أفهموها..!ا

حديث المدينة
أفهموها..!!
عثمان ميرغني
المظاهرة التي خرجت قبل يومين في حي بري بالخرطوم.. كانت صغيرة الحجم.. وقليلة العدد وانعزل عنها غالبية الأهالي الذين استكانوا داخل بيوتهم.. لكن مع هذا فهي “شرارة” خطيرة للغاية في حالتين.. الأولى إذا (تفهتها) الحكومة وهونت من أمرها.. والثانية.. إذا (تهيبتها) الحكومة وهولت من أمرها. (تتفيه) الحدث من حيث عدد المشاركين فيه وقصر فترته الزمنية وضعف استجابة الأهالي له.. أما (تهويله) فهو بالإجراءات الأمنية والتحسبية الصارمة والتشدد في التحرز والاحتياط له أمنياً وشرطياً.. زرت القاهرة قبل عامين.. في يوم 6 أبريل دعت مجموعات شبابية لمظاهرات في ميدان التحرير.. ذهبت في الموعد المحدد لميدان التحرير فوجدت مئات من الشرطة يحاصرون الميدان وينتشرون حوله.. وربما أضعافهم في ملابس مدنية.. ولا أثر لمتظاهر واحد إذ أن القلة القليلة التي أطلت برأسها في الميدان سرعان ما تخطفتها أيدي الشرطة.. ومرت الأيام والشهور والأعوام ليعاود الشباب محاولتهم.. في نفس المكان.. وفي وقت لم يكن أحد يتخيل مصيراً أفضل من مظاهرتهم السابقة.. لكن النتيجة كانت مذهلة.. سرعان ما تدحرجت كرة الثلج وإن هي إلا جمعات ثلاثة.. جمعة غضب.. وجمعة صمود.. ثم جمعة رحيل.. فإذا بالرئيس مبارك في ذمة التاريخ. مثل هذه الأحداث مهما كانت صغيرة تتطلب نظرة ذكية حصيفة.. المزيد من الإجراءات الأمنية لن يكبتها مهما تلظّى بالحسم والصرامة.. بل على النقيض تماماً كلما اشتدت القبضة الأمنية.. وكلما ازداد عنف الشرطة.. التهب الموقف.. فالعنف هو وقود المظاهرات.. وعندما كنا نجيش المظاهرات ضد الرئيس النميري كنا نبني كل خطتنا على (رد فعل الشرطة) ويقتلنا الحزن والحسرة إذا لم تأت سيارات الشرطة.. أو إذا وصلت ووقفت على البعد تتفرج علينا.. كنا نفعل ما في وسعنا لإجبار الشرطة على قذفنا بالقنابل المسيلة للدموع.. وفي مظاهرات شعبان الشهيرة.. وعندما تجنبت الشرطة المساس بالطلاب ولم تمنح الطلاب (جنازة) مثل جنازة القرشي.. هجم طلاب جامعة الخرطوم على مشرحة مستشفى الخرطوم في محاولة لسرقة (جنازة) لحملها في الشوارع والادّعاء أنها ضحية عنف الشرطة.. دائماً نجاح أي مظاهرة يتوقف على (عنف) الشرطة لا (عنف) المتظاهرين.. والبرهان شاخص أمامنا في ربيع الثورات العربية.. سيول الدماء هي التي تغذي الثورة في ليبيا واليمن وسوريا.. ولم تفلح دبابات الجيش السوري على ضخامة عددها وعدتها في إخماد الثورة رغم مرور ستة أشهر.. الأجدر ? قبل أن يكون لات حين فهم- أن تفهم الحكومة أن العملية السياسية في السودان وصلت مرحلة التخمة ولا يمكن أن تستمرّ على شكلها القديم.. وليس من مناص، إما أن تغير الحكومة مسلكها أو تغيرها أقدار الشعوب.. ولو كنت في موقع القرار.. لما عانيت أبداً في هندسة تغيير جذري.. يشمل المفاهيم قبل الأشخاص.. لا (تهوين) ولا (تهويل).. الأجدر ممارسة التغيير الذاتي..!! لا يمكن افتراض أن يستمرّ الحال كما هو عليه.. رغم كل المتغيرات الداخلية والخارجية من حولنا..
التيار
عثمان
اشتغلت مخبر وبتاع امن ولاشنو غايتو نصائحك دي وصلها لود الخدر يمكن نلاقي الزول الطشه