مقالات وآراء

غياب الخلاوي في المشروع الحضاري.

أسامة ضي النعيم محمد

مشروع الاخوان الحضاري فكرته الاساسية دعوية ، لا تختلف كثيرا عن دعوات الطرق الصوفية الاخري التي وفدت للسودان ، تسعي فكرة الاخوان للتبشير بأفكار حسن البنا وسيد قطب ، مثلها الطريقة القادرية والتيجانية وبقية الطرق الصوفية التي حلت بأرض السودان و تعمل في مجال نشر الدعوة الاسلامية تبشر بفهم الطريقة التي سلكها الشيخ المؤسس. نحت بقية الطرق الصوفية الي نهج مدارس قرانية عرفت بالخلاوي تقيمها لتتيح للتلاميذ العيش في مجموعات تحت ضيافة شيخ الطريقة ، تناثرت الخلاوي في معظم أقاليم السودان من كركوج الي الزريبة وأم ضوا بان وخلاوي المجذوب و الي غيرها من قري وأرياف السودان . صبغت الطرق الصوفية تلك الخلاوي وصارت منارات لحفظ وتجويد القران وعلومه.
ساهمت فكرة الخلاوي في تعليم النشء ونشرالاسلام علي نطاق السودان ، المشروع الحضاري رافد جديد رفع راية نشر الاسلام في ربوع السودان وبتركيز علي مناطق جنوب السودان حينذاك ومنطقة جبال النوبة منافسا للحملات التبشيرية المسيحية ، بذلت المنظمات الدعوية النصرانية المال وأسباب الراحة في دعوتها ، حري بمن ينافسها من الدعاة أن يسير علي نهج تأليف القلوب لجذبها للدين الذي يدعو لنشره ، جزي الله منظمات الدعوة الاسلامية في العالم الاسلامي والمحسنين من شتي بقاء العالم ، وضعوا تحت تصرف رجال المشروع الحضاري الكثير من مصادر التمكين المالية لإغراض الدعوة للإسلام بالحسنى في بلاد السودان ، محصلة مصادر التمكين تلك وبكسب وحروب أهل المشروع الحضاري تقلصت مساحة رقعة الدعوة الاسلامية ، خرج الجنوب دولة مسيحية أهدتها الحركة الاخوانية للعالم المسيحي . اقامة الخلاوي في مناطق جنوب السودان وجبال النوبة كان ترسانة لصد الغزو النصراني وعجز أهل المشروع الحضاري عن تفعيله وصلا لإرث الدعاة الاسلاميين من مختلف طرق التصوف .
غياب الخلاوي عند أهل المشروع الحضاري استعاضوا عنه بالتمكين ، ظاهرة الاستيلاء علي ما بناه الغير وتجييره لصالح عصبة الاخوان ، كانت الاستقطابات في المدارس والجامعات وحملات تجريف الخدمة المدنية لإحلال الاخوان ، ثم نهب ثروات البلاد القومية من ذهب وبترول وأراضي ، مصادر مالية استحوذ عليها أهل المشروع الحضاري لتعظيم مصادرقوتهم من ركاب الخيل الي ركام المال والذهب ، قضي الله أن تغيب الحكمة عن مشروعهم الحضاري في تحويل فكرة الخلاوي الي وحدات انتاجية وهم أهل الفكر المتقدم من نخبة أهل السودان ، مبلغ علم أهل المشروع الحضاري كان في نهب المسروقات وتحويلها للخارج بدلا من بذلها في اقامة المصانع وتخصيص جزء من ريعها لنشر دعوة الاسلام . أهل المشروع الحضاري هم اليوم في قلة حيلة وسوء تدبير بعد أن أعلنت العديد من دول الخليج الحرب علي الفكر الاخواني الوافد. نتائج كسب المشروع الحضاري تناسلت من بين حواضنه المنظمات الارهابية بأسماء يعجز العادين في حصرها ، تنشر الدمار هنا وهناك .
عودة الاخوان للحواضن في السودان كما في مراجعاتهم اليوم ، رهين بعودة العقل لهم من غياب محلقا في دنيا تعز فيها الشوري وتبادل الرأي مع مكونات جغرافية السودان ، المواطنة هي أساس الحق في العيش تظلل الجميع سماء السودان ، علو الكعب ورفع الهامات لا يكون الا بالأعمال الصالحات وبذل الصدقات ومن أعظمها ما يكون في نشر دعوة الحق والحق من أسماء الله. اقامة الخلاوي والتدرج في مراحلها لتصبح جامعات تعني بشتي أنواع العلوم والمعرفة يقصدها المستشرقون من مختلف بقاع الارض لدراسة تفسير القران كما شرحه الدكتور عبد الله الطيب وباللهجة السودانية ، الوقوف علي نجاحات دكتور مصطفي عبد الله محمد صالح في التطبيب ودكتور مصطفي خوجلي في تيسيرمعينات معالجة ضربات الشمس في موسم الحج وغيرهم من أفذاذ علماء السودان في مختلف المجالات وتتحول الخلاوي الي حواضن تقفز بها نخبة من أبناء السودان الي منارات لنشرالاسلام بمفهوم واسع لا يحصره البعض في مناصب وزارية محاصصة تختص بها عصبة الاخوان من بين متنافسين علي لاعليع الدنيا.
وتقبلوا أطيب تحياتي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..