إدانة المِرحاض

ثمة شواهد لا تقبل جدالاً في أن حالة الدولة الراهنة تتسنم قمة الشذوذ وسط المنظومة الكونية من حيث التأسيس، والأمر لا يحتاج كثير عناء لبلوغ النتيجة ،فما من دولة في الأرض ـ تطبيقاً على حالة دولتنا الراهنة ترسم ملامحها (بورتريها) طبقا للشاخص بينما البداهة ترى في التشخيص وصفة تليق بالحالة وفيها منجاة وقضاء على المرض ـ لاـ العرض كما الحالة ـ موضوعناـ بإلتزامها تعاطي جرعات يقررها الساسة ،وفي الحالة الراهنة تكمن الأزمة بمعنى ما ينتجه التساؤل الموضوعي ـ هل التصنيع الدوائي يستبق الأدواء البيئية أو المستوطنة ـ أم الاخيرة تستوجب الاولى؟ وما هي دواعي إنتاج عقار لعلة في رحم الغيب، ولئن إتخذنا من الكلوروكوين أو الراجمات او الاموكلان نماذجاً نجد في إستيراد مثل هذا الدواء ضرورة يقتضيها إنتشار أدوائها ـ للحد منها ،وهل يعقل قتل السعودية وقتهاـ في إنتاج مضاد لجرثومة المعدة مثلاً؟ وما من حالة واحدة للمرض أثبتتها معاملها وقس على ذلك ! وهو ماتنتهجه مؤسسات الدولة بالبلاد والأمر معيب، والشاهد يؤكد عطالة مقنعة تعيشها وتتعايش معها جهات الإختصاص
التي تغفل عن دورها الأساسي مهدرة وقتها مبددة طاقتها في ما هو سياسي وولاة الامر في نسبهم منشغلون بقضايا وتفاصيل الحزب ومؤتمراته القاعدية أو الرأسية وكل شواغل حزبهم الحاكم عن العباد، وهو أس البلاء والمراقب او المتابع للمشهد يخلص إلى أن جهات الإختصاص لا تنتبه إلى دورها إلا على شاهد وضحية ـ كما الراحلة “رقية” معلمة الأساس التي إنتهت إلى جوف مِرحاضٍ هار جسدت مأساتها ـ ريشة فنان شفيف إختزلها في (بئر معطلة وقصر مشيد) والشاهد بؤس الأخبارعلى رداءة صنعتها وخواء مصادرها تجد حيزاً مقدراً على صدر صحافتنا، ومطالعة إحداهن كفيلة بتحريض النعاس رغم أغلوطة الشعار (الصحيفة التي لا تعرف التثاؤب) فتأملوا معي ما يلي.. (الخرطوم تتجه للحد من هجرة الكوادر الصحية النادرة) وهي ذات الكوادر التي قال عنها وزير الصحة بالولاية بروفيسور مامون حميدة من قبل (ما بفرش بيت بِكاء على الأطباء الهاجروا) بينما الوضع الصحيح أن تنهي الوزارة مسببات الهجرة لا أن تولول بعد هجرة كوادرها وإحلال المرض مكانهم وفي إنهاء المسببات ترياق لأزمات البلاد الماثلة بالحقل الصحي وبكل المستويات، وننتقل إلى ـ البرلمان في (إقراره بسوء البيئة التعليمية) ومن جهته إتحاد العمال بالولاية ـ (يدعو لتكوين لجنة تحقيق في وفاة المعلمة)، والأوجب تكوين لجنة تحقيق في وفاة التعليم شخصياً بل ونعيه وبرغم إخفاقات ونكسات ووكسات الوزارة وبرغم فضيحة مركز الامتحانات المزوَّرجملة بأرقام جلوسه وتراويسه ومراقبيه ،ذهبت القضية الى سلة المهملات وبقي الوزير على كرسي اهماله ..كل الإخفاقات بالوزارة بينما الوزير (نملة ما بتعتر ليهو)
فلولا وفاة المعلمة لما كانت الدعوة لتكوين اللجنة ولما إنتبهوا لحال العملية التعليمية المنهار.. فالواقع إذاً يفترض وجود ضحية دائماً وكبش فداء لإيقاظ ـ أمية ـ من نومة أهل الكهف التي هي فيها، سالف تاريخهاـ (حَلاء وحَمَار)مقارنة مع الخرطوم(محل الطيارة ـ بطيار أو بدونه بتقوم)أما فرضية عودتها لـ(تَرِك ـ لاندينق وكده ـ بطيارها او غيره)
فهو امر في رحم الغيب
عليه يمكن القول بأن دور الدولة نجده منحصرا في إنتباهة عجولة عند عظائم الكوارث فحسب حضورا عبر لجان تحقيق بلا مخرجات كما الحوار لـ (الليلي)ودوره كدورـ الشريف ـ ولا نعني (الشريف مبسوط مني) ـ بل هو شريف أفلام ـ الكاو بوي ـ دوره في نهاية الفيلم إلتقاط الجثث التي أرداها راعي البقر المخموربمسدسه دون أن يكلف نفسه عناء الترجل من على صهوة جواده، ثم يطفي الشريف شاشة السينما ليعود الى مركز (بسط الأمن بتاعو) آمناً مطمئناً، بينما بالدول المؤسسية نجد الأمور في نصابها تماما لتعكس الوضع الطبيعي والمنهاج المطلوب لمواجهة المستجدات كما التشريع فيما تسنه الأجهزة العدلية من قوانين كفيلة بصون حقوق المواطن وحرياته وفقا لمجاراة محدثات الجريمة والتعدي بوضع نصوص تواكب تطور الجريمة فلا يستقيم محاكمة الجريمة المعلوماتية مثلا بحد الرجم أو السجن أو بأي ما شئنا من منصوص سالف الأزمان وتشريعاتها القائمة على واقع يخصها ما قبل الثورة الرقمية! ويمكن الاكتفاء بخبر اليونسيف ـ ـ التيارـ الخميس 15 فبراير(اليونسيف:3 ملايين طفل من أصل 7 خارج المدارس بالبلاد) وإنتهي الأمر الذي فيه تستفتون ..قاعدة البيانات التي نفتقر هي الفيصل وفي حدها الحد بين الجد والهزل ،فان لم نحتكم الى هذه القاعدة نظل ننتظر القتيل لنمشي في جنازته ونذكر محاسنه ونخوض في تكوين لجان التحقيق واللجان المنبثقة إلى حين قتيل آخر، والنتيجة الدائمة ومنطوق حكمها هو إدانة الكنيف ومحاكمة العرض ـ لاـ المرض ـ منتج ومفرخ الأزمات التي تبيض و تفرخ وقد وجدت في البلاد مرجا ترتع وتلهو في سوحه لذلك نجزم بأنه لن يكون آخر مرحاض هارٍ تنتهي إليه معلمة ضحية أو تلميذ غريرـ في بلاد تتباين مراحيضها وتتناسل أوجاعها وأوهامها بينما رعاتها يهشون أغنام ببيدٍ جديبة وقفر بغير ذي زرع.
وحسبنا الله ونعم الوكيل
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..