مقالات سياسية

محنة الأطفال

أسماء محمد جمعة

عمالة الأطفال في السودان أصبحت من المشاهد المألوفة ،وأينما ذهبنا نراهم يعملون مثل الكبار في كل الاعمال حتى الخطرة، منهم من هو دون العاشرة ومنهم من تجاوزها بقليل ،ولا أعتقد أنني بحاجة إلى أن أشرح مدى خطورة عمل الاطفال في في سن مبكرة ،فالطفل مكانه المدرسة والحدائق وساحات اللعب والتسلية وقاعات تطوير المواهب والابداع .
ظاهرة عمالة الاطفال في السودان ظهرت و إستفحلت في عهد النظام المخلوع ،وفي الحقيقة لم يتدخل أبدا لحمايتهم الا بالقدر الذي يحسن صورته المشوهة أمام العالم ، فكل شيء قام به من أجل الاطفال كان نتيجة ضغوط ، على سبيل المثال إجازته لقانون الطفل القومي وتوقيعه على اتفاقية حقوق الطفل والاثنين لم ينفذ بند منهما .
المشهد الأكثر الما هو عجز المجتمع عن مناهضة استغلال الأطفال كعمالة رخيصة، لأداء كثير من الأعمال التي يقوم بها الكبار ، واجورهم تصل إلى أقل من خمس اجور الكبار الذين يقومون بنفس العمل ، وبلا شك ليس هناك طفل لديه رغبة في العمل ولكن الظروف من اجبرتهم واجبرت أهلهم بالزج بهم في معترك العمل حتى وإن كانوا يدركون خطورته عليهم ، وفي النهاية يدفع الجميع الثمن الاهل والطفل والدولة .

. يوم 12 من هذا الشهر احتفل العالم باليوم العالمي لمكافحة عمالة الاطفال الذي يوافق 12 يونيو من كل عام ،ويهدف إلى لفت انتباه الدول للاهتمام بإنتشار ظاهرة عمل الأطفال ومكافحتها، و بذل الجهود اللازمة للقضاء عليها. وفي كل عام تجتمع الحكومات ومؤسسات العمل والعمال والمجتمع المدني لإلقاء الضوء على محنة عمالة الأطفال وكيفية مساعدتهم، ويجب علينا في السودان أن ننتبه لهذه الكارثة .
تقول الأمم المتحدة إن إفريقيا تحتل الصدارة من حيث عمالة الأطفال، حيث يصل عدد المجبرين على العمل في “القارة السمراء” إلى 72 مليون طفل من أصل 152 مليون عبر العالم.نتيجة للظروف المعيشية التي تعيشها أسر الأطفال العاملين، وعلى مستوى العالم يوجد طفل واحد من أصل كل 10 أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و17 في سوق العمل
الان يواجه الاطفال في السودان اوضاع ماساوية اورثنا اياها النظام المخلوع ،و نسبة عالية منهم محرومة من حقوقها الأساسية، ومنهم من يعملون في ظل ظروف صعبة ،و انتشار عمالة الاطفال في اي مجتمع تعتبر مؤشر اجتماعي خطير جدا يؤكد تخلله، وحقيقية وضع الاطفال في اي دولة هو مقياس للمستقبل الذي ستكون عليه ، انظروا إلى وضع اطفالنا الان وتتخيلوا مستقبل السودان، ورغم هذا الوقت لم يمضي ويمكن تدارك الأمر.

هذا العام جاء شعار اليوم العلمي لمكافحة عمالة الأطفال( كوفيد19حماية الأطفال من العمالة أكثر من أي وقت مضى) ،حيث تتوقع الأمم المتحدة أن تتسبب الظروف التي فرضتها الجائحة إلى دفع المزيد من الاطفال المستضعفين إلى سوق العمل .

بهذه المناسبة ندعو الحكومة الانتقالية إلى التعامل مع قضايا الاطفال باهتمام شديد اكثر من اي وقت مضى وتحريك المجتمع وجعله أكثر تعاطفا مع قضاياهم ومشاكلهم ،ولابد من معالجة قضايا المجتمع التي تؤدي إلى انتشار عمالة الأطفال مثل الفقر والحروب والمشاكل الناتجة منهما وغيرها، لقد آن الأوان لتنتهي محن الاطفال وعلى رأسها استغلالهم كعمالة رخيصة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..