مقالات وآراء

لماذا بكى ترباس ؟

 ياسر عبد الكريم

المشكلة لا تكمن فقط في ترباس كنموذج للمبدعين وإنما في الحقيقة أولا وأخيرا في فهم الجمهور لواجبات المبدع وفي تساهله مع المبدع حتى لو كان منافق كما تساهل العرب القدماء مع شعرائهم المنافقين واحتفوا بقصائدهم، فإن الجمهور يحتفى بمبدعيه المنافقين ويتجاهل مواقفهم المشينة في تأييد الطغاة ولا يجد المبدع اي عقوبة من جانب جمهوره لهذا السلوك وبالمناسبة غالبية الفنانيين والشعراء ايدوا الطغاة وغنوا لهم في حقبا عديدة وبطرق مختلفة

وهذا النفاق كان مقبولا من الجميع، الطاغية يحبه ويكافيء عليه والشاعر والفنان يعتبره إبداعه الفني والجمهور يحفظه ويعتبره ايضا ابداع ويردده وهو يعلم أنه نفاق. هذا السلوك تمت ممارسته منذ قرون فمثلا كان الشاعر مهنته الوحيدة هي النفاق على الامراء ويقول شعرا جميلا في الامير وياخد العطايا حسب جودة الشعر ومزاج الامير كما كان يفعل ذلك الشاعر المتنبئ وكان يتنقل من امير الى امير يمدح هذا ويهجو ذاك ثم ينقلب عليه فجأة فكانت هي مهنته التي يسترزق منها

ولم تكن الحضارة العربية وحدها في هذا التقليد، ففي العصور القديمة كان الفنانون الأوروبيون يعيشون في رعاية الحكام والأمراء كما كان يفعل المتنبي . لكن حديثا او في العصر الحديث تخلص الغرب تماما من تبعية الفنانين والمبدعين للملوك. في عام 2009 اقترح بعض (المعرضين) للقذافي بان يحسن صورته القبيحة أمام العالم، فاقترحوا عليه ينظم جائزة أدبية كبرى كمهرجان المربد الذي كان ينظمه صدام حسين وبالفعل تم الإعلان عن الفائز، فكان الكاتب الإسباني غويتيسولو الذي أعلن فورا رفضه للجائزة لأنها ضد مبادئه حيث أنها مقدمة من حاكم مستبد سفاح فهو يعلم لو قبل بالجائزة هناك جمهور لا يرحمه ,وعلى الفور تم استبداله باديب عربي فلم يرفضها بل حضر وفي تلك الليلة نظما شعرا ومديحا في الزعيم الليبي واخد الجائزة لانه يعلم ان ليس هناك جمهور يعاقبه

غضب وسخط الفنان ترباس لدرجة البكاء هذا يقودنا الى مفهوم غريب جدا للمبدعين او الفنانيين يتعدى سلوك الأشخاص إلى مفهوم يجعله يفصل بين الإبداع الفني والمواقف العامة. بمعنى هو لا يرى اي عيب في مدح الانقاذ وتمجيد المستبدين طالما انه مبدع وله جمهور يتابعه ويردد غنائه. وهو حر يغني للبشير او الانقاذ فهو يفعل ما يريد .
لكن فليعلم جميع المبدعين والفنانيين الموهبة الفنية مهما كانت قوية وأصيلة لا تغتفر أبدا تقاعس الفنان عن أداء واجبه في التصدى للقمع والدفاع عن حقوق الإنسان.
وهو لا يرى غضاضة في مديح الطاغية ويصم اذنيه عن صراخ ضحاياه. وهم يصرخون في المعتقلات والسجون ومن القصف بطائرات الاتنوف ومن الجوع ولا يعتبر نفاقه عارا أو جريمة بل إنه في رأيه لا ينتقص من قيمته الأخلاقية. ويعتبر مديح الطاغية نوعا من المجاملة الضرورية أو وسيلة مشروعة لنيل حقوقه كفنان
لذلك قال وبدون اي حرج: (النظام السابق والاخوان ما ذلانا) ولم يضع في اعتباره من ذلاهم من غالبية الجمهور الذي يحبه ويردد غنائه .
وهذا لا ينفي ان هناك أدباء وفنانون قاوموا الطغيان والاستبداد ودفعوا ثمنا باهظا لمواقفهم،

[email protected]

‫6 تعليقات

  1. الشعب كله يبكى يااخى وليس ترباس لوحده…كان الاولى ان تنصح الحكومه لا ان تحتج على ترباس

    1. نعم الشعب كله يبكي ! لكن ابدا البديل ليس انتم ايها الكيزان المتدثرين في ثوب ثورجية

  2. ١-
    لا يهمنا بقليل او كثير بكاء ترباس، وكان عليه ان يضع امن وامان المواطنين من خطر “الكورونا” قبل مصالحه الخاصة، وان يتضامن مع الفئات الاخري الكثيرة في المجتمع التي التزمت باحترام اللوائح الخاصة بالوقاية.
    ٢-
    يهددنا ترباس بالهجرة النهائية من السودان!!، ليته يهاجر، فلم نلمس منه اي فائدة طوال فترة الاعوام التي غني فيها.
    ٣-
    حتي ولو سافر، اين سيغني وكل الدول طبقت نفس نظام الحظر الموجود في السودان؟!!، تهديد ترباس نوع من الرصاص “الفشنك” اطلقه في وقت غير مناسب!!

  3. اذا بكي ترباس او لم يبكي فهذا امر يخصه شخصيا ولا يهمنا ولا تهمنا عمته المقنطرة زي عمة برميل النفايات حسين خوجلي وترباس من اوائل المغنوايتية الذين هللوا للانقاذ وهذا زمانك يا مهازل فأمرحي.

  4. التحية للفنان القامة المتواضع الوطني الغيور ابوعركى البخيت بالله ياترباس ماتشوف ابوعركى الانقاذ حاربته ثلاثون عاما لم يلين ولم ينكسر واكيد كابد الجوع والمسبغة ولكنه ظل كالطود والجبل الاشم لم يبكي ولم يذل لاحد ولم يغادر السودان هؤلاء هم المبدعين حقا أمثال القامة الاستاذ ابوعركي هؤلاء هم من ترفع لهم قبعات الوطنية. ولكن أمثال ترباس ناس هبت ثورة الانقاذ بالعكس وجوده خصما علي الوطن لذلك فوت وقشه ماتعتر ليك لان مثل كلامك الخايس دا الوطنيين الرجال لايتحدثون به حتى في حلمهم. هنالك ياترباس شباب استشهدوا من أجل الحرية في ريعان الصبا دفعوا أرواحهم رخيصة من أجل حب تراب هذا الوطن لماذا لم يقولوا بالله سيبك وخلينا نتخارج كما قلت تعرف ليه لأنهم راضعين من أمهاتهم حب هذا الوطن ولكن امثالك ليس لهم في حب الوطن مثقال ذرة إنما حبهم للمال ومن يحب المال اكثر من تراب الوطن لايلزمنا وربنا عليك يسهل بلدنا مابنخليها الا ندفن فيها والله ماغالبنا اليوم الواحد يسافر الي اجعص مكان ويشترى فيه شقة وياخذ الإقامة الدائمة ولكن تراب هذا الوطن اغلي من اي مكان في الدنيا. يقال ان الاستاذ مصطفى سيد أحمد عليه الرحمة عندما كان يتعالج من الفشل الكلوى في قطر اوصي احد المقيمين هنالك بأن يحضر له تراب من السودان عند عودته من الاجازة هؤلاء يا ترباس هم مبدعي السودان الذين لن ينساهم الشعب السوداني ولكن امثالك ناس هبت ثورة الانقاذ ليس لهم في قلب الوطن شئ يذكر نتمني لك هجرة سعيدة وسلم علي القدامك.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..