الشراكة السودانية الخليجية

لا يملك المرء سوى أن يطرب للاختراقات الكبيرة التي حدثت وتحدث في علاقة السودان بدول الخليج، ولا سيما بعدما وصلت مرحلة الشراكة الإستراتيجية، ذلك أن الشعب السوداني سيحصد أخيراً ثمرات التحول الإيجابي في الأطروحة الفكرية والبرنامج السياسي للمؤتمر الوطني، والتي انحازت بصرامة إلى دول الخليج، بعدما كانت جبال القطيعة عامرة بين الخرطوم والعواصم الخليجية، وذلك على خلفية الموقف الذي اتخذته الإنقاذ في سنواتها الباكرة، وتحديداً حينما قامت بمساندة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، في اجتياحه للكويت. وهو ما ترتب عليه تضاعيف قاسية سياسياً واقتصادياً، ولا سيما بعدما وضعت الأسرة الدولية السودان ضمن قائمة الدول شديدة الخطورة على الأمن والسلم الدوليين، قبل أن تستفيق الحكومة السودانية مؤخراً من غفوتها الطويلة. وهي استفاقة مع أنها جاءت متأخرة، لكنها يمكن أن تعوِّض السودان الحرمان من العلاقات الراسخة مع دول الخليج، وخاصة بعدما أضحت الحكومة مصدر ثقة لكل العواصم الخليجية.

الآن تمضي علاقة السودان مع دول الخليج إلى نواحٍ متقدمة، إلى أن بلغت مرحلة الشراكة الإستراتيجية، وهي شراكة تعود بالدرجة الأولى إلى مشاركة الخرطوم في عاصفة الحزم ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن. ومعلوم أن السودان بمثابة رأس الرمح في ذلك التحالف، لجهة أنه يشارك بطائرات مقاتلة، بجانب مشاركته بقوات برية.

أما على المستوى الاقتصادي فأن مبادرة الرئيس البشير للأمن الغذائي العربي، تعتبر واحدة من معززات الثقة بين الخرطوم والعواصم الخليجية. ومعروف أنه بناءً على تلك المبادرة جاءت رؤوس أموال عربية كبيرة، تبحث عن الاستثمار في السودان، فكأن أن رأينا المشروع الإماراتي والسعودي والبحريني وغيره، وهي مشاريع يُرجى منها الخير الكثير على المستوى المحلي والعربي والخليجي.

ويحمد للحكومة السودانية أنها أصبحت تخطط بوعي أكثر من ذي قبل، وخاصة بعدما تخلت عن التفكير الموتور المقيِّد بالنظرة الآيدلوجية، في علاقاتها مع الخارج، وربما هذا ما جعلها تنال صكوك البراءة والثقة من دول كثيرة، حتى أوشكت الخرطوم أن تتحول إلى فرس رهان في الشأن السياسي والأمني والاقتصادي وحتى العسكري إقليميا ودولياً. فالناظر إلى الخرطوم سيجد أنها أصبحت بمثابة ركيزة في محاربة التهريب والاتجار بالبشر، بجانب أنها تنشط في التحالف العربي لمحاربة الإرهاب، فضلاً عن مشاركتها في عاصفة الحزم، وكل ذلك أدى بصورة أو بأخرى إلى رفع العقوبات الأمريكية جزئياً عن السودان، وقطعاً سيقود إلى رفعها كلياً في يونيو المقبل، بناءً على الوعد الذي قطعه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى ولي العهد السعودي.

قناعتي، إنه مطلوب من المؤتمر الوطني أن يسخِّر هذه التحولات في صالح بناء واقع سياسي واقتصادي وأمني داخلي فعال وجيِّد، وأن يسعى لتأكيد أنه ماضٍ في حل الأزمة السودانية، ببسط المزيد من الحريات والمبادرات الجادة وصولاً إلى السلام.

ولكن أخشى ما أخشاه أن تأخذ المؤتمر الوطني العزة بالتقارب الخليجي فيغض الطرف عن بناء المصالحة الوطنية الحقيقة التي ستضمن للبلاد الاستقرار وللعباد الرفاه.
الصيحة

تعليق واحد

  1. كلنا طربنا كثيرا لهذا التقارب و الذى يؤمل فى حالة الحكومة الرشيدة ان تنعكس ثماره على الوطن و المواطن.. و لكن اسمعها منى.. لن ينصلح حال الوطن و لا حال المواطن و هؤلاء اللصوص يتسيدون على كراسى السلطة… المؤتمر الشعبى و جعجعته الفارغة و كل أحزاب الكرور مثله ما هم و المؤتمر البطنى الا كحال فولة قسمت نصفين..

  2. ما يسمى بالتقارب كذب في كذب وهذه سياسة المؤتمر الوطني مثل ما يقال عن التقارب الأمريكي الحكومة تعلم أن لا وسيلة لها سواء الإرتماء في الخليج وذلك تهرب من سياساتها الاقتصادية الخاطئة والتي أدخلت البلاد في وضع اقتصادي منهار لا طريق للحكومة غير الجري وراء الخليج ليل نهار والجري وراء أمريكا حتى يعيش الشعب السوداني على أماني دخول مجلس التعاون وغيره أصحوا أيها السودانيين من أحلام اليقظة وعيشوا أوضاعكم الداخلية والتي تقود البلاد نحو الهاوية ,اكملوا التغيير تذكروا ما قاله وزير الخارجيه الروسي لافاروف مع وزير الخارجيه الأمريكي قبل أيام خلال المؤتمر الصحفي في موسكو وما كشف عنه من ضغط أوباما على البشير حتى يوافق على فصل الجنوب وهو ما كان وهو كلام خطير لم يعطه السودانيين أي أهميه رغم خطورته .

  3. قال انضمام السودان لدول التعاون الخليجي بعد ما فلست حالها حال السوداني الذي يعمل في دول الخليج ولما عرضوا عليهو الجنسيه يقول لا افضل جنسيتي وما ب أخليها و عندما يقرب للمعاش يطلب الجنسيه يتم رفضها ؛ والآن بعد تم تعليم جميع دول الاعتماد علي انفسهم يأتي البشير و يطلب الدعم ؛ يعني بدعمك لهم بالطائرات المتهالكه و عدد من الجنود ممهما زاد العدد او قل ح يحفظوها لك واهم واهم واهم ؟ هكذا هم العرب!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..