مقالات وآراء
الاستهبال الديني

لقد عرفنا وخبرنا فنونا والوانا من (الاستهبال السياسي) التي مورست طوال حقبة النظام البائد، بدءا من لحظة ميلاده عبر الانقلاب وخديعة (اذهب الى القصر رئيسا وسأذهب الى السجن حبيسا)، والى ان انتهى بمحاولة استهبال ديني بتلك الفتوى التي بررت للمخلوع بأن الشرع يبيح له قتل ثلثي الشعب ليبقى على سدة الحكم، وهاهم الجماعة اليوم ظلوا على حالهم وعهدهم القديم مثل آل البوربون (لم ينسوا شيئا ولم يتعلموا شيئا) ولم يعتبروا ويتعظوا على عظم وكثرة العبر والدروس التي توفرت لهم لاصلاح حالهم وتقويم اعوجاجهم، اذ علا ضجيجهم وعجيجهم وتعالت صيحاتهم ونواحهم وكواريكهم وثكلبتهم الاستهبالية الكذوبة (وا اسلاماه وا شريعتاه) بعد ان اجرى وزير العدل تعديلات على بضعة قوانين لا تتجاوز اصابع اليد، فمن استهبالهم البائن ان هذه المواد المعدلة التي اعتبروا تعديلها مساس بالشريعة الغراء هي ذاتها المواد التي قالوا عنها انها شريعة مدغمسة مرفوضة..
ولا أريد هنا الخوض في لجاج غير منتج مع هؤلاء المستهبلين حول هذه التعديلات، ولكنني اتوجه لبعض الصادقين ممن حاول هؤلاء المستهبلين الدينيين (خمهم) باستثارة عواطفهم الدينية، بأن يضعوا المواد المعدلة القديمة وتحتها التعديلات الجديدة، وليقارنوا بعد ذلك بينهما، المؤكد انهم لن يجدوا ما يتطلب اثارة كل هذه الجلبة والجقلبة، اما هؤلاء المستهبلون فلن نواجههم الا بسؤال بسيط، كيف جاز لكم ان تثيروا كل هذه الزوبعة حول قوانين وصفتموها انتم بأنفسكم بأنها مدغمسة فهل تطالبون ببقاء (المدغمس)، فلو طالبتم مثلا بقوانين شرعية كاملة الدسم وطالبتم بعدم خروج النساء مثلا من بيوتهن امتثالا للآية الكريمة (وقرن فى بيوتكن) لوجدنا لكم العذر، اما الدفاع عن تلك المواد المعدلة فذلك محض استهبال، فهذه القوانين نفسها كان قد قال عنها احد علمائكم الشرعيين هو البروفيسور محمد عثمان صالح رئيس ما يسمى هيئة علماء السودان، قال إن النظام البائد كان سادراً في غيه بالرغم من أنه كان يرفع شعارات الحكم بالإسلام، لكنها لم تجد طريقها الى التطبيق لذلك ازاله الله بحسب سننه الكونية، بل أن رئيس النظام البائد نفسه الذي (أزاله الله) حسب تعبير رئيس الهيئة، كان قد قال بنفسه في خطبة شهيرة له (تاني ما في شريعة مدغمسة)، ما يعني بالواضح الذى لا لبس فيه وباعتراف جهير أنهم ظلوا يحكمون الناس بـ(شريعة مدغمسة)، المهم أن خطل هذه القوانين الموسومة بالشريعة والتي ظلت تحكم الناس وتتحكم في مسيرهم ومصيرهم حتى يوم الناس هذا، هي شريعة مدغمسة، أي أنها باللسان العربي المبين، قوانين ملتبسة تخلط الحق بالباطل، أو أنها تُلبس الباطل ثوب الحق، أو في أحسن التعريفات أنها مبهمة وغير واضحة وبلا هوية محددة، اذن الكل اتفق على الدغمسة التي اكتنفت هذه القوانين منذ ظهورها أول مرة في 1983 وإلى الآن وإن اختلفت تقديرات هذه الدغمسة ووجهتها عند كلٍ منهم، فالامام الصادق المهدي اختزلها في عبارة جامعة ومانعة بقوله فيها انها لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به، والاتحاديون وصفوها بأنها أبعد ما تكون عن روح الإسلام ومقاصده السمحة في العدالة والنزاهة والحرية واستقامة الحكم ورشده، وقال فيها رئيس القضاء الأسبق مولانا خلف الله الرشيد انها محض خمسة حدود تم إقحامها قسراً في قانون وضعي، والشاهد هنا هو أن من حكمونا طوال هذه السنين العجاف، كانوا يطلقون الاحاديث المتواترة عن (دغمسة) هذه القوانين، ولكنهم اليوم فى عملية استكرادية استهبالية بعد ان اطاحتهم الثورة نكصوا على عقبيهم واعتبروها قوانين غير مدغمسة سينافحون لبقائها فتأمل وتعجب من هذا الاستهبال..
الجريدة
——————
يواصلون إستهبالهم بدون أدنى قدر من الحياء أما الذكاء فهو بعيد عنهم وكأنما الله لم يكلفهم بالتدبر والتفكير…هؤلاء القوم مافتئوا سادرين في غيهم القديم إدعاء بإمتلاكهم ناصية الحقيقة وحماية الدين وفعائلم وأفعالهم تنبئ بغير ذلك..دان لهم السودان ثلاثين عاما حسوما ولغوا فيها من دماء المسلمين وغير المسلمين ما ولغوا لم تحركهم عقيدة أو فطرة بشرية سليمة فأقاموا أعراس لشهداء قال كبيرهم أنهم فطائس.. وهل وجد في الإسلام ماسمى بعرس الشهيد.. إدعوا زورا بتحكيمهم حكم الله وإذابصبح ثورة السودان يسفر لنا لصوص سراقين ذوى أيد خفيفة لا يخشون مال الناس ولا مال الله فلم يكن في عرفهم ما يزجرهم يتنافسون في نهم غريب على السرقة والحيازة بكل السبل ومضوا يتباهون فيما بينهم تباروا في جشع وشره عجيبين على إكتناز الأموال.. لم يؤدوا اية أمانة ولم يردوها إلى أهلها وقد زادوا ضغثا على أبالة أن وجهوا لشعب السودان النبيل سيلا من الإساءة والتجريح ممتنين عليه بغير حق على ما لم يعملوه (ا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أل عمران (188)التعديلات التى إنتهزوها وبنوا عليها قصور رمال عودتهم التى لن تأتى بإذن الله.. هذه التعديلات أتت خجولة ومترددة كما هو الحال فى الخمر فدولة مسيحية مثل النرويج مثلا عندها من التشدد في تعاطى الخمور ما تعجز عنه أة دولة غالبية سكانها من المسلمين. الخمر أختلف فى تعريفها كثيرا ولم ترد عقووبة حدية قاطعة لمتعاطيها ولكن بعض الدول أغلظت في عقوبة من يتصرف تحت وطأتها فيحرم مثلا من رخصة القيادة أو من الدعم الإجتماعى الممنوح للسكن أويجرد من حق الحضانة في حالة الطلاق.. ومن الدول ما ذهبت أبعد من ذلك فأعطت ولى الأمر الحق في فتح بلاغات للمحال التى تبيع خمورا للقصر من أبنائهم وهناك أيضا من لدول التى حظرت بيع الخمور لحملها خارج المحل بعد الحادية عشرة ليلا كما أن هناك حملات منتظمة للحد من تعاطيها . كل هذه تمثل وسائل قانونية لحماية المجتمع من أاثار الخمور وهى ليست وحدها تتعرض لمثل هذه الحملات فهناك التبغ وهذان مثالان واضحان لمسئولية السلطة تجاه رعاياها بغض النظر عن دينها. ترى ماذا فعل الأبالسة حاويات المخدرات وأساطيل العاهرات لخدمة حكامنا الأدعياء ولن نذكر ابدا مخازيهم في أفعال يندى لها الجبين قتل وإغتصاب وتهريب .. إنهم كانوا حقا عصابة من المرضى المعتوهين تسللوا خلسة إلى الحياة السودانية فأحالوها جحيما.. ولا زلت أكرر ما توقعه محمود محمد طه ( أنهم سيستلمون السلطة يوما ما فى السودان ويحيلون نهار حياة السودانيين ليلا كالحا ولكن الشعب سيقتلعهم من أرض السودان إقتلاعا) وتمنى أن يجرب السودانيون تجربة حكم الإسلاميين.. وقد قالها بعده زعيمهم المخاتل راشد الغنوشى من تونس أن تجربة حكم الاسلامويين في السودان ليست جديرة بالإحتذاء بها فالتجربة فقدت كل عناصر الجذب فالحكم لم يكن راشدا أو لا يكفى شاهدا من أهلها