التعليم التقني..القرار الخاطئ

التعليم التقني..القرار الخاطئ
عبد الرحمن الأمين
النظرة التربوية السليمة، تؤكد دائما أن أي قرار تربوي وتعليمي مهما كانت وجاهته وصوابيته وصحته، ينبغي ألا يتضرر منه الطلاب وأسرهم، وألا يخلف ضررا نفسيا وألا يترك أثرا على مستقبلهم وحاضرهم، هذه بدهية من البدهيات، وجب مراعاتها وهي قطعا مركوزة في ذاكرة وذهنية متخذي القرار، ومعاونيهم ممن يرفدونهم بالمقترحات.
الذي دفعنا لهذه المقدمة وتأكيدها والحرص عليها، هو القرار الصادر من هيئة التعليم التقني البرنامج التأهيلي، والذي قضى بعدم استيعاب خريجي المدارس الصناعية في الكورس التأهيلي، وقصره على طلاب المدارس الحرفية ومدارس التلمذة الصناعية، هذا القرار انسحب تطبيقه على الملتحقين بكلية الشيخ عبدالله البدري ببربر، ولعل القارئ قد لا يجد الى هنا غرابة أو مفارقة في انسحاب القرار على الكلية والمنتسبين إليها، ولكن وجه الغرابة والمفارقة يبدو حين نعلم أن هؤلاء المنتسبين التحقوا بالكلية منذ ديسمبر من العام الماضي وظلوا طوال هذه الفترة عاكفين على الدرس، وكانوا سيخضعون للامتحان النهائي في شهر يوليو القادم، لولا أن الهيئة قطعت عليهم الطريق بخطاب تسلمته إدارة الكلية الشهر الماضي فقط، قضي بحرمانهم ليس من الامتحان فحسب، وإنما حتى من الالتحاق مستقبلا، وعندما ردت إدارة الكلية أنها لا تملك إلا الترحيب بالقرار، فقط ترجو تأجيل تطبيقه حتى لا تضار الدفعة الحالية، لكن مجلس التعليم التقني رفض التأجيل، ووجه بتطبيق القرار بصرامة وحرمان الطلاب من الامتحان الذي يفصلهم عنه شهر ليس إلا.
اتصلنا بإدارة الكلية التي أبدت حسرتها مثل أولياء الأمور، وأكدت أنها لم تتجاوز القانون وأنه في ظل الإجراءات التي كانت قائمة، كان لها الحق كل الحق في استيعاب الدفعة، وبتقديرنا نحن لا بتقدير الكلية فإن القرار يعد معيبا في توقيته، إذ لم يراع الشهور التي انصرمت، ولم يكن هناك من ضرر لو تأخر تطبيقه لعام قابل.
نتوجه بنداء صادق وإنساني، لهيئة التعليم التقني وللقائمين على أمرها باستثناء الدفعة الحالية وتقدير الأمور بقدرها، ولا يمكن للطلاب أن يتحملوا خطأ وصول الخطاب متأخرا لإدارة الكلية، ثم نسأل ما الضرر الذي سيترتب لوتم استثناء هذه الدفعة، ونمضي أكثر أن أثرا إيجابيا كبيرا سيتحقق، لو أن الهيئة استثنت هؤلاء وسمحت لهم بالجلوس للامتحان.
حري بالهيئة أن تعمد الى حل القضية من تلقاء نفسها، وألا تضطر الأسر الى الاستنجاد بالصحافة وبالمرجعيات العليا، وعليها ألا تكون أسيرة البيروقراطية والروتين الحكومي والتمسك بهيبة الموقع وبضرورة إنفاذ القرار مهما كان وقعه ظالما، وعليها أن تدرك معاني العدل وأن تنظر مليا في قول الفاروق العادل حين قال وهو يوصي قاضيه (لئن تخطئ في العفو خير من أن تخطئ في العقوبة).
ولعل القيمة التربوية للعدل أكثر وقعا في النفس من إنفاذ قرار متفق على خطل توقيته، لو أن الهيئة بعثت بمندوب الى الكلية لأدركت أنها صدمت كثيرين، وأو قعت الكلية في حرج مع عديدين، ولاستبان لها أن تمضي في إحقاق الحق خير من أن تتمادى في تطبيق القرارات المجحفة والصادمة والظالمة.
صحيفة الحقيقة