مقالات وآراء سياسية

تنابلة القتل وتمزيق البلاد

احمد الفكي

 

البرهان لا يحلم باكثر من تنابلة يدعون المعرفة والوطنية فيهللون باسمهما لكل خطواته التي يفرضها عليه واقع مركب. لقد بدأ الأمر بالقفز في سريره واعتماده حليفا بديلا للشارع من مستشاري وقادة ومنظري فترة الانتقال المزعوم وانتهي الأمر ولم يتوقف عند عمله علي العودة الكاملة للنظام الذي ثار شعبنا ضده وابعده عن سدة الحكم ولم يبعده عن قيادة البلاد.

ولسوء حظنا وحسن حظه فهناك المئات من التنابلة الذي يقدمون انفسهم لخدمة مشروعه.

 

نعود الي نقطة البداية فوق أشلاء وطن ممزق ونسيج اجتماعي اكثر تمزيقا. نعود وقد كشفت الحرب مقدرات ساستنا ومثقفينا ومعظم الأكاديميين في بلادنا. لقد وقفوا عراة كما ولدتهم أمهاتم امام شعبنا إلا من بعض الألقاب التي توصف ما احرزوه علي مقاعد الدراسة ولم يعوا تطبيقة علي ارض الواقع.

نري من كنا نظن انهم اهل فكر وهم يستشهدون بأقوال قائد كتيبة البراء بن مالك الذي يرفع إصبعه للسماء، تماما كما رفعها لصوص الانقاذ قبله وهم يرددون هي لله ويعنون اله المال والفساد بكل اشكاله وألوانه ، وهو يتوعد بقتل وجز عنق كل من يختلف معه.

لقد كشفت هذه الحرب ان الاخلاق لم تعد بعدا هاما في ممارسات معظم من يدعون الانتماء الي الثقافة وحمل هموم الوطن والمواطن، والا كيف يضع مثقف يده في يد حميدتي او البرهان وكلاهما قاتل خاض ويخوض في دماء شعبنا المغلوب علي امره.

لقد اكدت هذه الحرب ان هناك جيوشا من الانتهازيين الذين يعيشون تحت ظلال ديمقراطيات الغرب وينعمون بكل خيراته، يعملون وبهمة لمساندة القتلة والمجرمين في بلادنا ولحكم شعبنا.

ان نتوحد كمدنيين وان نتفاوض مع من يحملون السلاح لايقاف هذه الحرب لهو امر يختلف عن مناصرتهم والاصطفاف مع احدهم. نشهد اليوم كما شهدنا في الماضي، كيف يتم تحويل وتحوير اللغة فيسمي الانقلاب علي ارادة شعبنا بحرب الكرامة وتسمي دولة الامر الواقع دولة موسسات! اية كرامة واية موسسات!

 

يمتليء فضاء الوطن بالارهابيين واللصوص واخطر منهم دعاة الصحافة والوطنية والعلم الذين يعيش بعضهم منعما تحت ظلال ديمقراطيات بريطانيا او كندا او مريكا ويسخرون جهدهم ووقتهم الشاسع كارض السودان الي الترويج لمشروع لا تهمهم نهاياته الحالكة الظلام. لديهم الوقت لينصرون القاتل والمجرم والمغتصب علي شعبهم وليس لديهم الوقت للتفكير في نهايات ومآلات هذا المشروع المخيف الذي يجري علي ارض الواقع. انهم يعيشون اللحظة، لحظتهم التي تختلف عن واقع شعبنا وعذابه المستمر وبلا نهاية حتي هذه اللحظة.

لقد كشفت هذه الحرب من كنا نظن انهم علماء كل في مجاله وهم يقفون في صف الموت والدمار بحجة الوقوف مع جيش الوطن. وهل الوطنية ان تقف مع احد القتلة؟ هل الوطنية ان تسخر وقتك وجهدك للانتصار لاحد القتلة وانت تعلم ان الخاسر الوحيد هو شعبنا وهو بلادنا التي ركضت وتركض الي العصر الحجري او قبل اكتشاف النار منذ ان نالت بلادنا استقلالها، مرورا بمشروع الهراء الحضاري وحتي هجوم الاستهبال السياسي علي ثورة ديسمبر المجيدة.

فخلف كل اردول جيش من الإرادلة وخلف كل يونس في ايام الإنقاذ الاولي جيش من الحكامات الإلكترونيات الذين يسخرون أصابعهم الناعمة علي شاشات هواتفهم الذكية، في مدح الحرب وذم من لا يمدحها.

لقد اكدت هذه الحرب ان الاحزاب المغلقة في اقصي اليمين وأقصي اليسار تتفق في نظرتها للإنسان السوداني الذي يعلمون مصلحته ويقودونه الي جنتهم رغما عن انفه. لقد شهدنا اليمين واليسار علي سرير واحد ينعم باحضان لجنة البشير الامنية .

 

لقد حذر العقلاء في وطننا من خطر الحرب وحذروا من صعوبة ايقافها ان اندلعت وحذروا من الخراب والدمار الذي ستحدثه. في كل صعوبة فرصة او فرص لخلق واقع جديد ولكن خلق هذا الواقع لم ولن يتم بالطريقة التي يعمل بها الخيرون من بنات وابناء شعبنا وهذا موضوع لمقال آخر ان سمح الوقت. طريقة العمل التي ستغير واقعنا تقوم علي العمل الجماعي الذي لا يحتكره احد، العمل الجماعي الذي تقوم وحدته علي الاختلاف والاتفاق غير المبكر ولا المتعجل لما يقدم حلولا لمشاكل وازمات بلادنا. الاحتكار وادعاء امتلاك الحلول يشكل وقودا لحرب الكرامة المزعومة ويطيل معاناة اهلنا.

 

كل ما يتمناه المرء ان نكون قد وصلنا الي القاع وليس هناك أميال اخري للسقوط العمودي.

 

 

[email protected]

تعليق واحد

  1. هذه الحرب كشفت لنا الكثير و كشفت لنا من يزعمون أنهم معارضين للجيش كم هم رخيصين باعوا أنفسهم في سوق النخاسة الإماراتي…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..