أخبار السودان

واشنطن والخرطوم.. خيارات جديدة للتفاوض

يواجه السودان ضغوطاً أميركية متزايدة من أجل التطبيع مع إسرائيل، شرطاً لرفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لكن الخرطوم لازالت تتمسك بالفصل بين الملفين.

ملف التطبيع مع إسرائيل، كان على طاولة المباحثات التي شهدتها العاصمة الإماراتية أبوظبي، منذ أسبوعين، بين الجانبين الأميركي والسوداني، بحضور رئيس المجلس السيادي السوداني، عبد الفتاح البرهان، والتي استمرت 3 أيام، وتناولت عدداً من القضايا.

ربطت الخرطوم موافقتها على التطبيع بشروط عدة، من ضمنها رفع اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والحصول على دعم أميركي يصل إلى 7 مليارات دولار، بالإضافة إلى ضخ استثمارات أميركية وعربية في السودان خلال الفترة الانتقالية.

الجمود سيد الموقف
مصدر سوداني مطّلع قال لـ”الشرق”، إن الجمود هو سيّد الموقف في المفاوضات بين الخرطوم وواشنطن، بشأن حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والتطبيع مع إسرائيل.

وأوضح المصدر، أن المباحثات بين الطرفين في حالة “جمود تام”، مستبعداً انعقاد جلسة محادثات مباشرة خلال الأيام المقبلة، حول حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مقابل التطبيع مع إسرائيل، مضيفاً “ربما ضاعت فرصة السودان”.

وأشار المصدر إلى أن الإدارة الأميركية رفضت الشروط التي وضعتها الخرطوم حول الفصل بين حذف اسم السودان من قائمة الإرهاب، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس الانتقالي في السودان لدى وصوله الخرطوم بعد انتهاء المباحثات الأميركية في الإمارات – الشرق
عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس الانتقالي في السودان لدى وصوله الخرطوم بعد انتهاء المباحثات الأميركية في الإمارات – الشرق
نقاش مجتمعي
وفي 26 سبتمبر الماضي، قال رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، إن بلاده “لا تريد ربط حذف اسمها من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، بتطبيع العلاقات مع إسرائيل”.

وأضاف لدى مخاطبته المؤتمر الاقتصادي الأول بالخرطوم، أن “السودان أبلغ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال زيارة الشهر الماضي، بأن “من الضروري الفصل” بين الأمرين، مشيراً إلى أن ملف العلاقات مع إسرائيل “يحتاج إلى نقاش مجتمعي متعمّق”.

وتقود الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، جهوداً كبيرة للخروج من القائمة الأميركية، تضمنت التوصل إلى تسوية قضت بدفع تعويضات لضحايا المدمرة الأميركية “يو إس إس كول”، والتوافق على دفع تعويضات لضحايا تفجير السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام.

وخلال الأشهر الماضية، رفع البلدان مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى درجة “سفير”، واعتمدت الإدارة الأميركية نورالدين ساتي سفيراً للخرطوم في واشنطن، فيما ينتظر أن تختار الولايات المتحدة دبلوماسياً ليشغل منصب سفيرها في السودان.

رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك يخاطب المؤتمر الاقتصادي الأول بالخرطوم- 26 سبتمبر 2020 – وكالة الأنباء السودانية
رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك يخاطب المؤتمر الاقتصادي الأول بالخرطوم- 26 سبتمبر 2020 – وكالة الأنباء السودانية “سونا”
“مساومة أميركية”
وتعقيباً على الجمود الذي يسود المفاوضات بين أميركا والسودان، قال أستاذ العلوم السياسية بـ”جامعة الخرطوم”، صلاح الدومة لـ”الشرق”، إن “الخيار الأفضل للسودان، هو عدم التطبيع مع إسرائيل، فأميركا تساوم، ولن تقدم للسودان شيئاً مقابل هذه الخطوة”.

وأضاف الدومة، أن على الخرطوم أن ترفض “الابتزاز الأميركي”، على حد وصفه، فالسودان لبى كافة الشروط المطلوبة لرفعه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وعلى رأسها التعويضات.

وشدد الدومة على أن “الإدارة الأميركية، وعدت في كثير من المرات الخرطوم برفع اسمها من قائمة الإرهاب، لكنها تماطل في هذا الملف، وتختلق شروطاً جديدة كل فترة”.

وأوضح الدومة أن السودان يحتاج إلى سياسة خارجية، لم تعتمد على القطب الواحد، فهناك دعم أوروبي كبير للثورة السودانية، ورغبة في تحقيق شراكة فاعلة مع السودان.

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك يستقبل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو -25 أغسطس 2020 – AFP
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك يستقبل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو -25 أغسطس 2020 – AFP
خيارات السودان الأخرى
وأشار الدومة إلى أن أوروبا الغربية ستكون خيار السودان الأول، إذا استمرت الممطالة الأميركية بشأن دعم الخرطوم في الفترة المقبلة.

وألمح إلى أن عواصم أوروبا الغربية لديها وجهة نظر مغايرة، تجاه الملف السوداني، تختلف كثيراً عن نظرة واشنطن التي لا زالت تتعامل مع الخرطوم من منطلق “التلّويح بالعصا”.

وكان كبير مستشاري رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الشيخ الخضر صرح لصحفية “التغيير السودانية”، أن حمدوك يستعد لزيارة مرتقبة إلى الصين في الفترة المقبلة لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين.

ويرى الدومة أن العلاقات مع الصين، يجب أن تخضع لمبدأ “الندية والمصالح المشتركة، فلا يجب أن “تنجرف الخرطوم إلى تعاون مع بكين، يرغمها على تقديم تنازلات، تتعلق بمشاريع اقتصادية استراتيجية في السودان”.

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك يخاطبان وسائل الإعلام في ببرلين – REUTERS
المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك يخاطبان وسائل الإعلام في برلين – REUTERS
الأثر الاقتصادي للعقوبات
وحول الآثار الاقتصادية للجمود التفاوضي بين الخرطوم وواشنطن، قال المحلل الاقتصادي خالد سعد، إن “الخذلان الدولي والإقليمي تجاه السودان، يستمر منذ اتفاقية نيفاشا التي أنهت الحرب في جنوب السودان عام 2005″، لافتاً إلى أن “الحصار الاقتصادي” الذي يتعرض له السودان ساهم في زيادة نسبة الفقراء في البلاد، بحسب تعبيره.

وأشار سعد إلى أن تأخر خطوة رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، سيساهم في تأزيم الوضع الاقتصادي في البلاد، الذي يعاني من تشوهات هيكلية كبيرة.

وأضاف سعد، أن “العقوبات المفروضة على السودان، تُكلف البلاد ما يقارب مليار دولار سنوياً، نتيجة للجوء الخرطوم إلى الطرق التجارية غير المباشرة في العالم، نظراً لعدم قدرتها على التعامل مع البنوك الدولية بصورة طبيعية”.

وشدد سعد على أن استمرار العقوبات يُسهم في حرمان السودان من أهم “روافع الاقتصاد، وهي العلاقات الاقتصادية الخارجية، متمثلة في الاستيراد، التحويلات المالية، والبنوك الدولية”.

سودانيون يصطفون أمام المخابز في العاصمة الخرطوم – REUTERS
سودانيون يصطفون أمام المخابز في العاصمة الخرطوم – REUTERS
حلول اقتصادية
وربط سعد بين استمرار العقوبات الأميركية، واتجاه الحكومة السودانية لرفع “الدعم السلعي”، قائلاً إن “رفع الدعم السلعي في هذه الظروف الاقتصادية، من دون توفر دعم دولي، سيكون خطوة قاسية على الفقراء في السودان”.

وأشار إلى أن استمرار العقوبات الأميركية، يُساهم في شلّ قدرة الاقتصاد السوداني على بناء شبكة رعاية اجتماعية للفقراء، في ظل اتجاه الحكومة الحالية لخطوة رفع الدعم استجابة لـ”وصفة البنك الدولي”.

وشدد سعد، على أن “رفع الدعم، هو جزء من الإصلاح الهيكلي للاقتصاد السوداني، لكنه يحتاج إلى توفير مظلة رعاية اجتماعية تشمل الفقراء، وتوفر احتياطات من النقد الأجنبي في السودان، بالإضافة إلى علاقات خارجية توفر الاستثمار”.

ويعرقل إدراجُ السودان في القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، حصولَه على تمويل ومساعدات أجنبية لدعم اقتصاده.

وأدرجت واشنطن السودان في قائمتها في عام 1993، على خلفية استضافة نظام الرئيس السابق عمر البشير لزعيم “تنظيم القاعدة” أسامة بن لادن، وهو أحد أبرز أسباب العزلة التي تعانيها الخرطوم مع دول عدة.

وفي عام 2017 رفعت الإدارة الأميركية عقوبات اقتصادية وتجارية كانت فرضتها على السودان منذ العام 1997، غير أنها أبقت عل اسمه في لائحتها للدول الراعية للإرهاب.

‫2 تعليقات

  1. ملدوغ الدبيب بخاف من مجر الحبل

    أمريكا فصلت الجنوب بدون مقابل .. وتعمل الآن لفصل جبال النوبة والنيل الأرزق

    السودان أوفى بكل الشروط لرفع إسمه من قائمة الإرهاب .. وهسع طلعت بموضوع تعويضات السفارتين .. وبعده على طول مشت لتفجيرات سبتمبر

    هسع طلعت بموضوع التطبيع .. وكما دايراهو بدون مقابل … لو ما واقفت على الشروط مقدما ظو فيها … وكما ياريت بعد ما توافق السودان يعمل رايح

    أقول للحكومة كانت الزول مات بعزة وأبرك ليهو يموت واقف …

  2. امريكا لن ترفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب سواء طبع السودان مع اسرئيل ام لا , قائمة شروط امريكا لرفع السودان من قائمة الاهاب هي قائمة لا محدودة وفي كل يوم يضاف لها بند جديد والغرض من ذلك ابقاء العقوبات على السودان مستمرة والابقاء على السودان في هذه الوضعية وتازيم اوضاعه السياسية والاقتصادية حتى يحين الوقت المناسب حسب ما تراه امريكا للافراج عن السودان والسبب في ذلك هو ان امريكا تعتير ان ثروات السودان وموارده البكر هي بمثابة احطياطي للاجيال الأمريكية القادمة حيث ان هنالك دراسة قامت بها احد المراكز المتخصصة في ابحاث الغذاء في امريكا في العام 2015 توصلت الى ان العالم سيشهد مجاعة في العام 2022 وان المخرج الوحيد من هذه المجاعة يكمن في استغلال موارد افريقياالبكر غير المستغلة وخصوصاً السودان حيث توصلت الدراسة الى ان السودان حتى الان يستغل فقط 7% من موارده الطبيعية المتمثله في الاراضي الصالحة للزراعة والمياه المتوفرة وان الباقي 93% غير مستغل لذلك اذا رفعت القعوبات واذيلت كل العوائق عن السودان فإنه سينطلق في مجال التنمية خصوصاً مع وجود هذه الحكومة العازمة على النهوض الاقتصادي بالبلاد وسيستغل موارده ال 93 % المتبقية وبذلك لن يتبقى شي ترثه الاجيال الأمريكية القادمة لذلك بنيت الاستراتيجية الامريكية في التعامل مع السودان على ضوء هذه الحقائق وبالتالي تقرر ان لا يرفع السودان من قائمة الارهاب وان تظل الضغوط والعراقيل الامريكية والاسرائيلية موجودة على السودان لحين اشعار اخر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..