هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فاطمة؟!

فضيلي جمّاع:
لماذا يعاندنا الحرف في وداعك يا نخلة سامقة على ضفاف نيل بلادي؟ ولماذا تعطينا الكتابة ظهرها إذ نتشبث بها لنبكيك مع الملايين من محبيك؟ مذ شق نعيك علينا صباح اليوم السبت، وأنا أحاول أن أصرخ ملء فمي عبر الكلمات. فقد حدثونا أن الكتابة أصدق ما تكون عندما نحب، وأنبل ما تكون عندما يفجعنا الموت في من نحب. لكن الحروف أعطتني قفاها وأنا أحاول رثاءك أيتها الشامخة مثل شجرة التبلدي في سهول كردفان.
أذكر الليلة بعض المحاط ، في المنفى الذي جمعنا حين ضاقت مليون ميل مربع أن تتسع لك وللملايين من بني بجدتك ? أنت يا من حملت المليون ميل مربع في نبضك وطوفت بها قارات العالم السبع. محطات حفظتها الذاكرة. استعيدها زكية كلما جاء الكلام عن المرأة الرمز ? أيقونة النضال ? عنك يا فاطمة احمد ابراهيم.
خاطرة أولى: سوق آلبيرتون للخضر والفواكه شمال غرب لندن:
ذات يوم من بواكير فصل الصيف..والصيف جميل بدفئه وشمسه الساطعة في هذه البلاد الباردة، والممطرة طيلة أيام السنة. اذكر أنه عطلة نهاية الأسبوع ، حيث التسوق وزيارة الأصدقاء وحضور المناسبات أهم البرامج. قصدنا سوق آلبيرتون للخضر والفواكه – زوجتي وأنا وأطفالنا الثلاثة. سوق شعبي الملامح، وأكثر رفقاً بجيوب المساكين من مخازن ضخمة في الأحياء الفخمة تبيعك كل شيء وتسرق منك كل شيء! في آلبيرتون تباع الخضر والفواكه الطازجة. هنا يتسوق الفقراء ? وبعض من تواضعوا لله من الأغنياء! وإذ نحن في طرف من أطراف السوق، يلفت نظرنا الثوب السوداني الذي لا يغباني ولا يغبى زوجتى. ثوب سوداني تشق صاحبته زحمة المتسوقين والمتسوقات من خليط الأمم واللغات وهي تحمل أغراضها. عرفتها ، فمن غيرها يؤم مواقع (الغلابا) والمساكين ويبتاع أغراضه بكل راحة بال. كانت فاطنة السمحة تقدل بثوبها السوداني الأنيق بين الأمم ، رسولاً لثقافة بلادها وعظمة شعبها. رفعت رأسها من بعيد ?أظنّ أنّ الثوب السوداني من الطرف الآخر للسوق قد شد أنتباهها. لمحتني أبتسم ، ونحن نسعى صوبها. وبابتسامتها الساطعة الجميلة، هرعت إلينا ، حتى لتكاد تسقط أغراضها. عانقت زوجتي ، وطبعت قبلة على خد كل من الأطفال الثلاثة، ثم قالت وهي تضحك: ود حلال ..أمبارح كنا في سيرتك! أبديت لها إعجابي بتمسكها دائماً بالثوب السوداني – عنوان هويتها ? أينما كانت! أسعدها امتداحي فيما يبدو ، حيث حكت لي كيف أنها في آخر زيارة تضامن لها لإخوتنا واخواتنا الجنوبيين في معسكرات اللجوء ببلد أفريقي شقيق، كانت السيدات الجنوبيات قد ذكرن لها حاجتهن للثوب السوداني الذي يميزهن عن سواهن. قالت ? والحماس على قسمات وجهها: عشان كدة هسي بنجمع لبناتنا ديل في تياب ..ونرسلها ليهن! لم نكن ندري أننا ? هي وأنا وكل الحالمين بوطنٍ حدادي ومدادي ? كتب علينا أن نعيش فاجعة زمن المنفى والشتات وإعلان حرب داحس والغبراء علينا جميعاً وأغتصاب حرائرنا وجلدهن في عرض الطريق وتمزيق الوطن في وضح النهار أي ممزق! لم نكن ندري ? هي وأنا والملايين من أبناء وبنات وطننا ? أن الوطن وابتسامات أطفاله وأحلى أهازيج العشق في قراه ومدنه قد أشعل فيها النازيون الجدد ناراً .
أكثر ما لفت انتباهي في ذاك اللقاء احتفاؤها بأطفالي الثلاثة: البنت والولدين. كانت تسأل كلاً منهم من
إسمه على حدة. ولا أنسى كيف أنها داعبت شيراز -أكبرهم- وقد كانت في العاشرة. أوصتها ألا تنسى بلادها الأصل. شيراز ?اليوم يا فاطمة السمحة ، محامية في أحد المكاتب القانونية بلندن- وتفتقدك يا نصيرة المرأة. شق عليها الخبر صباح اليوم مثلما شق نعيك على الملايين من أبناء وبنات وطنك من كل الأجيال.
خاطرة ثانية: محطة إيجوير لقطار الأنفاق بقلب لندن:
أخرج ذات يوم شتائي بارد من قطار الأنفاق في إيجوير بقلب لندن لقضاء بعض الأغراض. مرة أخرى وأنا على الرصيف ، أرى فاطمة احمد ابراهيم ? وقد غلبها ثقل سنوات العمر والغربة والحرقة على الوطن. أسرعت إليها . ناديتها من على البعد: أستاذة ! رفعت رأسها لتراني. حاولت أن تحث الخطى تجاهي. كان بادياً عليها الإعياء. الثوب السوداني الأنيق وقد غطى بعضاً منه معطف من الجلد ليقيها برداً ليس أكثر قسوة منه إلا وطن يطرد أمثالها. عانقتني ، والدمع يسيل من عينيها بغزارة. لن أنسى كلماتها التي عادت تطرق ذاكرتي اليوم وأنا أهيء نفسي لأبكيها بهذه السطور البائسة. قالت لي وكأنها ترجوني الحل:
– ما عايزة أموت هنا يا فضيلي يا ولدي! عايزة أموت في بلدي. في السودان وفي ام درمان!
كان ذلك قبل اكثر من عشر سنوات. حاولت أن أزجر الدموع التي اغرورقت بها عيناي. كنت أحاول أن أتمثل دور الرجل السوداني ? الحائط القوي لبنات العم في وقت الشدة! وهل كان بوسعي؟
هل خانك الوطن يا فاطمة؟ أم هنت علينا أنت وحرائرنا لتعودي إلى وطنك في كفن ؟ هل هانت علينا أنفسنا لنذكر محاسنك اليوم ? نحن الذين من بؤس ثقافتنا نقول لأخيارنا عبارتنا الخائبة: الله لا جاب يوم شكرك!
اللهم إرحم فاطمة احمد ابراهيم. جاءتك نقية عفيفة اليد في زمن قطعان اللصوص والزناة في بلادنا. اللهم تقبلها عندك قبولا حسناً ، فليس أحنّ وأكثر رأفة بها منك يا رؤوف يا كريم.
فضيلي جماع
لندن – عشية السبت
12 اغسطس 2017
[email][email protected][/email]
اللهم ارحم فاطة احمد ابراهيم واغفر لها ، كانت امراة تمثلت فيها كل نساء بلادي ….
فاطِمَة
اللهمّ تقبّل روح أمّتك فاطمة قبولاً حسناً واغفر لها و تولّى أمرها
اللهمّ أحسن العزاء لولدها وأسرتها ورفاقها و معارفها وسودانها
عايشت كَبَدَ الحياةِ لوحدها وخدمت بلدَها إلى أن ألحقتها بزوجها
الذي ناضل عبر تلك التصحيحيّات الرفاقيّة فألحقوه بربّهم وربّها
ثمّ تَشَوْمَلوا على تِلالِها … فكابدوا الحياة إلى أن طالتهم سنّة ربّها
ثمّ ارتحلوا عن هذه الدنيا الفانية التي لم تدم لها و لن تدوم لغيرها
موت فاطمة كموت غيرها عبرة لغيرها ثمّ عبور بها نحو آخرتها
فلا نملك إلاّ قولنا … اللهمّ اغفر لنا وارحمنا وتولّى أمرنا…عندها
حينما تصيّرنا لما صَيّرت إليه أمَتك فاطمة إذ حان أجلها فأخذتها
يا أحمد ولدها قلْ الحمد لله (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) كلّما ذكرتها
اللهمّ ارحم أمواتنا وأموات المُسلمين في مشارق الأرض ومغاربها
ندعو الله ان يتغمدها برحمته ويكرم نزلها في الجنة … عاشت فاطمة احمد إبراهيم محبة ومخلصة ومدافعة عن حقوق المراة وحرية التعبير وحقوق الانسان بصفة عامة …وهي اول امراة تتصدى للهوس الديني الذى يعارض حقوق المراة في المساواة في الحياة السياسية …. واول برلمانية على مستوى الشرق الأوسط ، وقد كان لها القدح المعلى فيما وصلت اليه المرأة السودانية من التقدم والرقى … انها فاطمة السمحة التي ترسخت شخصيتها في الوجدان السوداني كرائدة ذات قيم انسانية ومبادئ فكرية سامية كرست حياتها من اجل الانسان …. سيظل السودان يذكر فاطمة احمد ابراهيم المرأة الانسان والسياسي القوي ذو الفكر الرصين ….. هي من النساء اللاتي تسربلن بوجع الوطن ..النساء اللائي احببن الحياة بالحب يمارسن الوطن ……….( فاطنة وقت الليل يضلم تتقلب نجمة وتبهرج وتضوي للناس الحيارى ……..وفاطنة وقت النيل يتسب وموجو يدفر تتقلب شتله وتخدر وتدي للناس خير ثمارا ) ……….. علي احمد جارالنبي …….
معلومة علي الماشي
هنالك بعض الجهله يعتقدوا بان الفنان محمد عبدالعزيز كان يسجن ويعذب من قبل هؤلاء القتلة الحرامية لانو كان بسكر ويعربد الله يرحمه، ولكن الحقيقة كان لديه اتصالات مع المناضل جون قرن وكان يزوره في كينيا، ولذلك كانت تفعل فاطمة أحمد ابراهيم.
وللمعلومية هذا المحمود كان يوزع حوالي 1,500 ساندوتش يوميا الي اطفال الشوارع (الشماسة) ولهذا هو رجل جدير بالاحترام والتقدير لا السجن والتعذيب!!!
وفي النهاية كلهم بلا استثناء ذهبوا الي جون قرن والذي يمثل الوطنية، بما فيهم علي الحاج والترابي وفي الأخير ذهب علي عثمان راكع ساجد الي جون قرن!!
صدقني عزيزي فضيلي،، لقد بكيت مع حروفك الصادقة رغم اني لم ار هذه السيدة العظيمة في حياتي قط.
نسأل الله لها الرحمة والغفران، والعزاء لاسرتها الصغيرة ولكل اهل السودان.
كلمات حرى وفية في رثاء “منبع النور العظيم” من شاعرنا الكبير فضيلي جماع، نشكره عليها.
《ﻟﻚ ﻳﺎ ﺃﻡ ﺍﻟﺴﻼﻡ
ﻭﻫﻲ ﺗﺮﻧﻮ ﻟﻲ ﻭﺗﺼﻔﻮ ﻟﻠﺘﺤﻴﺔ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻡ
ﻭﺟﺒﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻏﺎم
ﻭﺍﻟﺘﺤﻴﺎﺕ ﺍﻟﺰﻛﻴﺎﺕ ﻟﻬﺎ ﻧﻔﺲ ﺯﻛﻴﺔ
ﺭﺳﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻛﺎﻟﺮﻭﺽ ﺍﻟﻮﺳﻴﻢ
ﺻﻨﻌﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻨﻴﺔ
ﻭﺳﺘﺒﻘﻰ ﻣﻨﺒﻊ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ》
صلاح أحمد إبراهيم
سلمت و سلم قلمك صديقي فضيلي جماع
يا صاحب المعدن النقي يا ابن السودان حقا و حقيقة
انتظر قصيدتك في فاطمة السمحة التي هزمت الغيلان
و التي عرتهم وهي حية و الان تعريهم و هي حية ايضا
اللهم ارحم فاطة احمد ابراهيم واغفر لها ، كانت امراة تمثلت فيها كل نساء بلادي ….
فاطِمَة
اللهمّ تقبّل روح أمّتك فاطمة قبولاً حسناً واغفر لها و تولّى أمرها
اللهمّ أحسن العزاء لولدها وأسرتها ورفاقها و معارفها وسودانها
عايشت كَبَدَ الحياةِ لوحدها وخدمت بلدَها إلى أن ألحقتها بزوجها
الذي ناضل عبر تلك التصحيحيّات الرفاقيّة فألحقوه بربّهم وربّها
ثمّ تَشَوْمَلوا على تِلالِها … فكابدوا الحياة إلى أن طالتهم سنّة ربّها
ثمّ ارتحلوا عن هذه الدنيا الفانية التي لم تدم لها و لن تدوم لغيرها
موت فاطمة كموت غيرها عبرة لغيرها ثمّ عبور بها نحو آخرتها
فلا نملك إلاّ قولنا … اللهمّ اغفر لنا وارحمنا وتولّى أمرنا…عندها
حينما تصيّرنا لما صَيّرت إليه أمَتك فاطمة إذ حان أجلها فأخذتها
يا أحمد ولدها قلْ الحمد لله (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) كلّما ذكرتها
اللهمّ ارحم أمواتنا وأموات المُسلمين في مشارق الأرض ومغاربها
ندعو الله ان يتغمدها برحمته ويكرم نزلها في الجنة … عاشت فاطمة احمد إبراهيم محبة ومخلصة ومدافعة عن حقوق المراة وحرية التعبير وحقوق الانسان بصفة عامة …وهي اول امراة تتصدى للهوس الديني الذى يعارض حقوق المراة في المساواة في الحياة السياسية …. واول برلمانية على مستوى الشرق الأوسط ، وقد كان لها القدح المعلى فيما وصلت اليه المرأة السودانية من التقدم والرقى … انها فاطمة السمحة التي ترسخت شخصيتها في الوجدان السوداني كرائدة ذات قيم انسانية ومبادئ فكرية سامية كرست حياتها من اجل الانسان …. سيظل السودان يذكر فاطمة احمد ابراهيم المرأة الانسان والسياسي القوي ذو الفكر الرصين ….. هي من النساء اللاتي تسربلن بوجع الوطن ..النساء اللائي احببن الحياة بالحب يمارسن الوطن ……….( فاطنة وقت الليل يضلم تتقلب نجمة وتبهرج وتضوي للناس الحيارى ……..وفاطنة وقت النيل يتسب وموجو يدفر تتقلب شتله وتخدر وتدي للناس خير ثمارا ) ……….. علي احمد جارالنبي …….
معلومة علي الماشي
هنالك بعض الجهله يعتقدوا بان الفنان محمد عبدالعزيز كان يسجن ويعذب من قبل هؤلاء القتلة الحرامية لانو كان بسكر ويعربد الله يرحمه، ولكن الحقيقة كان لديه اتصالات مع المناضل جون قرن وكان يزوره في كينيا، ولذلك كانت تفعل فاطمة أحمد ابراهيم.
وللمعلومية هذا المحمود كان يوزع حوالي 1,500 ساندوتش يوميا الي اطفال الشوارع (الشماسة) ولهذا هو رجل جدير بالاحترام والتقدير لا السجن والتعذيب!!!
وفي النهاية كلهم بلا استثناء ذهبوا الي جون قرن والذي يمثل الوطنية، بما فيهم علي الحاج والترابي وفي الأخير ذهب علي عثمان راكع ساجد الي جون قرن!!
صدقني عزيزي فضيلي،، لقد بكيت مع حروفك الصادقة رغم اني لم ار هذه السيدة العظيمة في حياتي قط.
نسأل الله لها الرحمة والغفران، والعزاء لاسرتها الصغيرة ولكل اهل السودان.
كلمات حرى وفية في رثاء “منبع النور العظيم” من شاعرنا الكبير فضيلي جماع، نشكره عليها.
《ﻟﻚ ﻳﺎ ﺃﻡ ﺍﻟﺴﻼﻡ
ﻭﻫﻲ ﺗﺮﻧﻮ ﻟﻲ ﻭﺗﺼﻔﻮ ﻟﻠﺘﺤﻴﺔ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻡ
ﻭﺟﺒﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻏﺎم
ﻭﺍﻟﺘﺤﻴﺎﺕ ﺍﻟﺰﻛﻴﺎﺕ ﻟﻬﺎ ﻧﻔﺲ ﺯﻛﻴﺔ
ﺭﺳﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻛﺎﻟﺮﻭﺽ ﺍﻟﻮﺳﻴﻢ
ﺻﻨﻌﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻨﻴﺔ
ﻭﺳﺘﺒﻘﻰ ﻣﻨﺒﻊ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ》
صلاح أحمد إبراهيم
سلمت و سلم قلمك صديقي فضيلي جماع
يا صاحب المعدن النقي يا ابن السودان حقا و حقيقة
انتظر قصيدتك في فاطمة السمحة التي هزمت الغيلان
و التي عرتهم وهي حية و الان تعريهم و هي حية ايضا