مقالات وآراء

السودان والقمح فرص وتحديات تحسين انتاج القمح في السودان(8/8)

ب/ نبيل حامد حسن بشير

 

 

سنتناول في هذه  الحلقة الأخيرة ما جاء بالورقة التي أعدها الباحثون بهيئة البحوث الزراعية ووزارة الزراعة   موضوع السودان كمركز لبحوث الاجهاد الحراري، وخارطة الطريق للمستقبل.

السودان مركز لبحوث الاجهاد الحراري

نتيجة لتميز بيئة السودان بالاجهاد الحراري، تم اختيار وانشاء منصة للتوصيف الدقيق وبحوث الاجهاد الحراري بمحطة بحوث الجزيرة بالتعاون مع المراكز البحثية العالمية والاقليمية بهدف الاسهام في توفير المعلومات التي قد تخدم العالم تحسبا لظروف التغير المناخي، وخاصة ارتفاع درجات الحرارة الذي من المتوقع أن يؤثر على مناطق الانتاج في المناطق الباردة والمعتدلة والمناطق المدارية جنوب الصحراء في أفريقيا.

خارطة الطريق للمستقبل

إعلان برنامج استراتيجي طويل المدى يمتد (لعشر سنوات) كحد ادنى لتحقيق (الاكتفاء الذاتي) من القمح يستند على محورين:

المحور الاول :

يتعلق (بالترتيبات والاجراءات والسياسات) الموجهة للمزارعين لضمان تحقيق انتاجيات عالية من الاصناف المحسنة .

المحورالثاني :

يتناول تطوير (الشراكات الاستراتيجية للانتاج الكبير)، ويساهم فيه القطاع الخاص،  اذ خلال العشر سنوات ينبغي ان نصل الى (تجفيف الاستيراد) والاعتماد على المنتج المحلي.

الاجراءات والسياسات العامة:

الاهتمام بالاتي:

  • معالجة قضايا الاراضي الزراعية للحصول على اراضي صالحة للاستثمار وخالية من الموانع الادارية.
  • إعداد دراسة شاملة لمسح (الاراضي والمواقع والمزارعين الراغبين) في زراعة القمح وفق سياسات مساندة.
  • تجميع (صغار المنتجين) في شكل (جمعيات انتاجية) لزراعة الاصناف المحسنة من القمح للحصول على (التمويل) اللازم ولتسهيل عمليات (الادارة والتسويق).
  • التركيز على (الادارة الفاعلة) على مستوى المزرعة.
  • اعداد دراسة لاراضي (التروس العليا) وامكانية (الاستثمار) فيها .
  • استصلاح الاراضي والتأكد من توفر المياه من حيث الكمية وتكلفة القمح.
  • التعاون الوثيق، والدخول في (شراكات وبرامج مشتركة) مع مراكز البحث العلمي الدولية والاقليمية مثل المركز ا لدولي لتحسين القمح والذرة ، والمركز الدولي لدراسات المناطق الجافة واألراضي القاحلة ،  والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والاراضي القاحلة ، والجامعات والبرامج البحثية الوطنية الاخرى لانتاج الاصناف عالية الانتاجية في ظل التغير المناخي
  • . إنشاء جسم قومي لانتاج (التقاوي).
  • وضع آلية صارمة (للمتابعة والتقييم).

دور المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والاراضي القاحلة:

لعب مركز إكساد دورا كبيرا فى مجالات التنمية المستدامة بالسودان فى مناحي عدة نذكر منها الاتى :

  • تم تنفيذ مشروع خارطة الاستخدامات المثلى للاراضى الذى يهدف الى وضع اطار علمي لتوجيه استخدامات الاراضى ضمن مفهوم التنمية المستدامة حيث تم تنفيذ المرحلة الاولى والثانية، وفيها تم تحديد المناطق الصالحة للتوسع بزراعة القمح فى الوضع الراهن وتصل الى 6 مليون هكتار فى حال استصلاح المساحات الواعدة.
  • يعمل اكساد حاليا فى تنفيذ المرحلة الثالثة وسيجرى تنفيذ المرحلة الرابعة بعد الانتهاء من المرحلة الثالثة.
  • تم توفير سلالات من القمح الطري والقاسي بغرض تقييمها فى هيئة البحوث الزراعية، وقد وصل بعضها مراحل متقدمة من الاختبارت،  وتم اجازة البعض منها (صنف القمح القاسي ود البر)،  والان في مرحلة اكثار البذور.
  • تم تنفيذ برنامج للزراعة الصفرية فى مجال زراعة محصول القمح بالتعاون مع وزارة الزراعة والغابات.

هذا ما جاء بالورقة القيمة من الخبراء والباحثين، وهو جهد جبار ودراسة حقيقية ومتعمقة وحصيفة للمحصول والموقف الراهن.

أما عن رأيي الخاص كأكاديمي سابق، وكمواطن وكزراعي،  والأن أعمل في المجال الانتاجي وتوفير المدخلات والتقانات بما في ذلك كل ما يحتاجه هذا المحصول الاستراتيجي من مدخلات واليات وحزم تقنية، وبعد زياراتي المتعددة لكل المناطق التي يزرع فيها القمح أو لا يزرع، مروية كانت أم مطرية ، أود أن أدلي بدلوي في هذا الأمر:

  • أكدت الورقة بأننا الأن نملك أصناف من القمح تتحمل الاجهاد الحراري وتناسب كل الولايات السودانية.
  • أزمة القمح الحالية ستستمر لفترة غيرة معروفة نتيجة  الحرب الروسية الاوكرانية مع ارتفاع متزايد للأسعار نتيجة التنافس علي شراء القمح بين الدول الغنية والدول الفقيرة.
  • التغير المناخي سيلعب دورا كبيرا في تغيير مناطق الانتاج.
  • ارتفاع أسعار المدخلات خاصة الوقود والأسمدة والاليات ستغير كثيرا من سعر المنتج وخيارات المزارع والدول في تحديد ماذا ستزرع ومتى تزرع. بمعني أن الكميات التي ستنتج محليا أو عالميا لا يمكن التنبؤ بها.
  • المزارع السوداني حاليا، وبعد ما جري له هذا العام علي وجه الخصوص، سيفكر الف مرة قبل أن يتخذ قرار بزراعة القمح من عدمه.
  • الحكومة بمفردها لن تستطيع توفير التمويل أو المدخلات للزراعة بصفة عامة وللقمح بصفة خاصة.
  • للمزارع مشاكل واضحة تتعلق بالتمويل والتسويق وعدم توفر العمالة.
  • المدخلات والحزم التقنية متوفرة بشركات القطاع الخاص  وباعلي درجات الجودة لكن المشكلة تكمن في تمويل المزارعين للشراء من هذه الشركات.
  • بالنسبة لانتاج التقاوي لن تستطيع الدولة توفيرها بمفردها من الانتاج المحلي أو الاستيراد.
  • أن كان الرأي هو زيادة الانتاج افقيا، نحتاج أقله  مليون فدان مع تطبيق كل التقانات وتوفير الماء اللازم لانتاج حوالي 2 مليون طن للاكتفاء ذاتيا.
  • الزراعة المروية بالمشاريع القومية تستهلك أغلب المحزون المائي لري الفول والذرة والقطن اضافة الي المحاصيل الأخري مثل فول الصويا والكبكبي والمحاصيل البستانية ولن يتبقي ما يكفي زراعة المليون فدان المقترحة أعلاه.

هذا هو الموقف كما نراه الأن.  عليه كيف يمكننا تحقيق  هدفنا كسودان يهدف أولا للاكتفاء الذاتي من القمح، ثم يوفر انتاج يغطي احتياجات الدول المجاورة افريقية وعربية؟ أقترخ الأتي:

ا) أن تقوم كل ولاية  يناسب   مناخها وتربتها لزراعة القمح  بزراعة ما يكفيها منه، وتوفر  مخزونها الاسترتيجي، وأن أمكن تقوم بالمساهمة في توفيره للولايات غير المنتجة للقمح.

ب) انتاج التقاوي بكل منطقة طبقا لمواصفات الصنف المنتج بواسطة هيئة البحوث الزراعية، على أن يكون التمويل من حكومة الولاية وديوان الزكاة وادارة المعاشات، مع السماح لشركات القطاع الخاص بانتاجها وتوفيرها للمزارع تحت رقابة ادارة التقاوي والبحوث الزراعية.

ث) تكوين (جمعيات زراعية) من الأقارب بالمنطقة وتسجيلها مع فتح حسابات لها بالمصارف، وكل مجموعة جمعيات تكون (تنظيما مسجلا) يوفر الضمانات  للجمعيات والخدمات مشاركة مع شركات القطاع الخاص.

ج) تقوم (شركات للخدمات المتكاملة) من الشركات الكبري والصغري مسؤولة عن كل  احتياجات المزارع  اعتبارا من تحضير التربة حتى الحصاد والتعبئة مقابل ضمان من التنظيم والبنوك على أن تستخدم مدخلاتها وتتسلم مستحقاتها كمنتج أو  تكلفة مالية.

ح) تحل مشكلة (التمويل) خاصة لمزارعي القمح وتحديد السعر المجزي للمنتج وفقا للسعر العالمي كما فعلت مصر منذ سنوات حيث تقوم بشراء القمح من المزارع بسعرة العالمي أو سعر المستورد.

خ) يمكن أن يكون التمويل مقدما من المطاحن الكبري المعروفة للجميع بحيث تتسلم مستحقاتها قمحا بالسعر المتفق عليه عند التعاقد ، وقد تقوم بشراء بقية المحصول بذات السعر الذي تستورد به القمح من الخارج ان رغب المزارغ في ذلك.

د) لتوفير الماء اللازم للقمح ، مع عدم التعدي علي حقوق الاجيال القادمة من المياه الجوفية، نري أن تكون زراعة القطن والذرة والفول وفول الصويا والعدسية  بالمناطق المطرية، علي أن يركز المروي على المحاصيل البستانية والقمح والانتاج الحيواني والمحاصل المرغوبة عالميا ذات عائد يستحق استغلال  هذه الاراضي القيمة والماء الذي نعتبره أهم وأغلي وأعز المدخلات عالميا لكننا لا نعرف قيمته الحقيقية.

نرجو أن نكون قد عكسنا رؤية كتاب الورقة بوضوح وأن تكون مقتراحتنا منطقية وعملية وذات جدوي. أللهم نسألك اللطف (أمين).

 

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. يا خال الكلام دا كلو اسي ما وقته مقالك دا كلام يتقال في ظل دولة مدنيه اعلى سلطه فيها هي المجلس التشريعي يتم فيها احترام القوانين و يتم تطبيق العداله و الشفافيه و المساءله و المحاسبه للمسؤولين و رجالات الدوله دون استثناء , بعدين كلامك دا كلو بيطبق و بنهتم بي التنميه اما الآن فسقوط و ازالة المجلس العسكري الانقلابي و تجمعات و حركات اعتصام الموز هو الاولويه الوحيده لنا نحن الشباب

    1. العلم والابحاث لا تتوقف فى ظل أى حكم سواء ان كان شمولى او ديكتاتورى …حكم رشيد او حكم فاسد . ما خلصت اليه هذه الدراسه لمست المشاكل وكيفية حلها .نسال الله أن تجد هذه المقالات الثمانيه أذان صاغيه من الرأسماليه السودانيه الوطنيه لننهض بهذه السله المطلوبه عالميا وداخليا .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..