بين ليبيا والسودان .. واشنطن تشن حرباً واسعة ضد “فاغنر”

ترجمة – الديمقراطي
أشار تقرير حديث بوكالة (أسوشيتد برس) إلى تصاعد الجهود الأمريكية لطرد مجموعة (فاغنر)، وهي شركة عسكرية خاصة تربطها علاقات وثيقة بالكرملين، من ليبيا والسودان، اللذين تعمهما الفوضى، ويشهدان نشاطاً مكثفاً للمجموعة، حسب ما قال مسؤولون إقليميون لـ (أسوشيتد برس).
ضربات واسعة

تأتي هذه الجهود الأمريكية في الوقت الذي تقوم فيه إدارة الرئيس جو بايدن بضربات واسعة النطاق ضد مجموعة المرتزقة، حيث فرضت واشنطن عقوبات جديدة على مجموعة (فاغنر) في الأشهر الأخيرة، بسبب دورها في حرب أوكرانيا.
وتعمل إدارة بايدن منذ أشهر مع مصر والإمارات للضغط على القادة العسكريين في السودان وليبيا لإنهاء علاقاتهم مع الجماعة، وفقاً لما ذكره مسؤولون ليبيون وسودانيون ومصريون، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخول لهم مناقشة القضية مع وسائل الإعلام.
وقال مسؤول حكومي مصري مطلع على المحادثات: “المسؤولون الأمريكيون تنتابهم هواجس من فاغنر، إنها على رأس كل اجتماع”.
ولا تعلن المجموعة عن عملياتها، لكن وجودها معروف من التقارير على الأرض، وغيرها من الأدلة. ففي السودان، كانت مرتبطة في الأصل بالرئيس المعزول، عمر البشير، وهي تعمل الآن مع القادة العسكريين الذين حلّوا مكانه. وفي ليبيا، ترتبط بالقائد العسكري في شرقي ليبيا اللواء المتقاعد، خليفة حفتر.
انتشار (فاغنر)
تنشر (فاغنر) آلاف العملاء في دول أفريقية وشرق أوسطية، بما في ذلك: مالي، ليبيا، السودان، جمهورية أفريقيا الوسطى، وسورية. ويقول محللون إن هدفها في أفريقيا هو دعم المصالح الروسية، وسط الاهتمام العالمي المتزايد بالقارة الغنية بالموارد.

وفي 31 يناير، اتهم حقوقيون يعملون مع الولايات المتحدة المجموعة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محتملة في مالي، حيث تقاتل إلى جانب القوات الحكومية.
وقالت الخبيرة في شؤون (فاغنر) بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن كاترينا دوكس: “تميل فاغنر إلى استهداف البلدان ذات الموارد الطبيعية التي يمكن استخدامها لتحقيق أهداف موسكو. ففي السودان على سبيل المثال، هناك مناجم الذهب. ويمكن بيع الذهب بطرق تتجنب العقوبات الغربية”.
كان دور المجموعة في ليبيا والسودان محورياً في المحادثات الأخيرة بين مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز، ومسؤولين في مصر وليبيا في يناير.
وقال مسؤولون مصريون إن وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، بحث أيضاً دور المجموعة مع الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال زيارته إلى القاهرة في أواخر يناير. واعترف بيرنز في خطاب ألقاه أمس الأول، الخميس، في جامعة جورج تاون في واشنطن العاصمة، أنه بعد سفره أخيراً إلى أفريقيا، شعر بقلق إزاء تأثير (فاغنر) المتزايد في القارة. وقال: “هذا تطور غير صحي للغاية، ونحن نعمل بجد لمواجهته”.
دعا بيرنز وبلينكن حكومة السيسي إلى المساعدة في إقناع الجنرالات الحاكمين في السودان وحفتر في ليبيا بإنهاء تعاملاتهم مع (فاغنر)، حسب ما قال مسؤول مصري مطلع على المحادثات.
وتخضع المجموعة ومؤسسها لعقوبات أمريكية منذ عام 2017، وأعلنت إدارة بايدن في ديسمبر عن قيود تصدير جديدة لتقييد وصولها إلى التكنولوجيا والإمدادات، واصفة إياها بأنها (منظمة إجرامية عابرة للحدود).
رسائل إلى الخرطوم

أمّا في ما يتعلق بالسودان، فذكر مسؤول سوداني بارز أن القادة في السودان تلقوا رسائل أمريكية متكررة عبر مصر ودول الخليج، حول نفوذ (فاغنر) المتزايد في الأشهر الأخيرة.
وقال المسؤول إن مدير المخابرات المصرية، عباس كامل، نقل مخاوف الغرب في محادثاته في الخرطوم الشهر الماضي مع رئيس مجلس السيادة في السودان، عبدالفتاح البرهان. وقال المسؤول إن كامل حث البرهان على إيجاد طريقة لمعالجة (استخدام فاغنر للسودان كقاعدة) للعمليات في دول مجاورة مثل جمهورية أفريقيا الوسطى.
بدأت (فاغنر) العمل في السودان في عام 2017، حيث قدمت التدريب العسكري للمخابرات والقوات الخاصة، وللمجموعة شبه العسكرية المعروفة باسم (قوات الدعم السريع)، وفقاً لمسؤولين سودانيين ووثائق اطلعت عليها (أسوشيتد برس).
ويقول مسؤولون إن مرتزقة (فاغنر) لا يقومون بدور قتالي في السودان، بل تقدم المجموعة التي لديها عشرات العملاء في البلاد تدريبات عسكرية واستخبارية، فضلاً عن مراقبة وحماية المواقع وكبار المسؤولين.

في المقابل، يبدو أن القادة العسكريين السودانيين أطلقوا يد (فاغنر) على مناجم الذهب، إذ تظهر الوثائق أن المجموعة حصلت على حقوق التعدين من خلال شركات واجهة، لها علاقات مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وذكر مسؤولون أن أنشطتها تتركز في المناطق الغنية بالذهب التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في دارفور، والنيل الأزرق، وولايات أخرى.
فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شركتين لعملهما كواجهة لأنشطة تعدين لصالح (فاغنر)، هما شركة تعدين الذهب السودانية (مروي غولد)، ومالكتها شركة (إم إنفست)، ومقرها روسيا. وعلى الرغم من العقوبات، لا تزال (مروي غولد) تعمل في جميع أنحاء السودان.
وساعد المرتزقة الروس القوات شبه العسكرية على تعزيز نفوذها ليس فقط في المناطق النائية بالبلاد، ولكن أيضاً في العاصمة الخرطوم، حيث تساعد في إدارة صفحات التواصل الاجتماعي المؤيدة لـ (قوات الدعم السريع).
ويقع المعسكر الرئيسي لمرتزقة (فاغنر) في قرية أم دافوق على الحدود بين جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان، وفقاً لهيئة محامي دارفور، وقال جبريل حسبو، المحامي وعضو الهيئة: “لا أحد يستطيع الاقتراب من مناطقهم”.
(الديمقراطي- أسوشيتد برس)