أخبار السودان

سقوط أحد أسقفها (معاذ بن جبل) بجبل أولياء .. مدرسة لا تصلح للتعليم

جولة قامت بها: مياه النيل مبارك

في العراء.. وتحت ظل فصول مصنوعة من الزنك (الحار) وأشبه بالمطابخ، يتقاسم طلاب مدرسة (معاذ بن جبل) للأساس الواقعة على بعد أمتار شمال سوق جبل أوليا قبالة مكاتب التعليم المعاناة، فلم تجد أجسادهم الغضة سوى الرضا بما قسمه الله، واستقبال الدروس في بيئة تعليمية رديئة جداً، وكان معتمد المحلية قد أوصى ببناء أسقف المدرسة في وقت سابق، غير أن شركة (شمس الدين سبدرات) للمقاولات المشرفة على عملية الترميم والصيانة أوصدت أبواب الفصول وتركت للطلاب العراء.

أسقف قديمة:

على إثر اتصال هاتفي من والدة أحد التلاميذ تشكو وضع التعليم والبيئة المتدهورة للمدرسة، قامت (محررة) التحقيقات بزيارة عاجلة للموقع، فوجدت أن الأسقف قديمة وصدئة، إلى جانب انتشار التشققات في جدران الفصول كافة، ووجود أكوام النفايات في كل ركن، وأثناء جولتها بين الفصول المتهالكة، شاهدت سقوط أحد الأسقف أمام ناظريها، مما تسبب في حدوث تصدعات على الحوائط، فأسرعت ومعها التلاميذ إلى خارج فناء المدرسة، على إثر الصوت المدوي الذي طرق كل أذن أسرعت إدارة المدرسة لاستجلاء الأمر، وأخلت بقية الفصول خوفاً من حدوث كارثة، مما أثار الهلع وسط التلاميذ.

أحد أولياء الأمور كان حاضراً، فالتقته (المحررة) وسألته عن انطباعه حول المدرسة التي يدرس بها طفله، فأجابها قائلاً: هذا هو التعليم في زمن الغفلة، ووصف البيئة العامة للمدرسة بـ(المخيف والمقلق)، وأضاف أنه بحاجة لوقفة وزيارة من معتمد المحلية ليقف بنفسه على أي وضع يتلقى الطلاب الدروس .

مبانٍ قديمة:

فيما أبدى ولي أمر الطالب (أحمد) أسفه لحجم (الرواكيب والعرائش) المقامة داخل المدرسة، ويرى أن هذا التصرف يؤكد صبر وإصرار الإدارة على مواصلة الدراسة دون انقطاع، في ظل أن الجهات المعنية (ساده دي بطينة ودي بعجينة)، مطالباً بضرورة النظر في أمر المدرسة التي تسرح فيها القطط، وتسكن في فصولها الخفافيش، ومحاولة معالجة القصور الواقع عليها حتى يتمكن الطلاب من استيعاب الدروس بشكل جيد، وفي ظل ظروف آمنة، وذكر أنهم كأولياء أمور وبالاشتراك مع إدارة المدرسة حاولوا مراراً وتكراراً مقابلة المعتمد، إلا أن الأمر استعصى عليهم، مضيفاً أنهم قاموا برفع مذكرة إليه بضرورة الإسراع في بناء المدرسة مجدداً، وكل ما فعله أنه أمر باستمرار ترميم المدرسة، ولكن الشركة المنفذة تجاهلت القضية، ورفضت إكمال العمل نسبة لعدم دفع المبالغ المالية، وظل التلاميذ ينتقلون من ظل شجرة إلى أخرى لتلقي الدروس، لافتاً إلى أهمية المدرسة التي تتميز بتاريخ عريق باعتبارها من أقدم المدارس في المحلية، ويعود تاريخ إنشائها إلى زمن الاستعمار، كما أنها خرجت أميز الطلاب الذين يشغلون الآن وظائف كبرى في مؤسسات الدولة، واتفقت معه المواطنة (سليمة عمر) في الحديث لكنها أبدت تخوفها على الطلاب الذين سوف يستقبلون فصل الشتاء في العراء دون أن تحميهم أسقف من برودة الطقس القاسي، وناشدت إدارة التعليم التي يفصل بينها وبين المدرسة متر واحد وسور بالنظر إلى وضع الطلاب.

أسئلة حائرة:

المؤسف في الأمر أن المعلمين والتلاميذ يزاولون يومهم بشكل طبيعي، في ظل صدى صوت الهزات الناتجة عن السقوط المستمر للأسقف، وبعد الجولة التي نفذتها المحررة داخل باحة المدرسة توجهت بأسئلتها الحائرة إلى المعلمين والمتمثلة في فترة التدهور، ودور مجالس الآباء وإدارة التعليم بالمحلية، بالإضافة إلى كيفية استيعاب الطلاب للدروس في هذه البيئة، ومدى تأثير ذلك على مستوى المدرسة التعليمي، فأجاب أحد الأساتذة قائلاً: تعاني المدرسة الإهمال منذ سنوات طويلة، ويرجع تاريخ أخر بناء لفصول جديدة إلى العام (2010م) من قبل الشركة المنفذة (شمس الدين)، غير أن عمليات الصيانة والبناء قد توقفت نتيجة عجز في الميزانية.

أعراض مرضية:

يبلغ عدد الفصول الحالية المصنوعة من الزنك بالمدرسة اثنين فقط لا ثالث لهما، وتستقبل طلاباً يفوق عددهم (150) طالباً (بالصف السابع والثامن)، أما الصفوف من أولى إلى ثانية يدرسون داخل الفصول المتهالكة والآيلة للسقوط وتملأ جدرانها الحفر التي (تعشعش) فيها الطيور ذات الروائح الكريهة، هذا ما أشار إليه أحد الأساتذه الذي أضاف أن هذه المباني كانت في السابق عبارة عن داخلية يسكنها طلاب المرحلة الدراسية المتوسطة، ومنذ ذلك الوقت كانت تخلو من المراوح، مشيراً إلى أن الطلاب الآن يدرسون تحت أشعة الشمس، لدرجة أنهم يصابون بالصداع ويشكون من الإرهاق وكثرة التعرق المستمر وهذه الأعراض قد تقود إلى الإصابة بأمراض خطيرة في المستقبل مثل (السحايا ـ والصداع النصفي)، لافتاً إلى خطورة سحايا الشتاء الذي قد يودي بحياة الطالب، مما يتوجب على وزارة التربية والتعليم زيارة المدرسة وتخصيص ميزانية لصيانتها.

معالجة مناسبة:

في السياق، اقترحت إدارة المدرسة بضرورة ضم الفصلين الموجودين بالمدرسة إلى إدارة مكاتب التعليم بجوار المدرسة، والعمل على صيانتها والاستفادة منها، أو تقسيمها إلى أربعة فصول على أن يدرس الطلاب داخل مكاتب التعليم ، نظرًا لأنها كانت في السابق فصولاً، والفصول الحالية المتهالكة كانت سكناً للطلاب، ويجب أن يعود الوضع كما كان عليه سابقاً، وأكدت الإدارة أن انهيار الحوائط الذي يحدث بين فترة وأخرى أصاب الطلاب بنوع من الرعب والخوف وأثر على مستواهم الدراسي، كما أنه أدى إلى التسرب المدرسي والغياب نسبة أن الوضع لا يمكن أن يحتمله أي إنسان، وضمت الإدارة صوتها إلى الصوت المطالب بضرورة تدخل الوزارة، خاصة وأن وزارة التربية والتعليم كانت قد أكدت اكتمال كافة الاستعدادات ومراجعة البيئة المدرسية مطلع العام الجاري، غير أن ما تعانيه هذه المدرسة بعيد عن الواقع والخطط والدراسات .

ظروف سيئة:

وبحسب ما ذكره المواطن (عبد القادر حسن) ـ يقيم بجوار المدرسة (للمحررة)، أن المدرسة في تسعينات القرن الماضي كانت تعرف بمدرسة (جبل أولياء) المتوسطة، وقد درس فيها أشهر المسؤولين، لكنها تحول حديثاً إلى مدرسة أساس وتم تقسيمها إلى مدرستين (الزهراء بنات ـ وجبل أولياء)، فوقع نصيب البنين في مباني الداخليات المتدهورة، وجزء كبير من المكاتب الجيدة تحولت إلى مكاتب لإدارة التعليم الذي يمارس عمله الآن بهدوء شديد ، بعيداً عن الهزات الأرضية نتيجة انهيار مباني وحوائط المدرسة، وأشار إلى أن عدداً من أولياء الأمور قاموا بنقل أبنائهم إلى مدارس أخرى تبعد عن منازلهم كثيراً، تفادياً للأضرار الجسدية وضماناً لمواصلة تعليمهم في بيئة مناسبة متحملين تكاليف الدراسة مرتفعة القيمة، مناشدًا بضرورة الاهتمام بالمدرسة ووضع لافتة توضح اسمها وتاريخ إنشائها، مع تحديد مدخل خاص بها لأن البعض يصلها عبر مدخل مكاتب إدارة التعليم مثلها مثل بقية المدراس في المنطقة.

مأساة حقيقية:

من جانبه قال المواطن (رجب) إن الإهمال في المدرسة وصل حداً يصعب وصفه، وأن المأساة تتمثل في أن الزائر للمنطقة لأول مرة بأن هنالك مدرسة تقبع في المنطقة، لأنها مغطاة بالنفايات والحشائش التي تملأ المكان بصورة كثيفة، وأضاف قائلاً: حتى البوابة طالها الإهمال ومدفونة، كما أن الطلاب يجدون صعوبة في الدخول إلى المبنى بسبب الشروخ والخدوش التي يتسبب فيها الباب، هذا ناهيك عن أبواب المنازل المفتوحة داخل المدرسة لدرجة أنها أصبحت باحة للعشوائيات، نظرًا لأن المنازل يسكنها أهلها ويتخلصون من نفاياتهم بالقرب من المدرسة، فيما أوضح أحد المواطنين ـ فضل حجب اسمه ـ أن المدرسة تمت إضافتها إلى الشارع من قبل وزارة التخطيط العمراني، ومن المفترض أن يحول السكان مداخل منازلهم إلى الجهة العكسية، ويرى الاهتمام بها باعتبارها موقعاً أثرياً يجب أ لا يمحوه الزمن، مشيرًا إلى أن مسجد المدرسة تم استغلاله وتحويله إلى فصول وأن الطلاب يصلون تحت أشعة الشمس، وفي بعض الأحيان تحت ظل الحوائط التي يمكن أن تقع على رؤوسهم في أي لحظة .

أخيراً:

ما كشفت عنه جولة (الصيحة) بهذه المدرسة لا صلة له بالتعليم، ويؤكد وجود قصور وعدم مبالاة من الجهات المعنية بوضع المدارس وبيئتها والظروف التي يتلقى فيها الطالب دروسهم، كما يكشف عن تجاوزات كبيرة في حق القوانين التي تنص على توفير تعليم في أجواء آمنة، وهذه البيئة تعيد إلى أذهاننا قصة المعلمة التي فقدت حياتها بسبب سقوطها داخل مرحاض مدرسة، ونسبة لعدم تكرار المأساة مجدداً تناشد الصيحة المختصين تسجيل زيارة خفيفة للوقوف على المشكلة كاملة ووضع المعالجات.

تعليق واحد

  1. أرجو أن يعرض أمر هذه المدرسة لابن الجبل ود الجبل وسوف لا يقصر ومشهود له عمل الخير عندما تعجز الدولة لفسادها وسوء تقديرها

  2. أرجو أن يعرض أمر هذه المدرسة لابن الجبل ود الجبل وسوف لا يقصر ومشهود له عمل الخير عندما تعجز الدولة لفسادها وسوء تقديرها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..