الحراك الدبلوماسي التركي في إفريقيا : أفق جديد للوساطة والتعاون

زهير عثمان حمد
تشهد القارة الإفريقية نشاطًا دبلوماسيًا متزايدًا من قبل الدولة التركية في السنوات الأخيرة ، مدفوعًا برؤية استراتيجية تعكس طموحاتها في تعزيز دورها كوسيط إقليمي ودولي مؤثر. يأتي هذا النشاط ضمن إطار السعي التركي لتعزيز نفوذها في القارة من خلال مبادرات سياسية واقتصادية وأمنية شاملة.
الوساطة التركية في إفريقيا : نموذج الصومال وإثيوبيا
أبرز الأمثلة على جهود الوساطة التركية تجلت مؤخرًا في التوصل إلى اتفاق تاريخي بين الصومال وإثيوبيا بوساطة مباشرة من الرئيس رجب طيب أردوغان. الخلاف الذي دام قرابة العام بين البلدين نشأ على خلفية اتفاق إثيوبي مع إقليم أرض الصومال للحصول على منفذ بحري. أثار هذا الاتفاق توترات سياسية وعسكرية في منطقة القرن الإفريقي ، التي تعد واحدة من أكثر المناطق حساسية في القارة.
بفضل الجهود التركية ، توصل الطرفان إلى تفاهمات جديدة تشمل تأمين وصول إثيوبيا إلى البحر عبر الأراضي الصومالية ، بما يحقق مكاسب مشتركة للطرفين. يعكس هذا الاتفاق ليس فقط أهمية الوساطة التركية ، بل أيضًا قدرتها على استخدام قوتها الناعمة لتحقيق الاستقرار في المناطق المضطربة.
الوساطة التركية بين السودان والإمارات
إلى جانب دورها في القرن الإفريقي ، تنشط تركيا في ملف الوساطة بين السودان والإمارات ، مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع الجانبين. ترتبط أهمية هذا الدور بمحاولات التهدئة بين دول المنطقة التي تواجه تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية معقدة. تحاول أنقرة تعزيز التعاون الإقليمي بما يخدم مصالحها ومصالح الأطراف الأخرى.
الأبعاد الاستراتيجية للنفوذ التركي في إفريقيا
التنمية والأمن : تعتبر تركيا من أبرز الدول المساهمة في تدريب قوات الأمن الصومالية ، بالإضافة إلى تقديم مساعدات تنموية لدول القارة. يدعم هذا الدور التعاون طويل الأمد في بناء القدرات والبنية التحتية.
التجارة والاقتصاد : توفر القارة الإفريقية فرصًا اقتصادية هائلة. وتسعى تركيا إلى استغلال هذه الفرص من خلال تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات في القطاعات الحيوية ، كالبنية التحتية والطاقة والزراعة.
العلاقات الثنائية : تتمتع تركيا بعلاقات وطيدة مع دول مثل الصومال وإثيوبيا ، مما يعزز دورها كوسيط موثوق. تسعى أنقرة إلى تحويل هذه العلاقات إلى منصات تعاون إقليمي أوسع.
تحديات الوساطة التركية
رغم النجاحات التي حققتها تركيا ، تواجهها تحديات عديدة أبرزها المنافسة الدولية والإقليمية من قوى كبرى كالصين والولايات المتحدة ، بالإضافة إلى التوترات المحلية داخل الدول الإفريقية. ومع ذلك ، يظل نجاحها في تقريب وجهات النظر بين الصومال وإثيوبيا دليلاً على قدرتها على تجاوز هذه التحديات.
يشير الحراك الدبلوماسي التركي في إفريقيا إلى تحول نوعي في توجهاتها الخارجية ، حيث أصبحت القارة الإفريقية ساحة رئيسية لاستراتيجيات أنقرة. إن نجاح تركيا في لعب دور الوسيط الفاعل يعزز مكانتها الدولية ويتيح فرصًا جديدة للتعاون والسلام في القارة. بهذا ، تتحول الوساطة التركية إلى نموذج يمكن تكراره في مناطق أخرى من العالم.
تركيا اضحت فاعلة جدا فى كل ارجاء افريقيا سيما فى مجالات التنمية والاستثمار ففى عرب افريقيا قامت تركيا بتشييد عدة مطارات حديقة فى نيامى بالنيجر وفى باماكو بمالى ووقادوقو فى بوركينا فاسو بالاضافة الى انتشار لفروع فندق راديسون بلو قامت بتشييدها احدى الشركات التركية الى جانب التعاون الفنى بين تركيا وكثير من البلدان الافريقية..تتميز تركيا بمرونة فى علاقاتها مع هذه الدول فليس هناك ارث تاريخى استعمارى مثلما هو موجود مع بلدان كبريطانيا وفرنسا واسبانيا..بل ان هناك اعتقاد ان بعضا من هذه الدول ضالعة فى تدخلات امنية سالبة فى بعض الدول الافريقية…. وتركيا ليست ملزمة بقوانين الاتحاد الاوروبى فى التعامل مع الانظمة السياسية فى القارة الافريقية بل تتعامل وفق مصالحها الوطنية ويلاحظ ان تركيا صارت قبلة للتدريب الفنى والمهنى لدول القارة فضلا عن انها تحولت حثيثا لمركز اعمال نشط تدار منه انشطة مختلفة وفى كافة المجالات..ولننظر مثلا الى شبكة محطات الخطوط الجوية التركية فى القارة ولعلها الشركة الوحيدة التى تغطى القارة مما جعل مطار اتاتورك باسطنبول احدى اهم نقاط الترانزيت من والى القارة. اهتمام تركيا بالقارة ليس جديدا خاصة مع الدول الاسلامية والسودان ليس استثناءا بل تحفظ تركيا للسودان مثلا ان السلطان على دينار وقف الى جانبها ابان الحرب العالمية الاولى واته قد دفع ثمنا لذلك بان غزا الانجليز سلطنة دارفور عقابا على ذلك.. وقد اقامت تركيا ضريحا للسلطان الشهيد على دينار فى قرية زارى بمحلية وادى صالح بولاية وسط دارفور تكريما له وعرفانا بدوره وقامت تركيا بفتح مستشفى فى نيالا لازال يقدم خدماته الى اليوم لمواطنى الولاية…انه من الواضح ان تركيا تسعى لقيادة العالم الاسلامى خاصة بعد ان تامرت عليه دول الاتحاد الاوروبى برفض قبول تركيا عضوا فيه… يمثل مثلث انقرة الرياض طهران مساحة فبها تنافس قوى لقيادة العالم الاسلامى سيما السنة منه…فنرى تركيا تجتهد لتجد موطئ قدم على البحر الاحمر والمحيط الهندى اما البحر المتوسط فهذا هو المجال الذى لن تتوانى تركيا للتمدد فيه فقد تدخلت شمالى قبرص لمناصرة القبارصة الاتراك كما انها على مفترق طرق مع اليونان ..وتركيا ايضا تسود علاقتها باسرائيل جفوة بسبب القضية الفلسطينية ولا ننسى التدخل المباشر فى الشان الليبى مؤخرا… وقد عملت خيرا بان اعادت ترميم علاقتها بالسعودية بعد مقتل خاشوقجى فى القنصلية السعودية باسطنبول …تركيا ترى نغسها البديل الانسب لملء الفراغ فى افريقيا وهى محقة ومؤهلة لذلك خاصة بعد النجاح الاقتصادى الذى تجقق فيها…يساعدها فى ذلك موقعها الاستراتيجى فى قلب العالم ووجودها عضوا فى حلف الناتو….ولعلنا نذكر ان تركيا هى الدولة الوخيدة فى العالم التى اسقطت طائرة عسكرية مقاتلة روسية ولكن مر الحادث بسلام