التي إكتسبها من دولة أخرى، وأردف: هنالك وظائف سيادية حساسة ينبغي على من يتقلدها أن يكون سودانياً خالصاً، ونوه عمر الى خطورة المرحلة التي تعيشها البلاد عطفاً على تكالب العديد من الدول الطامعة في تحقيق أجندات خاصة مستغلةً الراهن السياسي السوداني .
الجريدة
يظل الولاء والانتماء للبلد الاصل مهما حصلت على جنسيات دول اخرى – خاصة نحن السودانيين لنا ارتباط وجدانى كبير بالاهل والاصحاب والارض ومسقط الراس ومرتع الصبا – معظمهم دفعتهم ظروف سياسية الى مغادرة السودان – ولكن لم يغيب يوما من دواخلهم – ومنهم من ذهب من اجل العلم وقدمت له كافة التسهيلات للابداع – لماذا لا يستفاد منهم فى رفع الوضع السودانى الاقتصادى والسياسى والامنى والاجتماعى وتاهيل وتدريب اجيال لاستمرار النهضة والتطور .
وزير الخارجية السعودى يحمل الجنسية الالمانية – فى اكثر المواقع السيادية حساسية ولم يتطرق لهذا الامر احد – الانقاذ اعداد كبيره وفى مواقع حساسة كانت تتولى مناصب حكومية – لم يتنكرو لانتمائهم للسودان او عملو ضده لمصالح دول اخرى .