مقالات سياسية

المصالحة الشاملة التي لا تستثني أحدا

محمد سليمان الشاذلي

 

بعد إطلاقنا لمجموعة المصالحلة الشاملة التي لا تستثني أحدا، لا حظ الكثيرون أن جهات عديدة رسمية وغير رسمية، راحت ولأول مرة، تردد ذات الدعوى. قالها مالك عقار ومن بعده الفريق البرهان أثناء زيارته إلى كينيا. ثم قالها آخرون من غير الرسميين. وهذا حسن. بل حسن جدا. فيما مضى شهدنا سيلا من المبادرات التي اتفقت في أمر واحد ألا وهو عبارة (باستثناء كذا … وكذا). وكنا قد قلنا في المقال الأساس الذي نشر بالإنجليزية في ذي غلف تايمز إنه قد حان الوقت لأن يقبل السودانيون بعضهم البعض من أقصى اليمين إلى أقصي اليسار. من  الطبيعي أن تضمّ بلادنا تيارات مختلفة تعكس الثراء القومي والتنوّع الفكري، الجهوي مع حرية الانتماء. لعل المتتبع لمسيرة التاريخ يتكشف له أن الآراء المتباينة كلما تفاعلت على نحو إيجابي معافى انتهت إلى خدمة المصلحة العامة رافدة المجتمع والدولة بنمو ملحوظ مطّرد.

بيد أن الخلاف إذا تحول إلى تعاطٍ سالب انتهى إلى زلزلة المجتمع وتصديع مكوناته؛ وأول مظهر للتعاطي السالب للخلاف يتمثل في الاستقطاب الحاد الذي يشيطن الآخر ويجعل منه خصما وعدوا عوضا عن التعامل معه كشريك أصيل. هنا يمكن إرجاع جذور الاستقطاب إلى الأنظمة التسلطية التي تدأب على تكريس الفوارق الدينية والفكرية والإثنية والقبلية واللغوية بغية التحكم في مفاصل الدولة والمجتمع.

 لا ريب أن انعدام شروط بناء الثقة المتبادلة مع ترسيخ صورة نمطية سلبية عن الآخر انتهت بنا إلى حرب دموية لم تبقِ ولم تذر. ولم تزل. فضلا عن أنها أَّصَّلت للعنف وإشاعة الحقد وترسيخ الاحتقان بهدف تمزيق المجتمع وتفتيته بغية التماهي مع الرسائل التي تدأب على بثها وسائل الدعاية الحربية للأطراف المتقاتلة، إضافة إلى الدعوات الجهوية والنوافذ ذات المحتوى القبلي / الإثني المتطرف.

نظرا لعدم قبول الآخر قضينا بأيدينا على فترة مهمة من فترات الانتقال في السودان المعاصر. وسنعيد الفعل إن لم نتعظ، لم نتعلم. معروف أن فترات الانتقال غالبا ما تتسم بالتشوش والاضطراب مع فقدان للبوصلة. ففي النظم الاستبدادية تبقى التناقضات خفيَّة وتظل الخلافات كامنة، غير أنه في ساعة التغيير وحلول مناخ الحريات يتخلَّص المجتمع من الخوف فيبادر أصحاب المصالح والحقوق والحاجات إلى المطالبة بها.

عليه، تتسم فترات التحوّل الديمقراطي بالهشاشة، كما أنها تكون محفوفة بالمخاطر، ذلك أن الدولة تكون في أضعف حالاتها تهددها الخلافات المفضية إلى توليد العنف؛  في فترات الانتقال غالبا ما تسهم أطراف داخلية وخارجية في تأجيج الخلافات والدفع بها إلى أتون الصراع من أجل إفشال الانتقال الديمقراطي. وهذا ما أوضحته وكشفته الأحداث والأيام.

علينا أن نتعلم وأن نعتبر. فإن لم نفعل أضعنا البلد ضياعا كاملا. لابد لنا أن نجلس جميعا نتحاور ونناقش على نحو بناء ينتهي بأن نقبل بعضنا بكافة توجهاتنا مؤسسين لحقبة جديدة قاعدتها مصالحة شاملة لا تستثني أحدا.

‫9 تعليقات

  1. مع الأسف كل عقبات الفترات الانتقاليه والتغير عموما عبارة هى عبارة لا يستنى احد .. منطقا اذا لم يستنى احد ولا يتم اقصاء،احد . لماذا قيام الثورات اصلا . والانتفاضات . فالاساس هو استثناء،واقصاء من هم ضد أهداف التغير والذين قمت الثوره ضدهم . ويجب محاسبتهم وحروب والتضحيات بالدماء والأرواح لازاحتهم مهما غالى الثمن ثم اصلا مشروعية الحرب تأتى من هنا . فالدول المتقدمة حاليا دفعت ثمن غالى ودماء كثيره من اجل لا تساوى جزء،بسيط مما اريق اليوم السودان حتى الثورة الاسلاميه من اجل التغير دفعت بالف الصحابة مهرا لحركة التغير
    يجب إقصاء واستثناء،كل المكونات التى قامت حركة التغير ضدهم والا سوف نكون كمن يحرث فى البحر حماية للفساد والقهر والوصايه باسم الماضى والايولوجيات الباليه

  2. حالة السودان متأخرة للغاية و لابد من غسل الجراح بالملح في عملية مؤلمة . اي نوع من المصالحة او نظام جديد بدون القضاء على النظام البائد لا تفيد في هذه الحالة البالغة السوء

    1. الكيزان لا امان لهم ينبغي استئصالهم ومصادرة امواهم وملاحقة الفارين منهم والمتواجدين منهم في تركيا وخاصة التيس عبد الحي (الشيطان).

  3. في ظروفنا الحالية ليس هناك احد يمتلك الشرعية ليقصي الاخر؟ فمثلا مين اعطى قحت حق الاقصاء وما اساس ذلك والثورة قد شارك الجميع فيها؟ المطلوب دولة القانون التي تقصي الناس بمنطوق القانون على اساس فردي في محاكمات عادلة، وليس المنظمات الحزبية التي تعمل على اقصاء خصومها
    في الحالة السودانية محاولة تجاوز تيار قوي جدا وله جذور ووجود اجتماعي لا يستهان به يعتبر ضربا من الجنون.. من حقك تختلف مع اي شخص ومن حقك أن تحاكمه عن اي تجاوزات ولكن بالقانون وليس اللجان الحزبية، وليس من حقك حرمانه هو أو غيره من حقوقه الاساسية كمواطن فالذي يحكم عليه سياسيا هو الشعب عبر الانتخابات.
    تجاوز هذه الحقوق التي مورست بأقصى درجات النطرف والانتقام في المرحلة لاماضية هي التي قادتنا لهذا الواقع الذي لا نعلم هل سنخرج منه ام نظل قابعين فيه

  4. 🤓 دعوة كيزانية مغلفة بعبارات مخادعة مثل اليمين و اليسار 🥺

    هل يمكن أن يخبرنا السيد الشاذلي كيف نتصالح مع مجموعات لا تؤمن بالديمقراطية و حقوق الإنسان و تقوم على مبدا التقية حتى تأتي اللحظة المناسبة للغدر بكل من ليس معها كبنيكوز مثلا ؟🥺🥺🥺

  5. هههه..هؤلاء لم يتعظوا ولن يتعظوا.. لو كان القضاء على الآخر سهل لما احتجنا ان نناقشه اليوم وبعد أربعة سنين من الثورة بل صرنا أقرب بأن نفقد الثورة وقوي الثورة والدولة نفسها.. قل الشاعر العربي “لكل داء دواء يستطبّ به إلا الحماقة أعيت من يداويها”. وهذا لا يعني التخلي عن محاكمة المجرمين والمفسدين وإزالة التمكين لكن وفق الاجراءات القانونية المستقلة وليس بهوي الأحزاب المنافسة والتي هي نفسها تنفر من ريحتها الكلاب. .

  6. والله يا جماعة انا عنقالي ساي وما زول سيياسة
    لكن ظني ان حوارات الحرية والتغيير ونقاشاتها المستمرة مع بعضها البعض ضياع وقت، يعني شنو يتحاور خالد سلك مع طه أو بنت المهدي اوصلاح مناع وغير ذلك من اعضاء قحت والجهات المنظمات المتفقة معها في الرأي؟ دي ما بسموه حوار دا يسموه كلام غزل!
    الحوار الحقيقي يكون بين الجهتين الكبيرتين المختلفتين الاسلاميين والبساريين ليصلوا لحل وتوافق على الحد الادنى
    اي شي غير كدا لعب عياااال

    1. جوهر المقال فضفاض وملئ بالتفاؤل لكن تطبيق هذه العباره على أرض الواقع يجب أن تكون لها محددات وأسس وقوانين تقوم عليها لكي وان تكون لها عداله تعاقب كل من ارتكب جرما وكان سببا في تدهور حال البلد
      يجب أن تستثني هذه الفكره كل من أفسد واجرم في حق هذا الشعب وهم كثر ورموز يجوبون البلاد ويؤسسون على ان يعودوا ويعود فسادهم واجرامهم بدون محاسبه او ان يسألهم احد
      مجرمي وسارقي وفاسدي المؤتمر الوطني ومتأسلمي الحركة الاسلاميه لا يمكن أن تشملهم المصالحه هكذا والا لماذا قامت الثوره. كل من وجهت لهم تهم الفساد والافساد والثراء الحرام والاجرام من قتل وقهر وتعذيب وتشريد وحرب وتهويد وايذاء وارتكاب الجرائم ضد الإنسانيه يجب أن يقدموا للعداله القانونيه وعليهم اولا الاعتذار لما ارتكبوه ضد هذا الشعب وهنالك مطلوبات كثيييير وأسس عليهم القبول بها وبعد الالتزام بها وتنفيذ مخرجاتها وكل من تبرأه العداله ستشمله المصالحه كفرد صالح في مجتمع ما بعد الثوره ولكن لا ولن تشمل المصالحه كل من أفسد واجرم في حق هذا الشعب

  7. لاحد الٱن يمكن ايقاف الحرب ومحو بعض آثارها إذا تقبل بعضنا البعض
    ومثل هذه المصالحة أن حصلت هناك من ينفض يده عنها ويغدر مجددا
    لا ثقة في حزب المؤتمر الوطني اطلاقا ونتوقع صدق نبوءة د محمود محمد طه فيهم ( وسيقتلعون من أرض السودان اقتلاعا )

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..