مقالات سياسية

اللعب على حبال الفوضى ..!

قديما كان العالم باسره منصوباً على كفتي ميزان السياسة متوازناً برمانة الحرب الباردة ..فظلت مصالحه مقسمة جغرافيا في كل تضاريسها وملامحها بين قطبي الرحى في الغرب الرأسمالي والشرق الإشتراكي بالتراضي من الناحية المظهرية بينما كان جوهر الصراع الذي احتدم عقوداً يقوم به وكلاء هنا وهناك !
الان تحطم ذلك الميزان لان مهمته قد انتهت حينما انفض سامر ذلك الإستقطاب الثنائي الذي كان يستلب مشروعيته من معاهدات الحرب العالمية الثانية وتوزيع أوراق لعبتها التي اقصت بعض الدول ورمتها في سلة ( البايظ ) ظنا من عمدتي اللعبة أنها لن تقوم لها قائمة ..ولكنها نهضت من كبوتها لتصبح في فترة وجيزة قوة ترتعدلها فرائص الصناعة والمال في أمريكا و الإتحاد السوفيتي الراحل ..فاين اليابان والمانيا والصين الآن ..واين شرقنا الأوسط الذي خرج من وحل تخلفه نسبياً ليعلق كلياً في حبال الفوضى التي نصبها له الكبار..بعد أن سقط العالم من كفتي ذلك الميزان ليصبح متأرجحا في الشد على حبال المصالح المكشوفة التي رمت بعيداعن وترها بغسيل الصراع العقائدي والفكري..بعدأن عاد قياصرة روسيا الجدد في ثوب حداثي وقناع ديمقراطي مفصل على قياسهم ..ليقفوا نداً قاصراً يحاول ان يكسر أنف الفيل الأمريكي الذي تضخم جسده وفقدعقله في غمرة خرفه المبكر !
بينما تطل الإمبراطوريتان العثمانية بعباءتها الإخوانية الفضفاضة الطموح ..والفارسية بوقود حلمها الصفوي وهما تتحركان من خلف الوهم التاريخي بحثا عن زمانهما الآفل في المنطقة من خليجها الى فراتها وحتى نيلها التي باتت تتجاذبه سدود الشفاه المرتوية وتلك الراجفة خوفاً من أن يشققها الظمأ !
الكبار يشدون الحبال من مختلف اطرافها و يتلاعبون بها ارتفاعاً وانخفاضاً ..والطامحون الى العبور من أزماتهم الداخلية بل والذاتية قفزاً عليها من حكام المنطقة المحيطة والمنكوبة بتسلطهم وهم الذين يدفعون ثمن الصوف التي فتلت منه حبال اللعب بهم فتجدهم يستاسدون على شعوبهم ..ولكنهم يتقازمون الى حجم القطط المستأنسة بهزة ذيول الرضاء والتودد الى سادة العالم الممسكون باعناقهم الخانعة..فيسقطون تارة في هذا الطرف الذي يركلهم الى الجهة الأخرى ..حتى أصبحوا كرة التسلية في تلك اللعبة التي تسودها الفوضى ..ولكن أهميتها تكمن في أنها قد أفرزت بين كيمان المغفلين الصغيرة التي تتكالب على أطراف الحبال بهبل الخوف وبين المحركين لها ويستمتعون بغباء من يتساقطون دون وعي أو إدراك تارة في هذا الجانب وتارة في ذلك الطرف وبعضهم يظل عالقاً لاهو قادر على التشبث بها الى مالانهاية ..ولايقوى على ارتطام سقطة جسده بأرضية الصراع أو يملك رأسه المتورم المقدرة على تحمل شلاليت الركل المتتالية !

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..