رجل يتكلم براه؟؟!!

صدي

رجل يتكلم براه؟؟!!

امال عباس

٭ قلب الخرطوم.. في السوق العربي.. شوارعه كلها تموج بالناس.. ناس من كل العينات والأشكال.. والأعمار.. نساء.. رجال.. طلبة.. طالبات.. باعة يفترشون الأرض وآخرون يتجولون بها.. عربات صيدليات للادوية.. من الاعشاب والعسل.. والمورينقا.
نظرت اليهم طويلاً.. ايقنت ان رحلتي في العودة الى ام درمان ستطول.. فأنا في حيرة من المستجدات.. ابراج الواحة العمارات الزجاجية.. تأملت الجميع والحركة.. ناس يهرولون.. شباب وشابات في ازياء غربية.. ما هماني.. ما هماني كيف؟.. هماني جداً الذي يدور في الحراك الاجتماعي.. قفزت الى ذهني ابيات شعر تسخر من المدينة وازدحامها.. الابيات لا اذكر صاحبها لكنها تقول:
جربنا المدن ما لقينا فيها فرية
عسكر تندقش والناس تقول في ديه
حمير الحديد الناس غورهن غيه
وطرماج الترك يغرف يكب لعشيه
٭ ضحكت مع نفسي على حال الشاعر الذي وصف المدينة قبل اكثر من سبعين عاماً ولم يجد فيها مزية.. ماذا سيقول اليوم ان وجد نفسه في مكاني هذا.
٭ رفعت رأسي رأيت رجلا محترماً بالمعنى الذي تعارف عليه الناس للاحترام.. كان يتكلم مع نفسه بصوت عال وهو يقف بعيدا عن الناس.. اتخذ ركنا من «برندة» احد دكاكين السوق العربي وراح في نقاش مسموع مع نفسه يدعمه بحركات جادة من يديه وهزات متلاحقة من رأسه.
٭ قد يقول احدكم كيف يكون محترماً وهو يتكلم «براهو» في الشارع واقول ردا على ذلك ان هيئته كانت توحي بأنه محترم ومتعلم وربما يكون مثقفا.. يرتدي بدلة كاملة يحمل في احدى يديه جريدة مطوية ومعها كتاب كبير لا اعرف اسمه وكيسا فارغا يبدو انه يعرف ماذا يريد.. ويبدو انه فقد طريقه وسط هذا الزحام. ويده الثانية كان يضرب بها الهواء كل بضع لحظات وهو يكلم نفسه بعد ان يصلح من ربطة عنقه.
٭ ترى ماذا يقول؟ ولماذا تمرد عليه لسانه وانفلت من قبضته؟ ولماذا يضع يده في جيبه ثم يعيدها الى ربطة عنقه يحاول اصلاح امرها.. هل كان يتحسس ما بقى في جيبه حتى آخر الشهر؟ هل كان يحس بوطأة الانتظار والحديث مع النفس بصوت مرتفع والتلويح في الهواء بقبضة غاضبة.
٭ كنت قد انشغلت بهذه الحالة الى ان انتبهت الى احد المارة يقول وهو ينظر الى الرجل: «الحمد لله اني ما زلت قادراً على ان لا احدث نفسي في الشارع يكفيني ان احدثها في المكتب او المنزل بعيدا عن عيون الزملاء والاولاد وامهم».
٭ قلت لنفسي ما هي المشاكل التي تشغل بال هذا الرجل؟ وما هي مشكلات الذين يحدثون انفسهم بصوت عال في الشارع السوداني؟ هل هي صعوبة الحياة التي وصلت حد اللا معقول؟ ام اسقاطات الحرب التي تمددت واندلعت في جنوب كردفان.. ام ماذا؟
٭ وهذا الرجل لا بد انه ضاق بصعوبة الحياة.. وقد يكون ترك احد اطفاله مريضا ويفكرفي امر علاجه او آخرين يريدون مصاريف المدارس او الجامعات او ربما تنتظره زوجته باحدى مستشفيات التوليد.. او.. الخ، ما تفيض به الحياة من مشكلات هذا الزمان الانقاذي الكسيح.
٭ رددت مع نفسي ليتنا ادركنا خطورة هذه الظاهرات واخرى غيرها كثيرة.. ظاهرات ان يتحدث المواطنون مع انفسهم بغضب او سخرية او بلا احساس او يلجأون الى العنف.. الى السكين والساطور والمسدس ليتنا ادركنا خطورة ما نحن فيه وتنادينا بصورة جادة لدراسة ما يكتنف الحياة.. مع ان اهل السياسات الاقتصادية اراحوا انفسهم.. فلا هم يمارسون الغضب من نتائج سياساتهم ولا يشعرون بإحساس الغاضبين.
هذا مع تحياتي وشكري

٭ قلب الخرطوم.. في السوق العربي.. شوارعه كلها تموج بالناس.. ناس من كل العينات والأشكال.. والأعمار.. نساء.. رجال.. طلبة.. طالبات.. باعة يفترشون الأرض وآخرون يتجولون بها.. عربات صيدليات للادوية.. من الاعشاب والعسل.. والمورينقا.
نظرت اليهم طويلاً.. ايقنت ان رحلتي في العودة الى ام درمان ستطول.. فأنا في حيرة من المستجدات.. ابراج الواحة العمارات الزجاجية.. تأملت الجميع والحركة.. ناس يهرولون.. شباب وشابات في ازياء غربية.. ما هماني.. ما هماني كيف؟.. هماني جداً الذي يدور في الحراك الاجتماعي.. قفزت الى ذهني ابيات شعر تسخر من المدينة وازدحامها.. الابيات لا اذكر صاحبها لكنها تقول:
جربنا المدن ما لقينا فيها فرية
عسكر تندقش والناس تقول في ديه
حمير الحديد الناس غورهن غيه
وطرماج الترك يغرف يكب لعشيه
٭ ضحكت مع نفسي على حال الشاعر الذي وصف المدينة قبل اكثر من سبعين عاماً ولم يجد فيها مزية.. ماذا سيقول اليوم ان وجد نفسه في مكاني هذا.
٭ رفعت رأسي رأيت رجلا محترماً بالمعنى الذي تعارف عليه الناس للاحترام.. كان يتكلم مع نفسه بصوت عال وهو يقف بعيدا عن الناس.. اتخذ ركنا من «برندة» احد دكاكين السوق العربي وراح في نقاش مسموع مع نفسه يدعمه بحركات جادة من يديه وهزات متلاحقة من رأسه.
٭ قد يقول احدكم كيف يكون محترماً وهو يتكلم «براهو» في الشارع واقول ردا على ذلك ان هيئته كانت توحي بأنه محترم ومتعلم وربما يكون مثقفا.. يرتدي بدلة كاملة يحمل في احدى يديه جريدة مطوية ومعها كتاب كبير لا اعرف اسمه وكيسا فارغا يبدو انه يعرف ماذا يريد.. ويبدو انه فقد طريقه وسط هذا الزحام. ويده الثانية كان يضرب بها الهواء كل بضع لحظات وهو يكلم نفسه بعد ان يصلح من ربطة عنقه.
٭ ترى ماذا يقول؟ ولماذا تمرد عليه لسانه وانفلت من قبضته؟ ولماذا يضع يده في جيبه ثم يعيدها الى ربطة عنقه يحاول اصلاح امرها.. هل كان يتحسس ما بقى في جيبه حتى آخر الشهر؟ هل كان يحس بوطأة الانتظار والحديث مع النفس بصوت مرتفع والتلويح في الهواء بقبضة غاضبة.
٭ كنت قد انشغلت بهذه الحالة الى ان انتبهت الى احد المارة يقول وهو ينظر الى الرجل: «الحمد لله اني ما زلت قادراً على ان لا احدث نفسي في الشارع يكفيني ان احدثها في المكتب او المنزل بعيدا عن عيون الزملاء والاولاد وامهم».
٭ قلت لنفسي ما هي المشاكل التي تشغل بال هذا الرجل؟ وما هي مشكلات الذين يحدثون انفسهم بصوت عال في الشارع السوداني؟ هل هي صعوبة الحياة التي وصلت حد اللا معقول؟ ام اسقاطات الحرب التي تمددت واندلعت في جنوب كردفان.. ام ماذا؟
٭ وهذا الرجل لا بد انه ضاق بصعوبة الحياة.. وقد يكون ترك احد اطفاله مريضا ويفكرفي امر علاجه او آخرين يريدون مصاريف المدارس او الجامعات او ربما تنتظره زوجته باحدى مستشفيات التوليد.. او.. الخ، ما تفيض به الحياة من مشكلات هذا الزمان الانقاذي الكسيح.
٭ رددت مع نفسي ليتنا ادركنا خطورة هذه الظاهرات واخرى غيرها كثيرة.. ظاهرات ان يتحدث المواطنون مع انفسهم بغضب او سخرية او بلا احساس او يلجأون الى العنف.. الى السكين والساطور والمسدس ليتنا ادركنا خطورة ما نحن فيه وتنادينا بصورة جادة لدراسة ما يكتنف الحياة.. مع ان اهل السياسات الاقتصادية اراحوا انفسهم.. فلا هم يمارسون الغضب من نتائج سياساتهم ولا يشعرون بإحساس الغاضبين.
هذا مع تحياتي وشكري

الصحافة

تعليق واحد

  1. لا الراجل لا محنون ولا شئ لكن بيتكلم فى الموبايل بس مستخدم بلوتوث يا استاذة
    هذا هو عصر التكنولوجيا .الجميع مثل المجانين .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..