مقالات وآراء

“لماذا اصبحت كراهيتنا لبرهان وحمدوك والجيش والدعم السريع تزداد يوم بعد يوم؟

 بكري الصائغ
١-
حتي يوم الاحد ٢/ يونيو ٢٠١٩ كانت الامور تسير في البلاد علي ما يرام بعد شهرين من اطاحة نظام الرئيس المخلوع واعتقاله ومعه من المفسدين الذين شاركوه في خراب البلد، فرحنا بزوال الغمة والبلاء الذي انجلي بفضل الانتفاضة واستجابة القوات المسلحة لمطلب الجماهير في تغيير النظام الفاسد، وهتفنا يومها بكل صدق “شعب واحد جيش واحد”، ولقد كانت واحدة من ابداعات الجيش ان سمح للمعتصمين البقاء في ساحة القوات المسلحة وعمل علي حمايتهم ، يومها تجاوزنا الي حد كبير كل السلبيات والمرارات التي لحقت المواطنين في السابق.
٢-
في الفترة من يوم الخميس ١١/ ابريل ٢٠١٩ وحتي ٢/ يونيو من نفس العام – اي خلال (٤٩) يوم من اطاحة النظام السابق، استطاعت الاحداث التي وقعت في السودان ان تزيح من الصحف العالمية معظم الاخبار الهامة التي وقعت وقتها في العالم، لقد تصدرت اخبار السودان عن جدارة واستحقاق صدارة صفحات الصحف ووكات الانباء العالمية بكل جدارة واستحقاق.. كنا مصدر واعتزاز كل شعوب العالم، ومحل الهام الشعوب التي تعاني من ذل وضنك الاحكام العسكرية.
٣-
ولكن كما جاء في القول المعروف “من المحال ان يبقي الحال علي دوامه”، وقعت المصيبة التي ما كان احد في العالم يتوقعها، وقع الفاس العسكري بقوة في عملية تمت بغدر وخسة علي جموع الشباب  المعتصمين في ساحة القوات المسلحة، تمت تحت سمع وبصر وبتوجيهات مباشرة من جنرالات “المجلس العسكري الانتقالي”، كان يوم الاثنين ٣/ يونيو ٢٠١٩، واحدة من اسوأ المجازر التي عرفتها البلاد خلال تاريخها الطويل.”
٤-
مجزرة يوم الاثنين ٣/ يونيو ٢٠١٩، كانت – بكل المقاييس – اسوأ الف مرة من مجازر الحكم البريطاني خلال حكمه للبلاد طوال (٥٧) عام، وهو الجيش الاجنبي الذي عرفناه انه لم يقتل مسالمين ابرياء، وكانوا كل ضحاياه جنود او من دراويش المهدية،… اما ضحايا “الجيش الوطني موديل عام ٢٠١٩” فقد كانوا الشباب اليافعين قتلوا بكل دم بارد، وتمت عمليات اغتصاب  طالت (٧٧) ضحية!!
٥-
قادة “المجلس العسكري الانتقالي” يومها اعتقدوا ان خبر وقوع المجزرة ستمرعلي الجميع داخل السودان وخارجه مرور الكرام مثلها مثل عشرات المجازر التي وقعت في سنوات حكم الانقاذ وراح  ضحيتها نحو (٣٥٠) الف قتيل، ولكن المجلس العسكري لم يتوقع علي الاطلاق ان تكون ردود الفعل الغاضبة من شعوب العالم والمنظمات الدولية قوية ومنددة بلحدث الاثيم…
٦-
في غمرة الارتباك الشديد الذي عم اعضاء المجلس العسكري وقتها بعد الادنات الكثيرة، قع هؤلاء الجنرالات في جملة من الاخطاء نتيجة فقدان اعصابهم المنهارة، والتي كانت تصرفات وتصريحات ادانتهم بشدة، كان اول اعتراف بوقوع المجزرة قد صدر من الفريق أول/ شمس الدين كباشي في لقاءه بالصحفيين في يوم ٩/ يونيو ٢٠١٩ وتكلم عن فض الاعتصام ، وقال “ان خطأ ما قد وقع عند التنفيذ والمستهدف كان “بؤرة كولومبيا”!!، هذا التصريح اكد بصورة واضحة وجلية علي وقوع مجزرة قامت بها القوات المسلحة!!
٧-
ايضآ في غمرة الربكة الشديدة التي ضربت المجلس العسكري، تم اعفاء النائب العام/ الوليد سيد أحمد محمود ففي يوم الخميس ٢٠/ يونيو ٢٠١٩، وأعفي من منصبه على خلفية تصريحات له بشأن فض اعتصام الخرطوم، ، قال في تصريحات قبل أيام من اعفاءه، “إن ما أعلنه المجلس العسكري الانتقالي عن مشاركة النيابة العامة في اجتماع فض الاعتصام، أمام مقر قيادة الجيش بالعاصمة الخرطوم، يوم  ٣ / يونيو الجاري “غير صحيح إطلاقا..وأضاف أحمد: “أوفدنا ثلاثة من وكلاء النيابة للمشاركة في تنظيف وإخلاء منطقة كولومبيا بشارع النيل، ولم يتم إطلاق رصاصة واحدة بحضور وكلاء النيابة العامة”.”.
٨-
لا احد ينكرعلي الاطلاق ، انه في يوم الاثنين ٣/ يونيو ٢٠١٩ وقع الطلاق بين الشعب والقوات المسلحة بسبب استحالة العيش معا في ظل:
(أ)-
وجود دستور وقوانين ولوائح النظام المدحور، والتي مازالت سائرة  في عموم البلاد بلا تغيير جذري ، ويحميها قادة النظام الحالي.
(ب)-
في ظل هيمنة “الجناح العسكري” في مجلس السيادة علي مجريات الامور في البلاد بلا خبرة او دراية.
(ج) –
منذ يونيو ٢٠١٩ وحتي اليوم، والبلاد تشهد كل يوم انتكاسات وتراجع عن تنفيذ مطالب الشعب في التغيير الحقيقي، والغاء كل ما هو له علاقة من قريب او بعيد بنظام الانقاذ.
(د)-
كنا نتوقع ان تكون مجزرة “القيادة العامة” ابريل ٢٠١٩ هي اخر مجازر البلاد، ولكن وقعت بعد هذا التاريخ اسوأ عشرة مجازر كان اخرها في يناير الماضي وراح ضحيتها (١٦٤) قتيلآ و(٢٠٢) مصابآ ، وفي يوم ٥/ فبراير الحالي وقعت  معارك شرق جبل مرة راح ضحيتها (٢٤) قتيلآ وحرق (١١)  قرية ونزوح (٢٢) الف…حتي هذه اللحظة لا يوجد عند اهل السلطة في الخرطوم اي مبادرات او علاج للحد من وقوع المجازر وسقوط الضحايا.
(هـ)-
لم يعد الشعب يثق في مجلس البرهان “الهلامي”، ولا في قرارات حكومة حمدوك ، ولا في تحركات وسلوكيات وتصرفات “حميدتي”، فقد وضح بالدليل ان كل جهة من هذه الجهات الثلاثة تعمل بمعزل عن الاخريات، ولا يوجد تنسيق او توحيد للخطط والاوليات، لهذا لم يكن غريبآ ان نسمع بوقوع مشاحنات وتصريحات ساخطة من مجلس السيادة علي الحكومة، وهجوم مضاد من حمدوك ضد البرهان والجناح العسكري… فقد الشعب تمامآ كل اماله في اصلاح حال البلاد طالما من اعتمدنا عليهم ….طلعوا !خوازيق! البلد.
٩-
لا احد ينكرعلي الاطلاق ، انه في يوم الاثنين ٣/ يونيو ٢٠١٩ وقع الطلاق بين الشعب والسلطة الحاكمة في الخرطوم  بسبب استحالة العيش معا في ظل عدم احترام اهل السلطة تضحيات الشعب من اجل التغيير الجدي في البلاد، واسوأ ما في حال اليوم، ان كل التغييرات الايجابية التي وقعت بعد انتفاضة ديسمبر قد بدأت في التلاشي رويدآ رويدا،… وما الحال المزري الذي حل ب”لجنة ازالة التمكين” بعيدة عن الاذهان!!
١٠-
لماذا يا تري بدأت بعض الاصوات في السودان ترتفع محذرة من وقوع انقلاب عسكري؟!!هل بسبب حالة الكآبة والقرف ما يجري في سودان اليوم؟!!
ام لانهم  يئسوا من اصلاح الحال في ظل البرهان وحمدوك و”حميدتي”؟!!
١١-
لماذا يا تري ارتفعت الاصوات العالية، ونشرت الصحف كثير من المقالات الملتهبة التي تطالب الشعب بالخروج للشوارع لاستعادة انتفاضة ديسمبر المسروقة؟!!
١٢-
شيء مؤسف للغاية، ان اجمل ايام عرفها الشعب بعد التغيير وعودة الديمقراطية ، استمرت فقط لمدة (٤٩) يوم، بعدها جاء “الساحق الماحق”… وجلس في البلاد ورفض الرحيل حتي هذه اللحظة!!

‫4 تعليقات

  1. هكذا تواصل السلطة الحاكمة ارجاع عقارب الساعة للوراء:
    – (عناوين اخر الاخبار دون الدخول في التفاصيل.) –
    ١-
    تسجيل صوتي: الجيش السوداني على خطى المصري، في السيطرة على اقتصاد الدولة…
    ٢-
    أزمة جديدة.. مع بدء مراجعة الشركات الأمنية.. مخالب “العسكر” تتجه إلى لجنة إزالة التمكين
    الجنرلات والفلول يشنون حرباً وقائية ضد لجنة إزالة التمكين…
    تجمع المهنيين : محاولات حل لجنة إزالة التمكين (ردة و انقلاب) علي الثورة…
    الشارع السوداني يعتبر لجنة تفكيك نظام الإخوان “خط أحمر”…
    مقاومة أم درمان تحذر من المساس بلجنة تفكيك التمكين…
    قرار وشيك بحل لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد…
    عاجل ..القبض علي صلاح مناع…
    لجنة إزالة التمكين: النيابة وجهت تهم “فضفاضة” لمناع…
    كيف تسببت “وداد” وأسباب أخرى في القبض على مناع؟!!
    النيابة العامة: الدعوى ضد صلاح مناع قيدها مفوض رئيس مجلس السيادة بصفته وشخصه!!
    التحريات تتواصل مع صلاح مناع وتجمهر العشرات أمام مقر نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة…
    لجنة إزالة التمكين: النائب العام دون بلاغات ضد مناع تحت مواد “إشانة السمعة واثارة الكراهية
    ضد القوات النظامية والإساءة“…
    ساطع الحاج: خطاب تفويض البرهان لفتح بلاغ ضد مناع يحمل توقيعه دون ترويسه!!
    ٤-
    أخطر مؤامرة.. مناع بـ”النيابة”: البرهان انزعج من القبض مجددا على “وداد”:
    ساطع الحاج: مناع أخبر النيابة أن “العطا” أخبره شخصيا “ناسنا ما راضين على القبض على وداد مرة أخرى”
    ٥-
    كمال كرار: خمسة دولارات شهريًا.. هل تكفي المواطن؟!!
    ٧-
    حركة عبد الواحد تتهم الحكومة بشن هجوم ثالث على مناطقها بدارفور…
    ٨-
    بعد ساعات من الآن … بالمستندات الراكوبة تكشف الفساد داخل السلطة القضائية…
    ٩-
    الجنينة: 22 الف طفل في حاجة للمساعدة و 220 ألف نازح جراء الاحداث والطرق مغلقة…
    ١٠-
    مصابو الثورة يستنكرون “التهميش” الحكومي لعلاجهم…
    ١٢-
    وزير التربية والتعليم: الحملة ضدي والقراي من أجل مُخطط أكبر يحاول إجهاض الثورة…

  2. هل زيادة الكراهية فقط لهؤلاء ؟؟

    هناك ايضا من أفقروا الشعب و زادوا اسعار المواد الاساسية و قتلوا الالاف جوعا و مرضا و بالاضافة الى كل ذلك قاموا بتوفير الحماية لقتلة فض الاعتصام من ردة فعل الشعب حينما اتفقوا معهم من تحت الطاولة على بيع الثوار و الثورة بثمن بخس و لا تنس أصدقاء السفارات .

  3. مخرج سينمائي، ياحبيب،
    مساكم الله بالعافية،
    ١-
    اتفق معك (١٠٠%) علي ماجاء في تعليقك الكريم ، وان هناك ايضا من أفقروا الشعب و زادوا اسعار المواد الاساسية و قتلوا الالاف جوعا و مرضا، ولكن بالطبع كما تعرف يا حبيب لا يمكن ان يتسع المقال ذكر اسماء مئات السياسيين واللصوص والمفسدين القدامي والجدد الذين افقروا الشعب وخربوا الديار.
    ٢-
    لو كان الرئيس البرهان رجل علي قدر المسؤولية الجسيمة الملقاة علي عاتقه، وتصدي بكل قوة واقتدار – وهو الجنرال الذي خاض عشرات المعارك في السودان – لما كرهنا وانتقدنا ضعفه الشديد لدرجة انه سلم كل مقاليد الحكم ل”حميدتي” وما ادراك من هو “حميدتي”؟!!
    ٣-
    لو كان حمدوك رجل علي قدر المسؤولية في وظيفته كرئيس للوزراء، وهو من بيده كل امور البلاد في الشآن الداخلي والخارجي لما وصلنا الي هذا الحال المزري، واصبح السودان يدار ب “ريموت كنترول” من الرياض وابو ظبي والقاهرة!!
    ٤-
    نعيب بشدة علي ضباط وجنود القوات المسلحة انهم ظلوا يؤيدون البرهان والجناح العسكري في مجلس السيادة دون ان يتدخلوا في تعديل مسار البرهان المعوج وينصحوه ان يجنح لصوت العقل ولا يتمادي في علاقة الخنوع والمذلة مع السعودية ومصر والامارات، ويكفي ان البرهان بسبب ضعفه لم يجد اي عون اقتصادي حقيقي من العرب، بل وصل الحال المزري الي ان الامارات بدأت تساوم الخرطوم في شراء ميناء بورتسودان، ولم تخفي الامارات رغبتها في امتلاك الميناء السوداني ليكون امتداد لميناء دبي العالمي، ولم يعد خافيآ علي احد دور “حميدتي” في الصفقة!!

  4. ونواصل مع:
    “لماذا اصبحت كراهيتنا لبرهان وحمدوك والجيش والدعم السريع تزداد يوم بعد يوم؟!!
    عبد العزيز الحلو:
    الحكومة الانتقالية غير راغبة في اتخاذ خطوات جِدِّية لتفكيك النظام القديم
    https://www.alrakoba.net/31525038/%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b2%d9%8a%d8%b2-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%84%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d9%88%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%82%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%ba/

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..