الضرا” إرث.. هل يقترب من الانقراض؟

الخرطوم: مصعب الهادي
(الضرا) كلمة من غرب السودان تعني (بيت الرجال) أو(ديوان الرجال)، ويقصد به المكان الذي يستقبل فيه الضيوف، وهي أيضا تعني الملتقى الذي يجلس فيه الرجال لمناقشة القضايا والإشكالات، بالإضافة إلى ذلك يمثل (الضرا) المتنفس ونقطة الوصل والترفيه لأهل البوادي والقرى، ومن تلك الأصقاع أخذ (الضرا) يشتهر وتتم إعادة إنتاجه في كل مكان مع اختلاف دوره وقيمته وأهميته حسب كل منطقة، لكن تقف كنايته والتصاقه الوثيق بشهر رمضان المعظم ليعرف بأنه المكان الذى يلتئم فيه شمل الناس عند تناول الإفطار.
في السابق كان البصمة والأثر الذي نفاخر به كسودانيين، لأنه كان ضمن عناصر محددة تتسم بالخصوصية التي تميزنا كسودانيين عن مختلف شعوب الأرض، وكان الدليل والسبيل الذي يحل أمة عابري الطريق غير أنه يحلل صيام كثير من الأسر التي لا تستطيع توفير الحاجيات البسيطة، لكن الحال اختلف الآن، ولم يعد الأمس كما هو اليوم بل المشاهد لذلك الإرث يجده قد بدأ في الاندثار جزئيا وكاد يختفي في بعض الأحياء خاصة التي توصف بالراقية، من هنا كانت لنا جولة نقتفي فيها أثر (الضرا)، وماذا حل به وسط الشارع السوداني.
مشهد أول
“انقضى أكثر من نصف رمضان ولم نكن لنشعر به، بل اختفت كثير من معالمه السمحة أولاها الضرا”، هكذا كانت بداية ربيع إبراهيم ليواصل قائلا: نعم، جلسة الضرا كانت في السابق من الأزمنة ملحمة تحكي تفاصيل كثيرة ونقطة التقاء لمن غابوا عنا، غير أنه المشفى النفسي لمعالجة أزمات الناس والمساعدة في حل كثير من الكرب، غير أنه (زوادة) لعابري السبيل من الصائمين، حقيقة الضرا بدأ يخفت بريقه مثل كثير من العادات التي ماتت مع مدارات الزمن، خاصة مع هجمة صراع الحضارات التي (نشفتنا وقعدت).
الناس والظروف
وأشار علي جبريل إلى أن الإنسان حين لا يجد الناس حوله لا يكون سعيداً، ويدخل في (جهجهة)، خاصة في رمضان، لأنه بحاجة ليفرغ شحنته بالونسة، ويكون ذلك أبسطه في لمة الضرا، لكن الآن للأسف الكل قد انفض وتفرق وزادت فوهة الصعوبات في الشارع والمنزل، وعزا جبريل ذلك كله إلى الظروف والأزمة الاقتصادية التي أضرت بالناس كثيراً.
أما (طالبة المحاسبة) آمنة خالد، فذكرت في حديثها أن الناس أضحوا غير اجتماعيين كما السابق بفعل الكثير من العوامل التي أثرت في حياتهم خاصة قرار رفع الدعم الأخير، قد مس الناس في الكثير وجر معه مساوئ ليس لها أول ولا آخر، وقالت: “فإذا ما نظرنا لإرث الضرا في السابق نجده حلقة وصل، ولكن الآن لم يعد كما السابق، فالناس مابتطلع الضرا بحجة ضعيفة وهي شماعة (المشاغل كترت)، لكن ماهو ظاهر للعيان أنهم لم يعودوا اجتماعيين زي زمان، وهذا يرجع إلى اختلاف الشخصية السودانية، لكنه ليس بالتطور، بل هي خطوة إلى الخلف بالتخلف”.
صورة مختلفة
وأوضح التاجر آدم يحيى أحمد ولاية دارفور أن الفرق كبير بين العاصمة والريف، “ففي العاصمة أي زول بفطر في بيتو، أما لمة الضرا تجدها فى بعض الأحياء الشعبية، لا أعلم هي طبيعة أما ماذا؟”، وأضاف متحسراً: “أنا وكثير من التجار حين يعود شهر رمضان ونحن بالخرطوم نكون أكثر تحسراً، لأننا في كثير من الأحيان لا نجد من يشاركنا المائدة، فنضطر إلى الذهاب إلى المساجد والأحياء الشعبية كي نشعر بالجو الذي ألفناه في البادية”. وأضاف يحيى صراحة تراجع الكثير من ركائز عاداتنا ينبئ عن فقد وضياع للهوية خاصة بين سكان المدن

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. ذكرتنى والله اغنية شكر وحماسه قديمه ثقول أحد مقاطعها

    البيت بيتك واجنا جناك

    الضل ضلك والضرا ضــراك

    لك كل الود ويا ريت نرجع لأيام الضــرا والضل والتييبار

  2. العادات السودانية السمحة و التي يشترك فيها كافة السودانيين قد إندثرت أو تناقصت كما و كان السبب الأساسي في هذا الذبول و الإندثار مرده إلي الحركة الإسلامية العالمية و التي يطبقها جهلاؤنا في السودان بغير روية ؟؟ نعم إن الحركة الإخوانية هي السبب الرئيسي في إندثار كل العادات السودانية الأصيلة و التي إمتزجت بالعادات العربية آخذة منها أحسنها فلما أتي هؤلاء ( ومن أين لا أدري ) و إستولوا علي السودان بإسم الإسلام و بإسم الدين سعوا في تدمير كل ما من شأنه أن يوحد بين الناس و يجعلهم أمة واحدة متساوون في الحقوق و الواجبات بدلا من ذلك سعوا في تدمير كل ما هو جميل و تركوا ما يفرق بين الناس و عن عمد ؟؟ إنهم تبنوا القبلية في الوظائف و كرسوها لقبائل بعينها و حرموا مها قبائل كثيرة مما أوغر في صدور الناس الحقد و الحسد و البغضاء و هذا هو مربط فرسهم أن يروا الناس أشتاتا لا جامع لهم و يتعبوهم في البحث عن الرزق و سد الرمق بعيدا عن أعينهم ؟؟؟
    الزكاة يأخذونها من الفقراء و يعطوها للإغنياء منهم مخالفين في ذلك كل الشرائع السماوية ؟؟
    اللهم أرنا فيهم يوما أسودا ؟؟ اللهم إنهم لا يعجزونك بفضل هذا الشهر المعظم يا الله خذهم أخذ عزيز مقتدر يا رب العالمين ؟؟؟ اللهم إنهم ظلموا عبادك اللهم إنهم قتلوا عبادك اللهم إنهم خانوا عهدك اللهم فانتصر ؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..