( مافي طق بدون شق)

** (أغسطس 1998)، فاض النيل لحد إغراق بعض المدائن والأرياف، ومنها مدينة دنقلا وقراها التي شهدت أكبر كوارث فيضان ذاك العام .. إستنفرت السلطة المركزية ذاتها ودول الجوار والمنظمات لإغاثة دنقلا، فانهمرت مواد الاغاثة كما مياه الأمطار والسيول على البلاد من كل فج عميق ..وكان أبناء دنقلا بالسعودية – كالعهد بهم دائماً – أخياراً وأبراراً لمدينتهم وقراها، إذ إستنفروا روابطهم وجمعياتهم ، ثم جمعوا من الغذاء والكساء والدواء والإيواء ما يكفي المدينة أو نصف قراها.. وصلت الحاويات ميناء بورتسودان، ثم تحركت بها الشاحنات إلى دنقلا..ولكن للأسف، لم تصل دنقلا.. (فص ملح وذاب)، ما بين بورتسودان ودنقلا..عندما أثرتها بألوان، قالت حكومة الشمالية قولاً معناه ( بعناها وأسسنا بقيمتها مركز تطوير النخيل بالدامر)..!!

** تلك سابقة تصرف غير مشروع في مواد الإغاثة، وما خفي أعظم ..وعليه، ليس بمدهش أن يخرج الدكتور مندور المهدي، نائب رئيس الحزب الحاكم بالخرطوم، للناس والصحف قائلاً يوم الأحد الفائت، أي بعد أسبوع ونيف من الكوارث، بالنص : ( لقد تسرب بعض مواد الإغاثة إلى الأسواق)، ثم يصمت.. أي لم يسترسل مندور بحيث يكشف الجهة التي سربت غذاء وكساء المنكوبين إلى الأسواق.. فالجهات الداعمة، محلية كانت أو أجنبية، لا تضع إغاثتها بأطراف المناطق المنكوبة ثم تغادر، بل هي إما تسلمها لسلطات رسمية أو توزعها – بواسطة منظمات – تحت رقابة واشراف سلطات رسمية، وبذلك تصبح السلطات الرسمية هي المسؤولة عما يحدث لمواد الإغاثة، تسريباً كان أو توزيعاً..ولا تتسرب الإغاثة الي الأسواق إلا عبر مفسدي تلك السلطات ..!!

** وبصحف البارحة، أكثر من تصريح يثير التوجس ويعيد إلى الأذهان مثلنا الشعبي ( مافي دخان بدون نار) أو ( مافي طق بدون شق).. الدكتور الفاتح عز الدين، رئيس لجنة الحسبة والمظالم بالبرلمان : (نتعهد بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول مزاعم بيع مواد الإغاثة).. لو كان مندور المهدي – نائب رئيس الحزب الحاكم بالخرطوم، وأول من كشف تسرب الاغاثة الى الأسواق – معارضاً أو قيادياً بالجبهة الثورية، لكان كشفه لتسرب مواد الإغاثة الى الأسواق مجرد ( مزاعم)، أو كما تصف الحكومة الحقائق .. ثم، كما نرفض بأن يصبح الأمر مجرد مزاعم، نرفض أيضاُ لشطر الثاني من تصريح الفاتح ، حيث يقول : (إبراز الحديث عن بيع الإغاثة سيضر بسمعة السودان ويجعل الدول المانحة تشك في مصداقية السودان).. لا، ليس خبر نشر بيع اغاثة المنكوبين ، بل عدم التحقيق – ومحاكمة الأنذال – هو ما يضر (سمعة السودان).. نعم، لصوصكم – وحماتهم – هم الذين يلوثون (سمعة بلادنا) ..!!

** وليس بنهج ( الغومتي)، ولا بفقه (السترة)، ولكن بالشفافية المطلقة – في النشر والتحقيق والمحاكمة – تنال الدول وأنظمتها شهادة ( حسن السير والسلوك).. والله لم يخلق على الأرض دولة سادة سلطاتها ملائكة بحيث لايخطئ أحدهم أو يفسد الآخر، إذ كل دول الكون سواسية في تواجد الأنفس الأمارة بالسوء في أجهزتها ومؤسساتها، ولكن ما تميز الدولة عن الأخرى هي ( حزمة فضائل).. إرادة ترسيخ العدالة وعزيمة مكافحة الفساد و الرغبة الصادقة في الإصلاح، أو هكذا الفضائل التي تفتقدها سلطات دولتنا..!!

** وإذ توفرت تلك الفضائل في أية دولة (بياناً بالعمل)، فلن تستطيع دول الدنيا الإضرار بسمعتها أو التشكيك في مصداقيتها..المهم ، قضية الإغاثة – توزيعاً للمنكوب كانت أو تسويقاً للمفسدين – أزمة طارئة وعابرة ..ولكن ما ليس بطارئ – ولاعابر – هو عجز الإرادة السياسية عن توفير تلك الفضائل في مفاصل أجهزة الدولة، ولو كانت متوفرة لما إستنجدنا بالآخرين في أيام كهذه.. ولما توجسنا على بيع غذاء وكساء و دواء المنكوبين ..!!

تعليق واحد

  1. حسبنا الله ونعم الوكيل وأسوأ ما في الأمر أننا ندرك جميعا حجم الفساد ولكننا نتعامل معه كمسلمة لابد منها ولا سبيل لمحاربتها ( التعايش مع الفساد ) وسمعتنا ملحوقة وهذا منتهى الانحطاط الأخلاقي للأمم والمجتمعات

  2. عزيزنا ساتى ..
    انت مش مرة قلت الناس ديل بياكلوا بياكلوا ناقة سيدنا صالح عليه السلام ؟؟
    وتيب .. يعنى تستخسر فيهم الأغاثة ؟؟

  3. من يسرق هذه الموادالاغاثية ؟
    – السلطات الرسمية هي المسؤولة عما يحدث لمواد الإغاثة، تسريباً كان أو توزيعاً..ولا تتسرب الإغاثة الي الأسواق إلا عبر مفسدي تلك السلطات ..!!
    و من صرح بهذا ؟
    – الدكتور مندور المهدي، نائب رئيس الحزب الحاكم بالخرطوم!!
    (الاجابات من المقال نفسه)
    و هل هناك دليل اكثر من هذا مطلوبا للعثور على المسرباتية ( و هو إسم أشد حياءا من الحرامية) و ما لكم كيف تحكمون إذا سرق فيكم القوي تركتموه و إذا سرق فيكم الضعيف أقمتم عليه الحد؟ و كيف إذا وقف طفل رضيع من شرق النيل أمام الحق عز و جل يشتكي المسئولين في يوم لا تنفع فيه الأموال و لا الأولاد و لا الجاه و المنصب و طالب بحقه كاملا غير منقوص فأين تذهبون؟؟
    أما السمعة فهي لا تضر السودان و لا السودانين و لا الحزب و لا السلطات فقط إنما تضر الاسلام و المشروع الحضاري و تضر فيما تضر المجتمع بانعدام الامانة و المروءة و في هكذا حال يصبح باطن الارض خير من ظاهرها…
    تعلم أناس أن يحتالوا على بناء المساجد فسئل احدهم لماذا سرقت مال المسجد فرد عليهم المسجد بيت منو فقيل له بيت الله قال إذن أنا سرقت من الله و الله غفور رحيم .. لكن الاغاثة لمن ؟
    لا حول و لا قوة إلا بالله

  4. لا فض فوك
    لذلك بدأ السيد عبد الرحمن الخضر مؤتمره الصحفي يومها بذكر الطاهر ساتي و حتي يثبت لك شخصيا أنها ليست بالكارثة حسب مراجعه التي ركن اليها سعادة الدكتور البيطري.

  5. الحكومة اول حاجة وعلي لسان الوالي قالت ان ما حدث لا يعتبر كارثة ولا اي حاجة عشان ما يقدموا مساعدات لكن اول ما ظهرت الاغاثات من الخارج وتحرك الشباب للنفير ظهرت في الصورة وادعت انها عملت كذا وكذا وكونت لجان واستعانت ببيت خبرة اجنبي تمهيدا لاستلام الاغاثات والتصرف فيها بمنح المقربين والباقي للسوق
    دا كلو كوم والعشرة مليون دولار الجاية من السعودية كوم تاني يا تري من تسلمها وهل استفاد منها المتضررين ام غير المتضررين لان الحكومة قالت الا يموت نصف السكان حتي تسمي ما حدث بالكارثة ؟

  6. استاذ الطاهر… نحنا فى دولة المشروع الحضارى ودولة هى لله .. هذه الدولة الفاسدة من غفيرها لرئيسها ليس لديها فى قاموسها مايسمى بالمحاسبة والمحاكمة أو الاقالات والاستقالات .. المال العام عندنا مباح ومستباح كل يغرف بمايستطيع ويلهط بما يقدر ويسرق قدر كبر مواعينه … هل سمعت أو رأيت ومنذ 24 عام بأن هنالك وزير بل مسئول تمت أقالته أو محاسبتة أو حتى لفت نظره لانه قصر أو أهمل فى أداء عمله( خليك من السرقة العينى عينك ) … لا بل تتم مكافأة من يهمل ويقصر بنقله ومكافئتة بوزارة أهم وأكبر بعد استراحة محارب …
    يأستاذ الطاهر… فى أكثر من أن يصرح والى الخرطوم بأن الطرق التى شيدت بالولاية والتى ذابت فى الامطار الاخيرة زى البسكويت ، يقول بأن هذه الطرق شيدت بطريقة غير مطابقة للمواصفات وبأنها طرق (كشا مشا ) وكأنه يمد لسانه للشعب السودانى ويقول له هذا أعتراف منى موثق ومصدق بأن هنالك سرقات تمت و تجاوزات حدثت مش فى الطرق بل فى كل الخدمات ( دة أذا كانت هناك خدمات )و التى تقدمها ولايتى لمواطنيها الغلابة المساكين المحرومين المسلوبى الارادة … وهذا العندنا ونحنا كده والزارعنا يقلعنا والماعاجبو يجرب يلحس كوعو ويضرب راسو فى أقرب حيطة …

    نحنا الشقوق عندنا واضحة وباينه وظاهرة لانها طقت من زمان …. والنيران مولعة ملعله لان الدخان أنتهى من زمان

  7. هي ازمة ضمير مستعصبة كيف يتم بيع اغاثة تم تقديمها للناس وبيعها في السوق لمصلحة بعض الاشخاص

  8. ياأستاذ أظنك ما سمعت بأثرياء الحروب والكوارث بعدين فرقة البترول الفات لي اهله دا يسدوها من وين يادووب الفضل يكفي ناس الصف الأول البدريين يعني,شفافية قال

  9. لصوص وحرامية من اكبرهم الى اصغر مسئوليهم لمن نشتكى يا ود ساتى الامر لله من قبل ومن بعد

  10. المسئولين يقرون بسرقة الاغاثة

    والبشير يقول لك العندو مستند يقدمه

    في مستندات اكثر من اعترافات لصوصكم يا عمر البشير (اللص الكبير)؟

    يا ويلك من ربك يا ويلك من الراجيك ويا ويلك من جهنم يا حارس الفساد

    وراعيه

    لعنة الله عليكم

  11. يا طاااهر

    الدول المانحة تأخرت كثيراً فى الإعلان عن المساعدات لأنها ما شاكة دى متأكدة تماماً بأن ما يدفعونه يتم لحسه من قبل الفئة المتمكنة..وما أموال تبرعات صندوق إعمار الشرق ببعيد..
    حتى ناس السفارة الصينية عشان عارفين اللحس قاموا بتوزيع الإغاثة بأنفسهم لمتضررى الفيضان بمحلية كررى..وسمعنافى الأخبار بأن والى الخرطوم قام بوضع اليد على ال10مليون دولار تبرع خادم الحرمين..هبرة سمينة

  12. عجز الارادة السياسية عن توفير الفضائل فى مفاصل احهزة الدولة ولو كانت متوفرة لما استنجدنا بالاخرين فى ايام كهذه.. يا استاذ الطاهر ياطاهر جملتك دى بمائة مقال هذه هى مشكلة البلد عواسة وسفسفة ربع قرن لخصتهافى جملة وااااحدة اذن نحنا بعد كنس هؤلاء المسخ يستوجب بناء الضمائر ونظافة الانفس وليس بناء الوطن الذى دمر ودى مشكلة البلد

  13. (عجز الارادة السياسية عن توفير الفضائل فى مفاصل احهزة الدولة)
    الأصح هو عدم الارادةوليست عجزها وهى سمة ملازمة لبنى كوز أين ما وجدوا وفاقد الشيء لا يعطيه. هؤلاء القوم فاقدى هوية وفاقدى انتماء لايرون الاخر ولا يعترفون يه. بل هم افة سلطها الله امتحانا للبشرية. ترى ماذا نحن فاعلون.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..