الجنوبيون وترسيخ ثقافة نقد التجربة !

في التاسع من يوليو مر العام الثاني من عمر الجنوب كبلدٍ مستقل..وهي مدة بقياس الزمن لا تتعدى في جسد الوطن حديث الدولة .. منطقة لبس الجوارب أسفل الساقين مقارنة بجلباب العقود الطويل الذي فاض عن جسد السودان متعثراً فيه فتمزق بين براثن الفوضى الديمقراطية وأنياب التسلط الشمولي بكافة حقبه التي تكلست أخيرتها على ذلك الجسد فاشعلت فيه جيوش القُمّل الذي مصّ الدماء ونتانة الفساد التي شقت الرؤوس بصداع إنكار أهل الحكم لها ورثاثة المنظر الذي كرهته العيون ..وقبح الصوت وقد أنسدت المسامع كثيراً عن إصراره على التغني بكاذب الشعر تغزلاً في قردٍ ..تراه أمه وحدها غزالاً في عشى محاجرها وهي تدخل أرذل الخرف !
عامان فقط فعاد رئيس الجنوب يتصيد مكامن الفساد ويقول ليس من كبير على المحاسبة ، فيسحب الحصانة عن المقربين ليقدموا أنفسهم للجان التحقيق وليس في أياديهم عصا سلطان تحميهم من المحاسبة إن هم ثبتت معطيات فسادهم !
ويخرج الأمين العام للجبهة الشعبية الحاكمة هناك ..فاقان أموم وعبر قناة الحكومة الرسمية منتقداً التجربة في غالبيتها.. ويقول بالصوت العالي ، نحن قصرنا كحكومة وكحزب ولابد من إعادة النظر من خلال توسيع المشاركة السياسية دون التفات الى قبلية أو إثنية.. فالإنفتاح على الآخر هو ما يجعلنا نرى ما حولنا بعيون الآخرين ونسمع أصواتنا بأذانهم ..ولو أدى ذلك الى تراجعنا في الظل كمعارضين ..فلا بأس طالما أنه سيصب دماً صالحاً في شرايين الجسد الوليد !
وبالمقابل يتحدى أهل الحكم عندنا الشعور العام مادين ناحيته لسان التحقير.. وقد سببت له مجاهرتهم بالفساد هرشة في الكرامة الصامتة ..جراء أفتخارهم بتحويل الفشل الى إنجاز ات فقط هي موجودة في أعلى سبابتهم التي غرسوها مرفوعة تهليلاً كاذباً ونفاقاً مقرفاً في عيون الواقع الذي يقول بغير ذلك !
فرئيس البلاد ينكر وجود الفساد ويطالب من له دليل أن يبرزه .. وكأنه لا يفهم أن أولي ابجديات السرقة هي إخفاء ما يدل عليها من حيث الوثيقة الرسمية التي تدين مرتكبها!
فيما الأصل في عدالة الحاكم هو أن يضع من تثار حوله الشبهة من مسئوليه في موضع إثبات العكس ..فقط من منطلق المقارنة بين ما كان له قبل تولي المنصب .. وما أصبح عنده ولو مكث فيه يوماً واحداً دعك عن لهط لا ينقطع على مدى ثلاثة وعشرين عاماً وهوبائن حتى لمن لا يبصر !
لا نأمل أن يخرج علينا من بعد كل هذا الدمار من يقول لنا مثلما قال فاقان أموم ..فهم وإن قال بعضهم ذلك فهو في الزمن الضائع ومن قبيل التدافع نحو بوابات الخروج المبكر والآمن..بعد ان شاهدوا من الداخل تشقق بناء حكمهم الذي بدأ يتاكل من جراء ذلك التدافع.. وارتجف خوفاً من السواعد التي بدأت تقترب من ظلاله لتدفع به الى خارج المشهد كله الذي لم يعد يطق مشاهدة صورته المملة طويلاً !
ونقول لإهل الجنوب كل عام وأنتم مستفيدون من تجاربكم ..و لكل المسلمين في أنحاء الدنيا .. نقول رمضان كريم..وقاتل الله الفتن في دياركم وكل سنة والجميع بخير ..
رمضان كريم استاذ برقاوي
حقيقي مقارنتك جميلة وواقعية جدا خاصة أن جنوب السودان اقرب جارة لنا وأهلها اكثر الناس قرابة لنا لأننا كنا وفي اعتقادي ما زلنا شعب واحد .
قد افلح فاقان في تصريحاته الأخيرة إن صدق أهلاه وقد افلح الرئيس سلفاكير وهو يجتهد في فضح وإبعاد الفاسدين والمفسدين من حكومته .
أما نحن في السودان فحتى الذين نعرفهم بشكل شخصي ولصيق من الكيزان من زوي الايدي النظيفة ، تركوا الحكومة والحياة السياسية وتقوقعوا بعيدا حفاظا على انفسهم واسرهم من الفساد.
لك الله يا شعب بلادي