احتضان القتلة وكيف يستغل المتصارعون شعارات السلام لتبرير العنف

زهير عثمان حمد
في مشهد يعكس تناقضات الحرب والسياسة في السودان ، أثار احتضان الجيش السوداني لأحد قادة قوات الدعم السريع الميدانيين ، المدعو كيكيل ، ضجة واسعة بين الأوساط المدنية والعسكرية. بينما يُروج البعض لهذا القرار باعتباره خطوة نحو السلام، يرى آخرون أنه محاولات مفضوحة لتدليس الشعار النبيل “لا للحرب”، الذي يمثل رفضًا صريحًا للعنف والتشكيلات العسكرية.
من منظور القوى المدنية ، يُعد احتضان المنشقين عن قوات الدعم السريع ، التي لطالما ارتبطت بجرائم القتل والتشريد والنهب ، محاولة غير مقبولة لتبرير العفو عن مجرمين ارتكبوا فظائع بحق المواطنين السودانيين. ورغم ما يروجه قادة الجيش عن مفهوم السلام واستيعاب المنشقين كخطوة إيجابية ، تظل الأسئلة العالقة : متى سيُحاسب كيكيل؟ ومتى سيُحاكم على الجرائم التي ارتكبها؟ .
رفض العنف والمليشيات لا للحرب الشاملة .
إن شعار “لا للحرب” الذي تتبناه القوى المدنية لا يتعلق فقط برفض المعارك العسكرية ، بل هو نداء شامل لإنهاء العنف بجميع أشكاله ، وحل كافة التشكيلات العسكرية ، بما فيها قوات الدعم السريع. ودعوة لا للحرب ليست مجرد شعار سطحي ، بل هي مطالبة صارمة بوقف إطلاق النار فوراً ، وإدخال المساعدات الإنسانية للمحتاجين ، والجلوس على طاولة المفاوضات مع قوى الثورة من أجل الوصول إلى التحول الديمقراطي.
إن الدعوة إلى وقف الحرب فوراً ترتكز على مبدأ أن الحرب لا تُخلف إلا الدمار والمزيد من الانقسامات في نسيج الوطن. لذلك ، يجب على جميع الأطراف ، سواء كانوا داخل الحكومة أو الجيش ، أن يتبنوا مسارًا شاملًا للسلام يبدأ من وقف العمليات العسكرية والجلوس مع قوى الثورة من أجل محاسبة مرتكبي الجرائم ، وخصوصًا قادة المليشيات الذين شاركوا في القتل والتشريد والاغتصاب.
المساعدات الإنسانية سلاح بيد المليشيات .
لم تتوقف قوى الثورة عند شعارات “لا للحرب” فقط ، بل عملت على حماية أهل السودان وتقديم المساعدات الإنسانية في مناطق الصراع ، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها. في ظل غياب تام للدولة في بعض المناطق تمثل التكايا التي تقدم الطعام وتساعد الجرحى والأطفال بإمكانات بسيطة ، الأمل الوحيد لكثيرين. ومع ذلك ، تجد هذه الجهود الإنسانية نفسها في مواجهة مع القوى المسلحة ، التي تستغل المساعدات كسلاح ضد المدنيين وتزيد من معاناة الشعب.
موقف قوى الثورة ثبات حتى النهاية
في وجه كل هذه التحديات ، تظل القوى المدنية راسخة في موقفها : نحن دعاة سلمية حتى اللحظة الأخيرة. لم نفارق الوطن، بل نعمل بكل ما أوتينا من قوة لحماية أهلنا ، وتقديم المساعدات الإنسانية. هذا هو نضالنا ، وهذا هو موقفنا الثابت. ومن المحزن أن يُتهم دُعاة السلمية بأنهم غير منتمين للوطن ، في حين أن من يحمل السلاح ويقتل الأبرياء هو من يحاول تمزيق هذا الوطن.
المحاسبة لا بد منها
في خضم ذكرى ثورة أكتوبر المجيدة ، نكرر رسالتنا لن نتوقف عن المطالبة بالسلام والعدالة. يجب أن تتوقف الحرب فورًا ، وأن يُحاسب كل من تلطخت أيديهم بدماء السودانيين ، سواء كانوا قادة قوات الدعم السريع أو أي تشكيل عسكري آخر.
كما يجب أن يتم إلغاء كل المليشيات المسلحة ، وأن يتم بناء جيش واحد موحد يحمي الوطن وشعبه ، بدلاً من أن يكون أداة في أيدي من يريدون تقسيم البلاد.
لن نسمح للثورة أن تُخمد أو أن تُحتوى. فالسلام الذي ننادي به ليس مجرد اتفاقية سياسية ، بل هو سلام حقيقي قائم على العدالة والمحاسبة. وعلينا أن نتحد جميعاً ، كشعب سوداني ، لنعبر نحو مستقبل أفضل يكون فيه السودان للجميع ، بلا حرب وبلا قتلة.
في النزاعات التي تمر بها الدول ، بما في ذلك السودان ، غالباً ما تُرتكب انتهاكات من مختلف الأطراف المتصارعة. في حالة السودان ، ورغم أن الجيش يعتبر المؤسسة الوطنية النظامية ، إلا أن التقارير المختلفة ، سواء من منظمات حقوق الإنسان أو وسائل الإعلام المحلية والدولية ، تشير إلى أن هناك انتهاكات متورط فيها الجيش ، المليشيات الإسلامية المتحالفة معه ، وكذلك الحركات المسلحة الأخرى.
لماذا تذكر الانتهاكات لجميع الأطراف؟
لابد من التوثيق المتوازن في أي نزاع ، من الضروري توثيق الانتهاكات من جميع الأطراف لإظهار الصورة الكاملة للصراع. هذا لا يعني بالضرورة أن جهة ما أسوأ من الأخرى ، بل أن كل الجهات المتورطة يجب أن تخضع للمساءلة , وهذا نعمل عليه الان .
الدفع نحو العدالة المطالبة بالعدالة تتطلب محاسبة الجميع وليس التركيز على طرف واحد. إذا كانت هناك انتهاكات من الجيش أو المليشيات الإسلامية أو الحركات المسلحة الأخرى، فيجب توثيقها جميعها لضمان أن العدالة تشمل كل من ارتكب جرائم ، بغض النظر عن انتمائه.
عدم تكرار الجرائم تاريخياً ، إذا لم تتم محاسبة كل من تورط في النزاعات ، فإن الفظائع تستمر أو تتكرر في الصراعات المستقبلية. لذلك ، يجب أن يكون هناك وضوح حول مسؤولية كل طرف عن الجرائم والانتهاكات.
التجنب من التلاعب بالعدالة : النظام السياسي في السودان يمر بتحديات كبيرة ، ومن بينها محاولات التلاعب بعملية العدالة. حين يتم تسليط الضوء فقط على طرف واحد وترك الآخرين ، فإن هذا يؤدي إلى تصفية حسابات سياسية على حساب الحقيقة والمصالحة.
استناد إلى الوقائع تقارير حقوق الإنسان ، مثل تلك التي أصدرتها منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية ، تؤكد أن الانتهاكات المرتكبة لم تقتصر فقط على مليشيات بعينها، بل تشمل أطرافاً متعددة. مثلاً ، في دارفور ، وردت تقارير عن تورط الجيش في عمليات القتل العشوائي والتشريد جنباً إلى جنب مع المليشيات.
المستقبل المحاسبة للجميع
من المهم الإشارة إلى أن الشعب السوداني يطالب بالعدالة والمحاسبة للجميع ، وهذا ما تم ذكره في خطاب القوى المدنية بأن “العقاب قادم”. وهذا لا يعني فقط محاسبة قوات الدعم السريع أو المليشيات الإسلامية المتحالفة ، بل كل من تورط في القتل والسرقة والاغتصاب وتشريد الشعب السوداني.
لذلك ، دعوة “العقاب قادم” يجب أن تكون موجهة لكل الأطراف المتورطة في الجرائم والانتهاكات ، وذلك لضمان عدم الإفلات من العقاب والمضي قدماً في بناء دولة القانون والعدالة في السودان وهذا الخط الذي يجمع عليه كل أهل السودان .




لا أدرى لما تطلق الاحكام مسبقا ضد الدعم السريع وحده فى ظل رفض مليشيا الحركة الاسلامية لأنشطة لجنة تقصى الحقائق الاممية ؟!
الا أن كان ما يحاول الكاتب تلفيقه لجهة ما دون غيرها وهو التفاف مفضوح , فلجان المقاومة و غيرها من المراصد وثقت لأنتهاكات مليشيا الحركة الاسلامية المسماة زورا – بالجيش – بدءا من قصف المدنيين و تصفيتهم على اساس جهوى و عرقى أنتهاءا بالشفشفة !!
في البداية، من المهم توضيح أن المقال لم يكن موجهًا ضد طرف بعينه، بل تناولنا جميع الأطراف المشتركة في الصراع بشكل شامل. الهدف كان تسليط الضوء على الأحداث بشكل متوازن، مع الأخذ في الاعتبار الانتهاكات التي ارتكبتها مختلف القوى المتورطة في النزاع.
لم يكن التركيز على جهة واحدة، بل استند المقال إلى ما وثقته جهات مختلفة، بما في ذلك لجان المقاومة والمراصد التي أشرت إليها. نحن ندرك تمامًا دور مليشيا الحركة الإسلامية وما ارتكبته من انتهاكات، ولم نتجاهل هذا الجانب. الدعوة هنا هي لإعادة قراءة المقال بعين محايدة لتلاحظ أن الهدف هو إظهار التعقيدات التي تعيشها الساحة السودانية بدون تحيز لأي طرف.
موقفنا كان ولا يزال مع إدانة كل انتهاك، بغض النظر عن الطرف الذي ارتكبه.