نريد وزراء يكونوا أعداءا!!

(1)
عند نهاية كل عام، كنا نشاهد الاستاذ الطاهر عبدالقيوم، المراجع العام لجمهورية السودان، وقد تأبط تقريره السنوي، لحالات الفساد والاعتداء على المال العام والتحرش به، وقدمه للبرلمان، فيقوم البرلمان الوطني(الكيزاني) ويكلف نفسه فوق طاقتها ويضع تقرير المراجع العام، في مكان بارد وبعيداً عن متناول الاعلام، ولا أعرف هل السيد الطاهر عبدالقيوم، موجود في منصبه ام غادره؟واذا كان موجودا، فلمن يقدم تقريره السنوي؟ لمجلس السيادة أم لمجلس الوزراء أم لمجلس البرامكة، عفواً أقصد مجلس الشركاء!!!
(2)
قدم لي صديقي (كاس العرقي)والعرقي لمن لا يعرفونه من الذين لا يعرفون العامية السودانية، التي هي اقرب للعربية الفصحى، العرقي هو مشروب مسكر يصنع من البلح أو الذرة أو الجوافة، ونحيط سعادتكم علماً بأن هذا الصديق حكى أن هناك عرقي جديد، تتم صناعته (رجاءً لا تستغرب أو تعمل مدهوش) من (البمبرز)!! وصديقي عندما حكى لي عن هذا النوع من العرقي، كان في قمة الوعي، وامتنع عن ذكر طريقة صناعة ذلك العرقي، كما ذكر أن بعض(ستات العرقي) يقمن بإضافة بعض الأدوية (بشرية وحيوانية) لمنتجهم حتى يحظى بالقبول والرضا!! ولما قدم لي (كأس العرقي) قلت له: شكرا أنا ما قاعد أشرب، ومع أن صديقي يراني في اليوم أكثر من مرة، فقال (عليك الله وشك دا ما وش عرقي، وكمان عيونك الحمر ديل عيون زول خبير في العرقي)، فقلت أنا ما قاعد أشرب، مش عشان أن تقي وورع وأقيم الليل، وأمشي العمرة مرتين في السنة، وأحج كل عام، كما كان يفعل (مشير الفساد والفاسدين، المخلوع البشير وأصحابه ) ولكني جربته مرة، فوجدته مر، واكتفيت من مرارته، بمرارة مشاركة العسكر في الحكومة المدنية، ومنح أنفسهم حق التمتع بكل خيراتها، ولكن الشيء الأمر من (العرقي) هو استحواذ العسكر على كثير من مفاصل الاقتصاد الوطني، وتجيرها لمصلحتهم، ثم صرفهم رواتبهم الشهرية ومخصصاتهم من وزارة المالية!! فهذا الأمر أمر من طعم العرقي!!
(3)
في العهد البائد، نعترف اننا فشلنا ذريعاً، ولم نعثر على وزراء أو ولاة يكونون اعداءً لنا رجاء لا تلفح الكلام وتجري، كما جرى أحد الوزراء الانجليز، عندما أراد الدخول الى مبنى الحكومة البريطانية وعلم أن هناك وزراء أصيبوا بكورونا فأطلق ساقيه للريح!! وفي الحكومة المدنية الثانية من حكم ثورة ديسمبر المباركة، علينا أن نبحث وبدقة شديدة عن وزراء يكونوا اعداءً وليسو أصدقاء!! فعلياً البحث عن وزراء يكونوا أعداء للمحسوبية والمحاباة، واعداء الرشوة وأكل أموال الناس بالباطل، واعداء للبروقراطية، واعداء لتعطيل وتأجيل عمل اليوم إلى الغد، ومثل هؤلاء الوزراء الأعداء لكل ماهو معيق للتقدم البلاد والعباد، يجب أن بكونوا أساسيين في التشكيل الوزاري القادم، والاصدقاء البررة لكل الآفات التي ضربت الخدمة المدنية في مقتل، علينا أن نركلهم وراء ظهورنا!!!
الجريدة