مقالات وآراء

متى تحقق الثورة أهدافها ؟

عندما يكون احترام حقوق الانسان هدفا يناضل المواطن من أجل تحقيقه.
عندما يكون القمع سببا كافيا لأن يرفض المواطن النظام .
عندما لا يتقبل المواطن القمع حتى لو كان يعيش حياة مريحة
عندما يعتبر المواطن حقوق الانسان قضية جوهرية ويضع ما يعتبره كرامة الفرد وانسانيته قبل مصلحة الأمة.

هل هذه الشروط توفرت في ثورة ديسمبر (المعجزة) ؟

لقد كانت ثورة ديسمبر لحظات استثنائية وشبه معجزة ثار فيها ملايين السودانيين من أجل حقوقهم الانسانية ضد الفاشية لكننا نرى الآن ان هذه الثورة لم تعبر عن ارادة الشعب كله وهذا شي طبيعي .اذا تم تخيير المواطن اليوم بين حقوق الانسان ولقمة العيش فانه غالبا سيختار لقمة العيش وهذه مرحلة متقدمة لاكراه الناس عنوة في التغيير
تعثر الثورة وإخفاقها حتى الآن في تحقيق أهدافها إنما يدل من ناحية أخرى على أن الثقافة الجديدة التي صنعت الثورة هي التي تؤمن بحقوق الانسان اكتر من لقمة العيش فهي للاسف ليست هي الثقافة الغالبة في المجتمع وإنما تعاديها ثقافة أخرى رجعية تشكل وعي الغالبية دينيا وسياسيا.

الاسلاميون يهمهم الحكم الاسلامي أكثر بكثير من حقوق الانسان بالرغم من ان جوهر الاسلام وجميع الاديان السماوية جوهرها هو حقوق الانسان وجاء الاسلام من اجل الحرية والعدالة وماعداها امور ثانوية لكن جماعة الاسلام السياسي من أجل الوصول الى الحكم تخلوا عن هذا الجوهر وداسوا عليه بالمصالح الخاصة ومن اجل الوصول لكرسي الحكم مستعدين للتحالف مع الاستبداد فهم لا يرفضونه من حيث المبدأ وعندما يثورون ضد الاستبداد يكون ساءت نتائجه بالنسبة اليهم ..
وبالمثل فان القوميين سيؤيدون الطاغية لمجرد أنه يقوم بمحاربة الاستعمار والصهيونية حتى لو تظاهر بذلك فمازال كثير من المثقفين وكتاب سوريين وعرب ينشدون القصائد في بشار الاسد الذي قتل شعبه بالبراميل المتفجرة وفي عبد الناصر وصدام حسين وانصاف صحفيين سودانيين مازال ولاءهم الى الطاغية البشير

لماذا كل هذا ؟
ربما يكون السبب طول عهدنا بالقمع تعرض الشعب السوداني إلى قمع الاحتلال العثماني ثم قمع الاحتلال الانجليزي ثم قمع الانظمة الوطنية بعد الاستقلال التي كانت اكثر فتكا لحقوق الانسان من الاستعمار الانجليزي .وما شاهدناه في برنامج بيوت الاشباح شي فوق الخيال ولا يصدق فلماذا يفعل مواطنون سودانيون بسودانيين مثلهم أسوأ مما فعله جنود الاحتلال بهم فان الاستعمار مثل الاستبداد لا يحترم المواطنين الذين يقمعهم وينتهك حقوقهم

وربما لأننا لم نتعلم من التاريخ الذي يؤكد لنا ان الانظمة الاستبدادية مهما أنجزت من مشروعات جبارة فان نهايتها المحتومة كوارث كبرى. ان انجازات أي ديكتاتور لن تكون أبدا أكبر من انجازات الاتحاد السوفييتي باي حال من الاحوال الذى شيد قوة عظمى لكنها في النهاية انهارت بسهولة، مثل قصر من رمال، ومن الاسباب الرئيسية انتهاكه لحقوق الانسان وغياب الديمقراطية.

يجب أن نؤمن أن الانجاز الأكبر لأي حاكم او لاي نظام هو الحفاظ على كرامة المواطن وحقوقه الانسانية .فلن تنجح الثورة في تحقيق اهدافها الا بترسيخ قيمة حقوق الانسان في ذهن المواطن.؟

ياسر عبد الكريم

 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..