تصريحات مقلقة..!!

بالأمس، كانت كل الصحف تتحدّث عما قاله السيد وزير المالية، رئيس الوزراء، لتخفيف أثر ما تمر به البلاد من أزماتٍ اقتصادية وسياسية وعلاج بالصدمات، حديثه تنوع ما بين التهديد و(التحنيس) والرجاء والابتزاز العاطفي، وهو أسلوبٌ قديمٌ ظلّت تُمارسه الحكومة طيلة ثلاثة عُقُودٍ، ومع أن المواطنين لم تعد تنطلي عليهم مثل هكذا أساليب، إلا أنها ما زالت (مكضبة)!

السيد معتز قال (أي زول شايل ليهو دولار في إيدو أخير يتخارج منو) ولا أدري ماذا يقصد بـ (يتخارج منو) هل سيعتقلهم ويُحاكمهم أم سيُصادره منهم، أم ماذا سيفعل لهم، وهي ليست المرّة الأولى التي نسمع فيها مثل هذا التهديد الذي انتهى على مزيدٍ من كنز الدولار لدى مزيد من الناس وخاصة أهل السُّلطة، كذلك قال معتز: بعد يوم الاثنين  (شوفوا دولار المُضاربين بمشي وين)! أكيد سيكون باقياً في إيادي المُضاربين وخزنهم، فالتجربة أثبتت أنّ الحكومة لا تستطيع اتّخاذ أيِّ إجراءات مع المُضاربين، ولن نذيع  سراً إن قلنا إنّ هناك مسؤولين يُضاربون في الدولار فهذا ما قالته الحكومة.

في مُحاولةٍ مُختلفةٍ، وجّه معتز رسالة للمُواطنين المُحتجين  وقال: (ما في طريقة غير نصبر على بعض)، ولا أدري لماذا هذا الطلب الآن وهو يعرف أنّ المُواطنين قد نفد صبرهم، وقرروا أن لا يصبروا ولن يصبروا، ومَعلومٌ أنّ الحكومة لم تصبر على المُواطنين وإنما عاشت على  صبرهم!!

كذلك قال معتز إنّ الحكومة دخلت في اتفاقيات ستؤدي لانخفاض الدولار، لم يتحدث عن طبيعة هذه الاتفاقيات ولا متى تثمر رخاءً، وكم من اتفاقيات سمعنا عنها ولم نرها، كذلك قال معتز إنّ الحُكومة تَعمل في بيئةٍ غير مُواتية، وهذا كلامٌ غريبٌ، كيف يُمكن للحكومة أن تعمل في بيئةٍ غير مُواتيةٍ، أليست هي من تصنع هذه البيئة؟ وبما انها لم تستطيع توفير هذه البيئة حتى بلغ عُمرها 30 سنة فهي إذاً لن تفعل بعد اليوم، ولا يجب أن تشتكي للمواطن فهو ليس من واجبه أن يوفر لها بيئة العمل.

معتز قال: بصفته رئيس وزراء وليس مالية، التدخل الأمني في التظاهرات غير لائق ومُدان، وإن الحل السياسي يجب أن يمهد له بحل اقتصادي، وهذا كلام ليس صحيحاً والعكس هو الصحيح، الحل الاقتصادي يُمهِّد له بحل اقتصادي، وكل الأزمات التي يعيشها السودان اليوم سببها التعاطي السياسي الخاطيء مع قضايا السودان أولاً، ومعلومٌ أن الاستقرار الاقتصادي لا يتحقِّق أبداً إلا في ظل استقرار سياسي.

عُمُوماً السيد معتز وزير الوزارتين إن كان يعتقد أنّ تصريحاته هذه سَتُطمئن المُواطن فهو أخطأ التقدير، وعلى العكس تماماً هي مُثيرةٌ للقلق ومُحبطة، لأنّها تعكس أن حكومته فعلاً ليس لديها ما تُقدِّمه للمُواطن ومازالت في كذبها القديم، وتُؤكِّد له أنه مهما صبر لن يتغيّر الحال، خَاصّةً وأنّه ظَلّ يسمع نفس الكلام مع اختلاف الصياغة لمدة 30 سنة، وهذا ما جعله يحسم أمره ويُقرِّر أنه سيحل المُشكلة بنفسه ولن يصبر لحُلُول الحكومة وعليها أن تفهم هذا!!

التيار