أهم الأخبار والمقالات

أداء مؤسسات التعليم العالي … حقائق صادمة ومؤشرات مقلقة

د. سليمان زكريا سليمان عبدالله

ليس هناك ثمة شك في أن الشعب السوداني (بمختلف قطاعاته) يحمل الكثير من التطلعات والآمال في أن تكون مؤسسات التعليم العالي فاعلة بالقدر الكافي لخدمة قضايا المجتمع السوداني وفي تلبية احتياجات الوطن التنموية، خاصة بعد مستويات التراجع والتدهور غير المسبوقة التي شهدها السودان في كافة مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية خلال العقود القليلة الماضية…. ولكن يبدو (من الراجح) أن انتظار الشعب قد يطول كثيراً حتى تتحقق هذه التطلعات والآمال، وذلك في ظل افتقار العديد من تلك المؤسسات للقدرات والكفاءات اللازمة لتحقيق الفاعلية المطلوبة في إدارة وتنفيذ المهام ذات الصلة بمجالات التعليم والتعلم، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع. وعلى الرغم من كل ذلك، إلا أنه يبدو واضحاً أن ما يدور بقطاع التعليم العالي (على مستوى الوزارة والمؤسسات) لم يحظ بالقدر الذي يستحقه من المتابعة والاهتمام والنقاش المجتمعي سواء كان ذلك عبر منصات التواصل الاجتماعي، أو عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولعل أبرز ما يبرر وجود هذه الفجوة هو عدم انتهاج الوزارة والمؤسسات لمبدأ الشفافية والتوعية المجتمعية حول قضايا القطاع وما يواجهه من تحديات وصعوبات. لذلك سيحاول هذا المقال أن يقدم بعض الحقائق والمؤشرات في رسالة مجتمعية يؤمل منها أن تسهم في زيادة مستوى الوعي المجتمعي حول بعض الممارسات التي تلخص جانباً من الأداء على مستوى الوزارة والمؤسسات.

إلى مختلف فئات المجتمع السوداني وكل المهتمين بقضايا مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي…….   

  • هل تعلمون أن أحدث ترتيب للدول العربية من حيث جودة التعليم الجامعي يضع قطر في المرتبة الأولى، وست دول عربية خارج المؤشر وهي: العراق، وسوريا، واليمن، وليبيا، والسودان، والصومال لعدم توفر أبسط معايير الجودة في التعليم (مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، 2019)؟؟؟؟ 
  • وهل تعلمون أن من بين أول 100 جامعة على مستوى الوطن العربي لا توجد غير جامعة سودانية واحدة (جامعة الخرطوم في المرتبة 34) وفقاً لتصنيف ويبوميتركس (Webometrics) الصادر عن شهر يناير 2020؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أن من بين أول 100 جامعة على مستوى قارة أفريقيا لا توجد غير جامعة سودانية واحدة (جامعة الخرطوم في المرتبة 37) وفقاً لتصنيف ويبوميتركس (Webometrics) الصادر عن شهر يناير 2020؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أن عدد مؤسسات التعليم العالي السودانية التي تواجدت ضمن أحدث تصنيف لويبوميتركس هو 52 من مجموع الجامعات الحكومية، والجامعات الأهلية والخاصة، والكليات الأهلية والخاصة، والبالغ عددها 107.
  • وهل  تعلمون أن السودان يصنف من الدول التي تتذيل ترتيب قائمة الدول في المنطقة والعالم حسب مؤشر اقتصاد المعرفة بدرجة بلغت 1.8 (الدرجة تتراوح من صفر إلى 10)؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أن أعضاء هيئة التدريس بالجامعات السودانية هم الأقل اهتماماً بالتواجد في محركات البحث العلمي المتعارف عليها عالمياً مقارنة مع نظرائهم بالجامعات على المستوى الإقليمي أو الدولي. على سبيل المثال هناك فقط 136 من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الخرطوم المدرجين بمحرك البحث العلمي المشهور (Google Scholar Citation)، حيث بلغ إجمالي عدد الاستشهادات المرجعية لأبحاثهم العلمية (107503) وهو أقل من إجمالي الاستشهادات المرجعية لخمسة (فقط) من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الإمارات العربية المتحدة (121211)، وأقل أيضاً من الاستشهادات المرجعية لخمسة (فقط) من أعضاء هيئة التدريس بجامعة قطر (115219) على سبيل المثال.
  • وهل تعلمون أن الاعتراف بمؤسسات التعليم العالي يتم على النحو التالي: أولاً: الاعتماد المؤسسي (لكامل الجامعة) أو (لكامل الكلية) سواء كان ذلك على المستوى الوطني (الاعتماد المؤسسي الوطني)، أو على المستوى الدولي (الاعتماد المؤسسي الدولي)، مثال على ذلك كأن يقال: (حصلت جامعة البحر الأحمر على الاعتماد المؤسسي) أو أن يقال: (حصلت كلية التربية بجامعة الفاشر على الاعتماد المؤسسي). ثانياً الاعتماد البرامجي وذلك للبرامج الأكاديمية التي تطرحها الأقسام العلمية بالجامعات أو الكليات الجامعية، مثال على ذلك كأن يقال: (حصلت البرامج الأكاديمية لقسم الفيزياء بكلية العلوم والتقانة – جامعة شندي على الاعتماد البرامجي الوطني). 
  • وهل تعلمون أنه إلى يومنا هذا مازالت الكليات بالجامعات السودانية المختلفة عاجزة عن الحصول على الاعتماد المؤسسي من هيئات الاعتماد على المستوى الدولي، ماعدا كليتي الطب بجامعة الخرطوم وجامعة الجزيرة اللتان حصلتا على الاعتماد من الاتحاد الفدرالي لاعتماد التعليم الطبي في أواخر العام 2018 لمدة خمس سنوات (تنتهي في 2023) وذلك بعد استيفائهما لمعايير اعتماد كليات الطب.
  • وهل تعلمون أنه إلى الآن لم يحصل أي برنامج أكاديمي بمؤسسات التعليم العالي على الاعتماد البرامجي من هيئات الاعتماد على المستوى الدولي. 
  • وهل تعلمون أن أهم متطلبات منح الاعتماد الوطني يتمثل في وجود هيئة وطنية على درجة عالية من الكفاءة والفاعلية في القيام بعمليات تقويم مؤسسات التعليم العالي وبرامجها الأكاديمية لضمان جودة مخرجاتها، وللتأكد من توافق ممارساتها مع الممارسات المتميزة المتعارف عليها عالمياً في ساحات التعليم العالي؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أنه في العام 2003 تم إنشاء أول هيئة وطنية لتقويم واعتماد مؤسسات التعليم العالي وبرامجها الأكاديمية بمسمى: الهيئة العليا للتقويم والاعتماد بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أن تقويم واعتماد الجامعات والكليات الجامعية وبرامجها الأكاديمية على المستوى الوطني يتم من خلال تبني مجموعة من المعايير ومؤشرات الأداء التي تم تطويرها لتغطي كافة الأنشطة ذات الصلة بمجالات التعليم والتعلم، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أن أول منظومة معايير على المستوى الوطني تم تطويرها في العام 2008 عبر الهيئة العليا للتقويم والاعتماد؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أن الوزارة لم تتمكن من تطبيق منظومة المعايير على أياً من الجامعات والكليات الجامعية وبرامجها الأكاديمية حتى أبريل من العام 2017 حينما تم إلغاء العمل بها؟؟؟؟ 
  • وهل تعلمون أن الفشل في تطبيق منظومة المعايير الوطنية يتمثل بصورة أساسية في عدم توافقها مع ما تعايشه مؤسسات التعليم العالي من تحديات، وعدم مراعاتها لما يتاح للمؤسسات من موارد وإمكانيات بشرية ومادية؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أنه في العام 2017 تم استحداث المفوضية الوطنية لتقويم واعتماد التعليم العالي لتحل محل الهيئة العليا للتقويم والاعتماد؟؟؟؟ 
  • وهل تعلمون أن أبرز نقاط الضعف في إدارة قضايا تقويم واعتماد مؤسسات التعليم العالي تتمثل في ضعف الهيكل التنظيمي للمفوضية الوطنية (ومن قبلها الهيئة العليا)، حيث كانت تدار الهيئة العليا فقط من خلال رئيسها، دون وجود وحدات تنظيمية مستقلة تعزز ممارسات الحوكمة والإدارة بالهيئة؟؟؟؟ وهل تعلمون أن نفس الممارسة (المعيبة) مازالت موجودة (إلى يومنا هذا) من خلال وجود شخص واحد فقط (رئيس المفوضية) يتولى تسيير كافة الشؤون والقضايا دون وجود وحدات تنظيمية (إدارات/أقسام) مستقلة كما هو متعارف عليه في إدارة أنظمة تقويم واعتماد مؤسسات التعليم العالي على مستوى العالم (إنها حقاً مفوضية الرجل الواحد)؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أنه في أبريل من العام 2017 تم تطوير منظومة جديدة من المعايير الوطنية تحمل مسمى: المعايير القياسية لتقويم واعتماد المؤسسات الأكاديمية؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أن المفوضية/الوزارة لم تقدم تبريرات منطقية لإلغاء معايير الهيئة العليا على الرغم من تفوقها على المنظومة الجديدة في كثير من المجالات؟؟؟؟ 
  • وهل تعلمون أن عدد مؤشرات الأداء المطلوب استيفاؤها (وفقاً للمنظومة الجديدة) بلغ 263 مؤشراً، يصعب تنفيذها (بوضعها الراهن) حتى على مستوى الجامعات ذات الإمكانيات العالية (الخرطوم، والسودان للعلوم والتكنولوجيا، والجزيرة، والنيلين على سبيل المثال)؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أن أحد مؤشرات الأداء (ضمن المنظومة الجديدة) تم تطويره ليعبر عن قدرة مؤسسات التعليم العالي السودانية على إجتذاب أساتذة من خارج البلاد (نسبة أعضاء هيئة التدريس الأجانب في المؤسسة، وعدد جنسياتهم)؟؟؟؟.
  • وهل تعلمون أنه حتى الآن لم تتمكن الوزارة من تطبيق منظومة المعايير القياسية الوطنية على أي جامعة من الجامعات أو على أي برنامج من البرامج الأكاديمية (وعلى الأرجح لن يكون ذلك ممكناً ومتاحاً في المدى القريب)؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أنه حتى الآن لا توجد جامعة أو كلية جامعية معتمدة وطنياً أو حاصلة على الاعتماد الوطني (المؤسسي) وفقاً لمنظومة المعايير الوطنية (سواء بنسختها القديمة أو الجديدة)؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أنه حتى الآن لا يوجد برنامجاً أكاديمياً حاصلاً على الاعتماد الوطني (البرامجي) وفقاً لمنظومة المعايير الوطنية (سواء بنسختها القديمة أو الجديدة)؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أن من حق أي مواطن سوداني أن يحصل على بعض المعلومات ذات الصلة بأنشطة المفوضية الوطنية لتقويم واعتماد التعليم العالي؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أن هيئات تقويم واعتماد مؤسسات التعليم العالي في كافة دول العالم تحرص على مشاركة أنشطتها مع قطاعات المجتمع المختلفة ومؤسسات الإعلام، ماعدا المفوضية الوطنية السودانية التي تتجاهل إشراك المجتمع السوداني في أنشطتها؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أن الموقع الإلكتروني للوزارة لا يتضمن أية معلومات عن المفوضية الوطنية وأنشطتها وما تقوم بتنفيذه من برامج؟؟؟؟ 
  • وهل تعلمون أن هناك الكثير من أعضاء هيئة التدريس (من يحملون الدرجات العلمية الرفيعة) بالجامعات السودانية لا يرون أهمية لوحدات وإدارات ضمان الجودة بمؤسسات التعليم العالي، ولا يؤمنون بأهمية المشاركة في أنشطتها؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أنه طيلة عمرها الممتد منذ العام 2003 لم تعقد الهيئة/المفوضية مؤتمراً علمياً لمناقشة قضايا وتحديات تقويم واعتماد مؤسسات التعليم العالي في السودان؟؟؟؟
  • وهل تعلمون أن السودان يعتبر من أبرز الدول التي يكثر فيها عدد أعضاء هيئة التدريس الذين لا يتوانون لحظة عن ترك قاعات العلم والمحاضرات والمعامل والتفرغ لممارسة السياسة (والتطبيل) للحكام مع الاحتفاظ بوظائفهم في الجامعات؟؟؟ 

وفقنا الله وإياكم في خدمة المجتمع السوداني

د. سليمان زكريا سليمان عبدالله
أستاذ مساعد بجامعة السلطان قابوس – سلطنة عمان
أستاذ مساعد (سابقاً) بكل من جامعة بخت الرضا وجامعة الخرطوم
[email protected]

 

‫6 تعليقات

  1. اعتقد بروف صغيرون ينتظرها عمل كبير .. لان الكيزان قلبو اي بيت جامعه . حيث غاب عليهم ان هناك معايير كثيره لفتح جامعه … هل تعلمون حتي الان لا يوجد موقع علي الانترنت لاي جامعه سودانيه يعطيك اخبارا انيه لما يحدث في تلك الجامعه من فعاليات … بس كده جيب لي مدير جامعه عنده رؤيه محدده لجامعته في الاربع سنوات القادمه ناهيك في العشرين سنه الجايه … كده اسال اي مدير جامعه خليهو يطلع من المكتب الجالس فيهو كيفية قياس معايير الجامعات ودخولها في التصنيف .. مع انها عملية بسيطه ومتوفره في النت … تقول لي برضو عايزنا ندخل في التصنيف العالمي … ياسيدي مدارء جامعاتنا يحتاجون الي فورمات لكل المعلومات التي كانت تاتيهم في عهد الكيزان الله لا عادهم..

  2. والله مأساة، معلومات مؤلمة ومزعجة، يا ليت قومي يعلمون ، زد على ذلك ضعف الكوادر التعليمية في الجامعات مع كثرة الشهادات التي منحت إبان العهد البائد ، وكثير من الدكاترة تستمع إليهم يتحدثون بضاعتهم ضعيفة ومعلوماتهم محدودة جدا ، فاقد الشيء لا يعطيه ، لابد من أن يكون الخريج ضعيف المخرجات.

  3. دون الإخلال بما جاء في مقال الدكتور سليمان، وتثميناً لما أورد ، أود أن أوضح أنه أشار إلى تصنيف (Webometrics) وهو تصنيف متواضع جداً وغالباً لا تعتمده كثيراً من الجهات المعنية بالتعليم العالي حول العالم .. في ظل وجود تصنيفات أخري عالمية أكثر رفعة وذات سمعة متميزة ومصداقية ومهنية وتتسابق المؤسسات التعليمية للحصول على مراكز متقدمة من خلالها .. ومنها على سبيل المثال:

    – The Times Higher Education – THE
    – Academic Ranking of World Universities – ARWU والمعروف باسم (Shanghai Ranking)
    – US News & World Report

    وهي تصنيفات دقيقة ومهنية وذات سمعة وإعتماد عالمي إلا أنه وللأسف عند إعمال كافة المعايير التي تحدد تصنيف مؤسسات التعليم العالي حول العالم من خلال تلك التصنيفات لا تجد أي من الجامعات السودانية مدرجة بينهما ولا حتى جامعة الخرطوم لا في أحدث تصنيف للعام 2020م ولا في تصنيفات الأعوام السابقة ..

    وللأسف يتعامل بعض العاملين في حقل التعليم العالي في السودان بلا مبالاة متناهية، كما ذكر لي أحدهم وهو يقدم محاضرة عن تقييم الجامعات عالمياً وضرورة الاهتمام بهذا الأمر، فجائه رد أحد الأساتذة (بروفسير) بجامعة الخرطوم (ما عندنا بيهم شغلة، ما ياهو انحن شغالين وما محتاجين لي تصنيفهم ولا اعتمادهم) ..

    للأسف دي العقلية البتتعامل مع قضايا التعليم العالي في السودان.

  4. شكرا د سليمان ….. طيب شابكننا حفل التخريج او الخريج فوق كام …. ما كان اولياء الامور و بالتالى وزارة التعليم العالى يصرفوا قروش حفلات التخرج فى جودة التعليم … بنتى خلصت معمار و قلت ليها العالم الان متجه نحو الجودة و احسن تعملى ماجستير فى الجودة قامت استشارت احد البروفيسيرات فى الكلية و هى تعتبره مثلها الاعلى قال ليها دة كلام فارغ جودة شنو طبعا اقتنعت بكلامه و خلت ماجستير الجودة بعد ما سجلت فيهو . اهم ديل البروفيسيرات حقننا .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..