رابع المستحيلات

٭ شكا اهالى عدد من القرى الواقعة بمحلية ابو حمد من ارتفاع معدلات الاصابة بمرض التهاب الكبد الوبائى، مشيرين الى انه بات يشكل هاجساً لكونه معدياً، وبسبب تكرار وفيات لأشخاص كانوا يمارضون مصابين به بعد انتقاله اليهم، اخرها وفاة طفل يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاماً كان يمارض والده قبل اسبوع، فيما قرر بعضهم الهجرة الى ولاية الخرطوم خوفا من الاصابة بالمرض. وجاء الخبر فى صحيفة «الخرطوم» بقلم الصحافية القديرة حنان كشة التى ذكرت ايضا وفاة اكثر من «25» شخصاً بقرية «كرقس» جراء اصابتهم بمرض السرطان الذى يوالى ارتفاعه فى المنطقة.
٭ لم يكن الحديث عن مرض السرطان فى هذه المنطقة وليد اليوم، فقد جرى من قبل ذكره على لسان العامة واهل المنطقة وكثير من الاطباء والخبراء الذين اشاروا الى «علامات ودلائل» قد تكون هى السبب المباشر فى انتشاره، اذ عزا بعضهم ذلك إلى استعمال المبيدات منتهية الصلاحية او اخرى ممنوعة عالمياً من التداول، لكنها تجد طريقها عبر بوابات التهريب مروراً بالحدود، مما يعنى ان الحدود نفسها متهم اول فى الانتشار.
٭ حصدهم المرض اللعين، وأضاف آخر وجوده بقوة، وها هو يزرع الآن قلقاً وخوفاً، ويدفع بجدية إلى الهروب خارج الولاية التى اصبحت تكتوى بنار السرطان والكبد الوبائى، وإن حدث هذا ويممت مجموعة من الولاية وجهها صوب الخرطوم وهى تحمل فى «دمها» الكبد الوبائى، فهذا يعنى أن باباً قد «انفتح»، وسيصبح كذلك وعلى مصراعيه تماماً تنساب منه العدوى وتتفرق فى احياء لا نستطيع بعد ذلك حصرها، خاصة أن العاصمة الحضارية اصبح لها اكثر من ساق وكثير من الايدى!! كما ان «الترحيل والتبديل» صار هوس المدينة القاتل التى يصحو مواطنها على «مواقف» عند كل صباح يوسمها ساستها ب «التوفيق».!!! ولكن.. وخلاصة القول ان حدث ذلك فهى «كارثة قادمة لا محالة» تضاف لكوارث وزارة الصحة التى نعايشها يوميا!!
٭ لم يكن سيف التهاب الكبد الوبائى مسلولاً ومرفوعاً وملموساً فى ابو حمد وحدها، فهناك ولايات اخرى تترنح تحت ضغطه وعذابه.. كبارها وصغارها يمشطون مدن الولاية بمرض ينهش الدواخل ولا يكتفى بالكبد، بل يطوف على المخزون بكامله، فهناك قرى مهملة فى ولاية النيل الابيض تعانى امراضاً واوجاعاً وتهميشاً يرفع من درجة العذاب حتى بلوغ القمة من بينها التهاب الكبد الوبائى (B) الذى يحتاج فعلاً لمحاربة بأسلحة تعادل انتشاره، وان لم يتم ذلك فالتوعية طريق ثانٍ يمثل مخرجاً أولياً ولكنه قطعاً ليس دواء!!
٭ مراقبة نقل الدم وضبط ادوات النقل ومواعين التخزين يعتبر إحدى اهم الآليات التى يجب توفيرها فى مستشفيات العاصمة الحضارية والولايات، ولكن وبقراءة الاحداث كاملة نجد انه من الصعوبة بمكان بل من «رابع المستحيلات» الصرف على المواطن مهما كان المرض الذى ينخر دواخله وأطرافه، حتى صار الحديث فى هذا الجانب «مستهلكاً ومشروخاً وماسخاً» يعيد دوران آلياته المواطن كلما جاء ذكر وزارة الصحة «المبتلاة»!!
٭ التحصين من المرض يمثل احدى المنافذ للخروج الى موفور الصحة، بجانب البحث عن الأسباب فى المنطقة التى ذكرتها الزميلة كشة، فما ورد فى سياق الخبر لا يقف عند القراءة فقط ووضع الصحيفة جانباً، فهذا «بلاغ» لوزارة الصحة اهدته لها صحيفة «الخرطوم» مرفق طيه «حل» اهالى المنطقة القادم الذين يضمرون النية وينوون الرحيل الى العاصمة الحضارية هربا من الكبد الوبائى الذى بدأ معوله يحصد مرافقى المرضى.
٭ لا أظن أن البلاغ يحتمل الانتظار ولا يستدعى تكوين لجان، فهناك من «يمكن الوصول اليه» فى الولاية المذكورة.. فهل يا ترى أي أمنية ستتحقق.. هل هى وصول المواطن للخرطوم أم «نيتنا» نحن التى تقترن بـ «أمل أن تستعجل» وزارة الصحة وتتحرك لتقف على الحقيقة بأم اعينها؟ ايهما اسرع يا ترى؟

نمريات
اخلاص نمر
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..