أخبار السودان

ما حدث ليس عفويا.. دوافع مالية أم سياسية وراء تمرد عناصر من المخابرات

أعلن مجلس السيادة السوداني عن صد “تمرد” لمجموعة عناصر تنتمي لجهاز المخابرات العامة في العاصمة الخرطوم، فيما أغلقت السلطات مطار الخرطوم الدولي بعد إطلاق نار في قاعدة بالقرب منه.

وسمع ظهر الثلاثاء إطلاق نار كثيف في ثلاث قواعد بالعاصمة السودانية تابعة لهيئة العمليات في جهاز المخابرات الذي تمت إعادة هيكلته، وأفاد شهود عيان بسماع دوي أصوات رصاص ومدفعية خفيفة في معسكرات “الرياض” و”كافوري” و”سوبا” فيما بدا احتجاجا على ضعف حقوق نهاية الخدمة، بعد صدور قرار بحل الهيئة.

واتهم نائب رئيس المجلس السيادي وقائد قوات الدعم السريع، الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، المدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات صلاح عبدالله قوش بالوقوف وراء التمرد في الخرطوم.

وقال دقلو، في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء في عاصمة جنوب السودان جوبا، حول الأحداث في الخرطوم، إن قوش يقف وراء “مخطط تخريبي يتمثل بتمرد عدد من عناصر هيئة العمليات لجهاز المخابرات”.

وفي تعقيب على ما حدث صرح رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك في تغريدة على “تويتر” “الأحداث التي وقعت تحت السيطرة، وهي لن توقف مسيرتنا ولن تتسبب في التراجع عن أهداف الثورة”. وأضاف أن “الموقف الراهن يثبت الحاجة لتأكيد الشراكة الحالية والدفع بها للأمام لتحقيق الأهداف العليا. ونجدد ثقتنا في القوات المسلحة والنظامية وقدرتها على السيطرة على الموقف”.

وكان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، العميد الركن عامر محمد الحسن، شدد في وقت سابق على رفض المؤسسة العسكرية “السلوك المشين الذي قامت به قوى تابعة لجهاز المخابرات العامة، بعد احتجاجها على ضعف استحقاقاتها المالية”.

وهناك اعتقاد سائد بأن تحرك عناصر من هيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات لم يكن لدوافع مالية كما ذهب إليه بعض المسؤولين في قراءتهم الأولى للأحداث وأن هناك من يقف خلف عملية التحريض، خاصة وأنه سبق وعرض على عناصر الهيئة المنحلة الانضمام إلى جهاز المخابرات التابع للجيش السوداني أو لقوات الدعم السريع بيد أنهم رفضوا وطالبوا بالتقاعد.

ويقول محللون إنه لا يمكن استبعاد الفرضية التي ذهب إليها قائد قوات الدعم السريع في وقوف قوش خلف ما حصل لجهة أن الرجل ورغم استبعاده لا يزال يحظى بنفوذ كبير داخل الجهاز.

وكان صلاح قوش، واسمه الحقيقي صلاح عبدالله محمد صالح، شغل منصب رئيس جهاز الأمن والمخابرات ومنصب مستشار الرئيس حتى أغسطس 2009. وفي عام 2012، حكم عليه بالسجن بعد إدانته بالتخطيط لانقلاب، لكن أُفرج عنه بموجب عفو رئاسي.

وفي فبراير 2018، أعاده الرئيس المعزول عمر البشير مديرا للمخابرات مرة أخرى، وظل في منصبه حتى عزل الأخير في الحادي عشر من أبريل 2019، عقب انتفاضة شعبية غير مسبوقة.

ويتهم جهاز الأمن والمخابرات بقيادة قوش بلعب دور أساسي في قمع التظاهرات التي انطلقت في ديسمبر 2018، وأدت إلى إطاحة الجيش بعمر البشير تحت ضغط الشارع في أبريل بعد 30 عاما من الحكم، الأمر الذي جعل مطلب إعادة هيكلة الجهاز إحدى الأولويات.

وقال “تجمع المهنيين السودانيين”، ردا على الأحداث الأخيرة إنه يرفض أي “محاولة لخلق الفوضى وترويع المواطنين واستخدام السلاح مهما كانت المبررات”.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة بجري بالخرطوم، أبوالقاسم إبراهيم آدم، أن التوترات التي شهدتها العاصمة السودانية لم تكن محض صدفة، وتأتي ضمن سياق محاولة أطراف محسوبة على النظام السابق استعراض قوتها خلال الفترة الماضية، وتحاول التأكيد على أنها حاضرة ولا يمكن تجاوزها بسهولة.

وقال لـ”العرب”، إن اعتبار ما جرى في الخرطوم بأنه عمل احتجاجي بسبب مستحقات مالية غير دقيق، وأن الرسالة الرئيسية التي تحملها الطلقات النارية العشوائية تشي بأن هذا العمل يأتي ضمن مخطط لإثارة الفوضى في البلاد، كلما أقدمت الحكومة الانتقالية على اتخاذ خطوات من شأنها تضييق الخناق على عناصر حزب المؤتمر الوطني وتنظيم الإخوان والحركة الإسلامية عموما.

وتوقع الباحث السوداني أن يكون للحادث انعكاسات سلبية على إدارة المرحلة الانتقالية في ظل خشية القوى المدنية أن تستغل المؤسسة العسكرية استمرار الفوضى لتعزيز سلطتها.

ويعتقد محللون أن إثارة القلاقل في المركز، الخرطوم، بالتوازي مع مشكلات متواترة في الهامش مثل دارفور وشرق السودان وجنوب كردفان، غايتها عرقلة كل الجهود التي تهدف إلى إعادة الترتيبات الأمنية وضمان عدم الوصول لمناقشة الأمر من الأساس، وهي مسألة قد تصب في صالح أتباع نظام عمر البشير الذين لن يتخلوا عن تموقعهم داخل المؤسسات العسكرية والأمنية بسهولة.

وقال الباحث عصام دكين، إن وجود العناصر المحتجة في مناطق متفرقة شملت منطقة بحري والخرطوم والمنطقة المركزية وبعض المدن السودانية الأخرى يستوجب حل المشكلات بطرق سلمية من دون التصعيد الذي قد تكون عواقبه وخيمة على الجميع.

وأضاف في تصريحات لـ”العرب”، أن الحكومة الانتقالية قد تلجأ إلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد، حال تيقنت من أن المطالب سياسية وليست مادية كما هو معلن من قبل المجموعة المتمردة.

وفي يوليو، أعاد مجلس السيادة تسمية جهاز الأمن والمخابرات الوطني بجهاز المخابرات العامة. ومنذ أن توصل العسكريون وقادة الاحتجاجات في السودان إلى اتفاق في أغسطس، تحولت السلطة في البلاد إلى حكومة انتقالية. وتعهدت السلطات الجديدة خصوصا بإصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية.

 

العرب اللندنية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..