بضاعة الموت على الشوارع والطرقات..

بضاعة الموت على الشوارع والطرقات…
بقلم د.الريح دفع الله عبد الرحيم
[email][email protected][/email]
أنت أو أهلك أو من عرفت ومن لم تعرف ركب سيارة وانطلق في بقاع الوطن المختلفة عبر شوارعه أو فضائه
ربما عدت أو عاد وهذه معجزة أو لم تعد وواصلت رحلتك إلى عالم اخر على جناح السرعة ….الرحلة أشبه بفلم رعب لكنه يدور على أرض الواقع وربما كنت أنت أو أنا أو هو أحد أبطال ذلك الفلم من غير أن ندري وندفع فاتورته أرواحنا ولن نشاهد عرضه بكل أسف لأنه ببساطة سيعرض بعد وفاتك ..أو وفاتي متعك الله بالصحة..
يحدث هذا على مدار الساعة ….اناء الليل وأطراف النهار زاد هنا أو قل هناك …لكنه يحدث بمرارة وغزارة..
تجربتي الشخصية أو بالأحرى تجربتنا الأسرية والوطنية و القومية لاتسر فكل لحظة هنالك كارثة تحل بأسرة أو شخص بفقد روحه أو يصاب بعاهة مستديمة تقعده وتشله وتشغله….
في الأيام الفائتة حدث حادث حركة كارثي بكل المقاييس راح ضحيته أكثر من نصف أسرة واحدة …فقد توفيت الأم وشقيقها وبنتها وأصيب كل الأحياء باصابات خطيرة وبالغة والسبب في ذلك بلا شك هو رداءة الطرق وعدم سلامتها وعدم استيفائها لادنى المعايير الدولية للسلامة المرورية ,,,من أي جهة شئت تقييمها من حيث الهندسة والبناء والتخطيط والارشادات والانارة والتقاطعات وهلم جرا….هذه الفظاعة ليست هي الأولى ولن تكون الاخيرة فالايتام والثكالى والضحايا والمصابين تتوسع حلقتهم ولن تضيق طالما أننا نعفي أنفسنا من المسؤولية والمساءلة الاخلاقية ..والمهنية….في الذاكرة الحية الشخصية الحوادث المؤلمة الكارثية لا تحصى ..قبل حوالي شهر من الان توفي ثلاث اشخاص من أسرة واحدة التهمتهم سيارة مسرعة وهم على قارعة الطريق يودعون أخا لهم …يحلمون بالحياة والسلامة ويتمنون له طول العمر..هؤلاء أهلي وقومي وكل أهل السودان قومي ولحمتي…لا ألوم القدر فقط بل ألوم الطرقات التي أصبحت معبرا ومسرحا للكوارث وخراب البيوت والقلوب….
لم ينج من هذا وزير مقرب أو مسؤول تحفه الحراسة أو مواطن بسيط يركب الأقدار…هذه الطرقات التي تهترئ قبل أن يجف رصفها وتتصدع وتتاكل وتتقص من أطرافها وتتحفر في وسطها ومن بين يديها ومن خلفها وتعوزها المهنية والحرفية أوجعتنا كثيرا وملأت قلوبنا حسرة وأسى,,,, رحل عنا الأهل والأقارب مثلما رحل نجوم وأدباء وشعراء ومبدعون وعلماء…رحل حميد مثلما رحل نادر خضر…رحل محمد سيد حاج مثلما رحل البروفيسور عبد العال الادريسي …رحل الدكتور عمر نور الدائم وكذلك د.عبد النبي على احمد امين عام حزب الامة….رحل من قبل المبدع محجوب عبد الحفيظ صاحب البرنامج الاسطورة- الصلات الطيبة ..غيبته الشوارع الرديئة وهو في قمة ابداعه وعنفوانه ….يهدي للشعب السوداني عطاءا إنسانيا لا مثيل لهوذلك من خلال بتبنيه لقضايا وهموم ذوي الاحتياجات الخاصة ومساعدتهم وتقديمهم للمجتمع لينخرطوا بهمة ونشاط متجاوزين اعاقاتهم ومسهمين ومساهمين في كل ضروب الحياة بقسط وافر..
معلوم من خلال الاحصائيات المحلية والعالمية أن حوادث السير هي من ضمن الاسباب الرئيسية التي تؤدي إلى الوفيات والإعاقات وتكلف الخزائن العامة والخاصة مليارات الدولارات هذا غير الاثار الاخرى الاجتماعية والنفسية والشخصية على المديين القريب والبعيد ..
يحاول العالم كله الان جاهدا بشتى الطرق للحد من حوادث السيرباتخاذ تدابير على كافة المستويات وذلك لان السلامة المرورية غاية لا تدرك الا بتضافر كافة العوامل…والجهود والاطراف..لابد من طريق امن مروريا تراعى فيه كل المعايير الهندسية ومعايير السلامة…لابد من سلطات تضبط حركة السير وتضبط السائقين وتضبط وتراقب السرعة لا غنى عن احترام السائقين ومستخدمي الطريق للقوانين المرورية …بالاضافة لعامل اخر ومهم هو صلاحية المركبات للسير وضرورة الحزم في ترخيصها ومتابعتها بعد ذلك …
على هيئة الطرق والجسور تقع مسؤولية الصيانة والمتابعة المستمرة لاننا لانرى ذلك كائنا على الاطلاق.فربما سكنت حفرة ضخمة بطن الطريق لسنوات طويلة وترعرعت وولدت بعد ذلك عشرات الحفر وتسببت في كوارث ثم لم تحرك موات السلطات من بعد كل ذلك
…فالطرق على علاتها تبني وتشيد وتجد على كل قارعة طريق من يثقلك بالرسوم جيئة وذهابا ولا ترى لذلك من اثر على جودة الشارع والطريق ولا على صحته وعافيته…تزداد الرسوم المفروضة وتزاد الشوارع والطرقات سوءا…..كثير من رجال المرور والشرطة الا من رحم ربي لا هم لهم غير المخالفات التي تذهب للجيوب على عينك يا تاجر….
العالم من حولنا يتطور بسرعة مذهلة في كل شيء في مجال البنيات التحتية والطرق والخدمات الطبية …وتجد خططا جاهزة للتعامل مع سيناريوهات حوادث الطرق والاصابات ولهذا الغرض قامت بتجهيز سيارات الاسعاف والطائرات ومراكز الاصابة المجهزة بالكوادر البشرية والمعدات اللازمة للتعامل مع الحالات الحرجة في حال حدوثها من حيث نقل المصابين وتدريب الكوادر الصحية والطبية على انقاذ واسعاف المصابين وطريقة نقلهم واخلائهم من مكان الحادث ووضع برامج دورية لذلك لترقية وتدريب الكوادر على كافة المستويات وادخال التخصصات الدقيقة…ذلك لأن البشر هم أغلى ما في الوجود وكل شيء ينبغي أن يسخر لخدمتهم ..وفي بلد قارة كالسودان نحتاج لنظام فعال جدا ….يموت أهلنا معظمهم قبل الوصول الى المستشفيات وإن وصلوها لا تملك لهم هذه المستشفيات غير قلة الحيلة….
أصبحنا إما لصوص أو مستهترين أو مطبلين لذلك ” لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” مشكلتنا في السودان تنعدم فينا روح القطيع لذلك تنفرد بنا هذه الحكومة ،،، منذ حوالي 18 عام هناك نقاط جبايات ومرور على الطرق التي لم يدقوا فيها حجر دقش ( الخرطوم بورتسودان) ولكن يأبى ضميرهم المتعفن أن يقتطعوا من هذه الاموال التي تصل المليارات في الشهر ليحسنوا هذه الطرق،،،
يا دكتور
كل مشكلة في النهاية تجدها مرتبطة بسايسينا وبالتحديد هذه الطغمة الفاسدة المفسدة التي افسدت كل شئ فصار زماننا متنيل بستين نيلة
فكيف يستقيم الحال والزمن مميل
لك التحية
القضاء والقدر وهذا يومهم ومن لم يمت بالسيف مات بغيره ولكن هذا لا يمنع من الاهتمام بالطرق وخاصة السريعة منها ولو ان بلادنا الواسعة لا تكفيها بترول الخليج لاعادة رصف الطرق
شوارعنا للاسف في غاية السوء خاصة ما يطلق عليه ” بهتانا” طرق المرور السريع و هي طرق مكتظة بجميع انواع و احجام السيارات و الطرق نفسها لا تصلح لان تكون ازقة داخلية في احدى الحواري! الطرق ضيقة و ذات مسار واحد و متهتكة و لا يوجد بها خطوط خدمة ، لذلك تكثر فيها الكوارث … و هي الطرق نفسها – على رداءتها – التي تباهي بها حكومة المائة وزير كانجازات لدولة كاملة! حتى ان طفلهم الدلاهة – و ليس المعجزة – قال ذات انتخابات ” الما بصوت لينا ما يمشي في شارع ظلتنا” و مع دعائنا بان ” يظلط الله جلده ” الا ان ذلك مثال للعته و السفه الذي تعاني منه الدولة و كبراؤها الذين يرون في انشاء كم كيلو شارع زلط باسوأ المواصفات يعتبرونه انجاز دولة تحشد له الحشود و يرقص له راس الدولة! و قد راينا في اقصى جنوب السعودية طرق بمئات الكيلوات تشق لها الجبال و تدك دكا و تشيد فيها الكباري الشاهقة و الطريق مسارين كل مسار لا يقل عن عشرة امتار بينهاما ترتوار من البلك على طول الطريق و باعلى المواصفات العالمية و عمال نظافة على مدار اليوم ينظفون اطراف الشارع في اصقاع جبلية، فانظر … لم نسمع بان الملك و لا الامير و لا المحافظ و لا اي شخص اقام احتفالا لذلك الطريق و لا رقص فيه اي شخص و لا امتن به احد على شعبه! و فعلا على قدر اهل العزم تاتي العزائم