مصر من مبارك إلى… العسكر مجدداً ؟..مصر لم تعرف كيف تتعامل مع السودان حديقتها الخلفية

انطلق التغيير في مصر. ما جرى ويجري يشبه إلى حد بعيد ما شهدته تونس ولا تزال. يصعب التنبؤ بالنهاية. خروج الناس الغاضبين ليس انقلاباً عسكرياً. النهايات لن تكون متشابهة. ما حدث ويحدث في هذين البلدين الشمال أفريقيين لا يشبه ما قد تواجهه بلدان مرشحة، من الجزائر إلى اليمن مروراً بالسودان… وربما غيرها من البلدان. أسباب الغضب الشعبي تتشابه وتتقاطع. من الفقر إلى البطالة. ومن الكبت والظلم والطغيان إلى اليأس من إمكان الخروج من النفق المظلم إلى فضاء رحب من الحريات والعمل السياسي التعددي وتداول السلطة. لكن ثمة تباينات تتعلق بتاريخ كل دولة وموقعها ودورها، وطريقة بناء مؤسساتها ونظمها، مثلما تتعلق بتركيبة المجتمعات ومكوناتها العرقية أوالقبلية أو الطائفية والمذهبية. ما يعني أن الظروف تتشابه لكن الخواتيم قد لا تتماثل بالضرورة.
لعل القاسم المشترك بين ما حدث في كل من تونس ومصر هو هذا الغياب الفاضح للأجهزة الأمنية وما تلاه من فلتان أمني، أو «فرهود» على ما يقول العراقيون. ما يؤكد أن هذه الأجهزة كان «أمرها اليومي» أولاً حماية النظام السياسي أو الحكم وليس النظام العام، أي المجتمع ومؤسساته ومرافقه. فعندما أصاب الاهتزاز الحكم انفرط عقد الأمن وأجهزته. في تونس حاول رجال النظام إنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد رحيل زين العابدين بن علي، لكن مواصلة التحرك الشعبي، في ظل حياد المؤسسة العسكرية، وضع البلاد أمام مرحلة جديدة وإجراءات ستنتهي بقيام نظام جديد.
أما في مصر فالأمر مختلف. المؤسسة العسكرية هنا لها تقاليدها في الحكم وإدارة العملية السياسية. ثلاثة رؤساء منذ «ثورة يوليو» خرجوا من صفوف العسكر. ولا يعرف اليوم من اتخذ القرار، قرار تعيين اللواء عمر سليمان نائباً للرئيس والفريق أحمد شفيق رئيساً للحكومة المنتظرة. هل لجأ الرئيس حسني مبارك إلى الجيش في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتفادي النهاية التونسية، أم أن المؤسسة العسكرية تدخلت في اللحظة المناسبة لاستعادة قواعد اللعبة من الحكم أولاً ثم من الشارع الذي قد لا يهدأ ما لم يلمس إجراءات فعلية تضع الأوضاع على سكة التغيير، من قيام حكومة إنقاذ موقتة تعيد النظر في الدستور وتوقف العمل بقانون الطوارئ وتشرف على انتخابات برلمانية مبكرة. غير ذلك يعني العودة إلى «عسكرة النظام» واعتماد الحلول الأمنية. لذلك يخشى أن تكون الخطوات التي يتخذها الحكم في القاهرة قد تأخرت كثيراً تماماً كما حصل في تونس.
لا يحتاج المراقب إلى عناء كبير لتلمس الشبه الكبير للعوامل التي أدت إلى الغضب الشعبي في كل من تونس ومصر، على رغم اختلافات في الظروف والموقع الجغرافي والدور التاريخي والحجم السكاني لكلا البلدين. الدكتور محمد البرادعي، أحد قادة حركة التغيير الحالية والذي طرح نفسه بديلاً لمرحلة انتقالية، كتب قبل شهر ونيف مقالة في «واشنطن بوست» أوجز فيها ببساطة ما تجهر به دوائر المثقفين والفاعليات في مصر. لم يتوقف طويلاً أمام ما سماه مهزلة الانتخابات الاشتراعية الأخيرة التي لم يجد خلالها الحزب الحاكم حرجاً في الاستئثار بكل المقاعد تقريباً، معتمداً على الوسائل المعروفة. وأشار إلى الرئيس الذي يتمتع بـ «سلطات استبدادية»، وإلى استحالة وجود مرشح مستقل في انتخابات الرئاسة بفعل التعديلات الدستورية وما فرضته من قيود وشروط تعجيزية.
تحدث عن «قمع الإعلام» والغياب الحقيقي للتعددية الحزبية. وعن قانون الطوارئ الذي يسمح للرئيس بتعطيل الحياة الدستورية. وعن البرلمان «المنتخب نظرياً» لأن الرئيس أيضاً يختار عملياً نحو ثلث أعضائه. وفي حين أن الأقباط يمثلون نحو عشرة في المئة من مجموع السكان فإن مقاعدهم في البرلمان ثلاثة فقط! وأشار إلى النظام القضائي القائم «نظرياً»، ولكن لا قيمة لأحكامه إذا تعارضت مع سياسة الحكومة. ونبه إلى الفجوة التي اتسعت بين الفقراء والأغنياء، وإلى «اختفاء الطبقة الوسطى تماماُ»، على رغم ما شهدته مصر من نمو اقتصادي في العقدين الأخيرين. ولا حاجة طبعاً إلى التذكير بالمعدلات المرتفعة للفقر والأمية، وبأحياء الصفيح التي تحيط بالقاهرة وبسكان المقابر!
كل ذلك والنظام منشغل بسبل حماية نفسه وبحكاية التوريث، ومحاربة قوى المعارضة وعلى رأسها «الأخوان المسلمون». غاب المشروع الرسمي للدولة. فلا برامج ولا مشاريع تستجيب مطالب الناس وحاجاتهم، فتربطهم إليها في الدفاع عن المكتسبات. وهو ما يشكل رافعة للدفاع عن النظام. واكتفى بشروط المساعدات الأميركية ما دام أميناً على شروط المعاهدة مع إسرائيل. فكان طبيعياً أن تنفجر القنبلة الموقوتة، وأن يخرج الناس للمطالبة بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية وبنظام مساءلة وشفافية، وبديموقراطية وحريات حقيقية.
غير أن ما يعطي التطورات في مصر وتداعياتها هذا البعد الإقليمي والدولي، إن هذا البلد محوري على مستويين، أفريقي وشرقي أوسطي. وكل تغيير جذري فيه يستدعي بالضرورة تغييراً في المعادلات الإقليمية والدولية أيضاً. لقد ألف النظام الدولي انكفاء مصر، بل عمل على ذلك. انعزلت إلى الداخل مخلفة فراغاً خطيراً في محيطيها الأفريقي والآسيوي سمح للآخرين بالسعي إلى ملئه. لذلك كانت ولا تزال أحد العناصر الرئيسية للتراجع العربي العام. ألم يدع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، في قمة ليبيا أوائل العام الماضي، إلى إقامة «رابطة دول الجوار»؟ تخلت مصر عن دورها الريادي. لو كانت تقود دول الجامعة في مشروع سياسي واقتصادي يحظى بالتفاف الدول العربية لما كانت هناك حاجة إلى أن يحاول بعض العرب الاستعانة بتركيا وثقلها لموازنة استقواء عرب آخرين بدور إيران وثقلها.
غابت القاهرة كلياً عن كونها عاصمة عربية كبرى في عصر العولمة وثورة المعلومات. لذلك حاولت عواصم لم تألف في تاريخها أداء دور رائد وقاطر لدول الجامعة إلى محاولة لعب دور يتجاوز قدرتها وأدواتها. كان غياب مصر لسنوات في فضائها الأفريقي فاضحاً وصارخاً. فلا هي استطاعت أداء دور في تسوية أزمة لوكربي التي نشبت بين ليبيا وكل من بريطانيا والولايات المتحدة. فكان أن انتظرت طرابلس تسوية صاغتها جنوب أفريقيا نلسون مانديلا والمملكة العربية السعودية. ولم تمارس دوراً يذكر في منع ما عاناه ويعانيه الصومال. حتى أن تركيا البعيدة عن القرن الأفريقي نظمت المؤتمر الدولي الخاص بإعادة إعمار هذا البلد. ولا عرفت كيف تتعامل مع السودان حديقتها الخلفية. السودان الذي كانت إلى منتصف خمسينات القرن الماضي تتشارك مع بريطانيا في إدارته. لم تعرف كيف تساعده على المحافظة على وحدته. فهذا جنوبه ينفصل. وهذه دارفور وربما غداً مناطق أخرى تنحو نحوه. وهو ما يترك آثاراً كارثية على القاهرة. تكفي مشكلة مياه النيل وحدها. فدول المنبع تجرأت وتوافقت على إعادة النظر في توزيع مياه هذا النهر الذي صنع تاريخ مصر، قديمه وحديثه.
أما في الفضاء العربي فحدث ولا حرج. وقفت مصر عاجزة عن وقف المصير الذي انزلق إليه العراق منذ مغامرة احتلال الكويت إلى الحصار المدمر لهذا البلد أرضاً وشعباً، إلى الحرب الأميركية – البريطانية على بغداد التي خلت الساحة فيها لإيران وتركيا وغيرهما. لم يكن العراق تاريخياً البوابة الشرقية للعالم العربي. كان عبر التاريخ القديم والحديث أيضاً حدود صراع الامبراطوريات والثقافات والمصالح، أي بوابة إلى النفوذ الفرعوني. كانت مصر القديمة تهب نحو شرقها الآسيوي كلما تمدد النفوذ الفارسي نحو شاطئ المتوسط، لتدافع عن فضائها السياسي والاقتصادي وأمنها الاستراتيجي. فأين القاهرة من هذا اليوم؟
وليس أدل على تراجع الدور المصري من المأساة التي تعانيها غزة. فهل يعقل ألا تتمكن القاهرة طوال ثلاث سنوات ونيف من دفع الأطراف الفلسطينية المتنازعة إلى المصالحة؟ لئلا نشير إلى ما يقلقها، أي مرابطة الفصائل الحليفة لطهران على حدودها مع القطاع! بعد هذا هل يجوز البحث طويلاً عن سبب مسيرة الإجهاز على القضية الفلسطينية؟ انكفأت مصر عن دورها منذ زمن. وظلت إلى وقت قريب تمارس ما يشبه «المهمات» في إطار رغبات دولية، أميركية أو أوروبية. ولكن حتى هذه المهمات لم تعد تجد القدرة على أدائها. ولا حاجة إلى مقارنة ما كان لها قبل نصف قرن، من أعماق أفريقيا إلى حدود العراق مروراً ببيروت ودمشق… وصنعاء!
لذلك إن التغيير القادم في مصر لا يستدعي خلية أزمة في واشنطن وحدها. يستدعي خلية أزمة في كل العالم العربي وفي إسرائيل ودول الجوار الإقليمي كلها. نحن أمام تغيير في خرائط التحالفات والاستراتيجيات… إلا إذا اكتفت مصر بالخروج من حضن النظام الأمني إلى النظام العسكري لا المدني.
جورج سمعان
دار الحياة
سبحان الله ذكرني ما يحدث الان في مصر بتداعيات لقاء مصر والجزائر بامدرمان ورغم تعاطفي مع ما يحدث الا انه تمثل الي كل التهم والاهانات التي كالها اعلام مصر للسودان بدأ من الاستهزاء بمطار الخرطوم الي الادعاء بغياب الامن ووصفه بالمرتشي وما نلاحظه الان هو ما وصفه اعلام مصر للسودان غياب الامن وهشاشته وضحالة الاعلام وغيابه التام والوطن في امس الحاجه اليه ايضا تواتر الدول الخارجية لنقل رعاياها من مصر لضعف الامن وتساءلت اين ابراهيم حجازي ليفتح الخط الساخن في جبهة امدرمان ونداءه بارسال الجيش المصري لحماية المصريين في السودان لفشل الامن السوداني فليقوم الان جيش مصر بحماية المصريين من بعضهم البعض في عقر دارهم وباعادة النظر لما يحدث في مصر الان فهو بكل المقاييس كارثة حقيقية تدل علي ضعف الامن بكل قياداته والغريب تولية طنطاوي للقيادة رغم كبر سنه الواضح للعيان والجواب اكفيك عنوانو ومصر علي مرمي حجر من اسرائيل كيف يكون امنها بهذا الضعف حتي يفر المساجين من السجون ويزيدو الطين بلة واذا كان فرارهم تم عن قصد فتلك هي الطامة الكبري والتي تعكس ان البلد يدار باسلوب عمد الكفور والنجوع الذين يستعينون بالاولاد الليل وقطاع الطرق واللصوص علي الاهالي مما يضع القيادة في مكان عصابات غير مؤهلة لادارة دفة الحكم نحن نأسف لما يدور في مصر ويجب علينا اخذ العظة والاعتبار بتقوية الجيش والشرطة ليس بغرض حماية النظام من المواطن ولكن بغرض حماية الوطن من الاعداء الخارجيين وهو الاهم
I AM SURE THAT THE AMERICANS ARE COOKING SOMETHING FOR EGYPT
THEY ASKED MUBARAK TO STAY UNTIL HE MAKE SURE THAT THE FANATICS DO NOT COME TO POWER.