شبابنا..بين الإحساس بالمهانة..وصناعة البطل في داعش

بسم الله الرحمن الرحيم
الانحطاط والضعف الداخلي والتخلف والاحساس بالمهانة في بلداننا الاسلامية بعيد الحقبة الاستعمارية.. عوامل لا يمكن إغفالها عند الحديث عن تكوين التيارات الفكرية عموماً ..وفي حالتنا الماثلة التيارات العربية والاسلاموية..مقروءة مع الاعتداد بالتاريخ والاستعلاء الديني..المقابل للاستعلاء العرقي والحضاري الغربي المسنود بالتطور الهائل في كافة المجالات والمراكم لرأس المال لديه..وصمدت التيارات العروبية والاشتراكية المناهضة للغرب بمشروعية الصراع ضد الصهيونية والتحرر من بقايا الاستعمار..حتى استحالت إلى ديكتاتوريات كرست لحكم الفرد والشمولية..وسقطت لقصورها الذاتي..ليأتي ما سمي بالربيع العربي مسنوداً بتضحيات الشباب لتبرز تيارات الاسلام السياسي كبديل..غير أن خبرة الشعوب بأساليب التمكين وعدم الرغبة في تكرار تجاربها ذات التوجه الأحادي ..أسقطها في مصر _أياً كان رأينا في البديل الذي صب الزيت علي نفس النار_..وجعلها تنحني للعاصفة في تونس . ما زاد الاحباط ..وظهرت داعش في ذات التوقيت.وتفوقت على القاعدة بامتلاك دولة بينما اعتمدت القاعدة على مصادر تمويل مشتتة.
كان مشايخ التيارات الاسلامية قبل ظهورها..يتلاعبون باللغة عند الاتهام بالارهاب لائذين بالآية الكريمة( وأعدو..الخ)..ليقولوا بأن إرهاب العدو مطلوب..خارجين بلفظة الارهاب الموجة ضد الأبرياء والعزل من سياق التعريف.ما أعطى المبرر الديني والأخلاقي لبعض المتحمسين من الشباب المسلم ..لتجاوز الوصم به.
وكثيراً ما ترمز الشعوب لفخرها ببطل خارق..ولئن كانت أمريكا قد صنعت شخصية (رامبو) في السينما..ذلك الأمريكي الذي يهزم الشر بمفردة ومساعدة قليلة..فقد برعت داعش في صناعة البطل المسلم على طريقتها..خاصة وتاريخنا زاخر بوا معتصماه والأيوبي ومروراً بأبي زيد الهلالي..حتى الأبطال المصنوعين من الجماهير لحاجتهم لبطل في قيادة الدول.
لكن بطل داعش كان مميزاً..يذبح ويحرق الأعداء.. ويصور مستخدماً نفس تقنيات التصوير والمونتاج والإخراج التلفزيوني في براعة..تظهر البطل طويل القامة يمشي بخطوات ثابتة ..متحدياً للغرب برسالة ما قبل تنفيذ الإعدام..والجنود حوله ملثمين في انضباط عسكري وأيديهم على الزناد..رغم عدم وجود أعداء قربهم إلا الأسير أو الأسرى..
..ليس ذلك فحسب ..فمن بين مئات الآلاف من المقاتلين المنضوين ..يخصص المفجرون لأنفسهم ..ومنفذي الإعدامات ذبحاً وحرقاً وسحلاً ..بالشهرة الدولية والثناء من إعلام ( الدولة)..وقد تورط شيوخ من تيارات إسلاموية في الإعجاب بهم ..ونشر أخبارهم كمقاومين لأمريكا ومنتصرين عليها..وقد ناءت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بمشاركاتهم..لذا ..فهم يتحملون مع غيرهم مسئولية دماء هؤلاء الشباب ..بتقديم نموذج فاشل محبط لهم للدولة الاسلامية أولاً..ثم التأييد الخفي ومحاولة استعادة صورة البطل ..بعد ذهاب صورة البطل المصنوعة في برنامج ( ساحات الفداء).
أما شبابنا ..فلست وصياً على أفكارهم..لكن ليتهم صنعوا البطل ( المؤسسة) بدلاً عن البطل الفرد..ولهم في ذلك مبادرات..وليتهم استلهموا بطولة الجماعة ..عوضاً عن بطولة الزعيم.
[email][email protected][/email]