مقالات، وأعمدة، وآراء

هكذا تحدث (محمد جَلال)..!

عبد الله الشيخ

شخط الاستواء

سقط نظام الإخوان في الخرطوم، لكن عقدة التفاوض مع الحركة الشعبية لم تزل هي هي.. لم يزل وفد الحكومة تهيّب النص صراحة على علمانية الدولة،  دون ان يطرح موقفاً  تفاوضياً، بل يلتحق بطاولة التفاوض للتعليق،أو التعديل أو (التصحيح) بالقلم الأحمر على البنود التي دونها الطرف الآخر.. بينما يُبدي الشِقّ العسكري من الوفد قدرات واضحة في تحديد الموقف واتخاذ القرار، فإن الجناح المدني – خلافاً لكل التوقعات – يصعق الجلسات بالجدار الصلد.. هكذا تحدث د. محمد جلال هاشم، نائب رئيس وفد التفاوض عن الحركة الشعبية، عن مفاوضات جوبا، التي غادر قاعاتها منذ عهد بعيد،، ورغم ذلك لم ينجو من الإتهام بأنه أعاقَ مسارات التسوية المرتجاة بين الطرفين.

 

خلاصة موقف حكومة الثورة أنها تطرح مبدأ (الدولة غير المنحازة تجاه الاديان) في مقابل موقف الحركة الشعبية الذي يتمسك بـ (حق تقرير المصير) إن لم توافق الحكومة على علمانية الدولة.

 

هذه هي عقدة التفاوض التي تأمل الوساطة في تجاوزها، بينما يتوقع أن يطرح موفدون من قوى الحرية والتغيير، مقترح العودة لقوانين 1974، وهو مقترح – برأي د. محمد جلال – لا يصلح كجند تفاوضي، إذ سرعان ما يتحول ذاك الخيار إلى مأزق، كونه يمثل حلاً تلفيقياً لمعضلة الدولة الدينية.

 

يقول د. جلال ان وفد الحكومة على ضخامته لا يبدو أنه يملك تفويضاً لانجاز مشروع السلام، أو كأن عضويته لا تتمتع بالخبرة الكافية، هذا إن لم يكن للوفد (أجندة خفية) تجعله يسير على درب (من سبقوهم)..!

 

هذه هي الصورة كما يراها د. محمد جلال، الذي قام بترتيبات التحاق وفد التغيير للمباحثات التي لم تصل الى سلام شامل ونهائي مع الخرمة الشعبية بقيادة الحلو..

فهل يأتي السلام المستدام في مثل هذه الأجواء أم يتمخص الجبل ويلِد نيفاشا – انفصالاً آخر – في جنوبي كردفان والنيل الازرق؟.

 

يبدي د. محمد جلال تفاؤلاً حذراً، تكبِّله هواجس السياسي الأكاديمي، حين يضطر للقول بان الشعب – الجماهير – تستطيع في نهاية الامر فرض ارادتها.

 

و كيف يتوقع د. محمد جلال سلاماً إذ هو يعتقد بأن زيارة حمدوك إلى كاودا (كانت زيارة علاقات عامة)؟

كيف تصمت البنادق إذا كانت الحركة الشعبية لا تستطيع التنازل عن العلمانية – لأن العلمانية (تحولت الى وعي شعبي في المنطقتين –  أو كما قال د. جلال الذي يُدرك خشية القصر الجمهوري من (ثِقل تقليدي) يتفاقم تأثيره، كلما تأجلت مواجهة الثوار لفلول النظام القديم…؟

لا حل لهذه المعضلة بين يدي الجماهير، حتى وإن دُعيت الجماهير كلها لمارسة حقها المشروع في الديمقراطية.

 

إن كنت يا صديقي ممن يؤمنون بأن العلمانية تعد خياراً يُستفتى فيه (العوام)، فإنك ﻻ محالة ستُصدَم بحقيقة أن (العوام) في جهلِهم أشرار،  إن لم يكونوا أكثر شراً من (تلك المسيرة القاصِدة).

عبدالله الشيخ

نقلاً عن الكواكب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..