تفريخ .. !!

:: عندما يسألونك عن أسباب العنف بالجامعات، فقل: هذا ليس عنفاً طلابياً، بل هو بعض عنف المناخ العام.. وذات يوم من أيام نيفاشا، سألت أتيم قرنق وكان نائب رئيس برلمان تلك الحكومة، لماذا يحرص زعماء الحركة الشعبية على تعليم أولادهم بالخارج رغم السلام بالجنوب والشمال؟، فأجاب بنصف الحقيقة قائلاً: (مافي زول عاقل بيدخل ولده في مدارس بتلزمو يلبس الكاكي، الكاكي ده للحرب مش للعلم، لمن يتشبع بروح الكاكي في سن المراهقة لمن يكبر بيعمل شنو؟، أنا عايز ولدي يتعلم في مناخ مافيهو مظاهر العنف)..!!

:: وذات مساء، كنا بصالة أفراح في ليلة زفاف شقيق زميل، وفجأة ضجت صالة الفرح بطلب غريب: (عايزين قنبلة، عايزين قنبلة، عايزين قنبلة)، وتفاجأت بالطلب والهتاف و(توجست)..ولكن تم شرح الطلب، فالشباب يطلبون من مطربهم (أغنية قنبلة)..واستجاب لطلبهم وغناها، بل غنوها، كلهم، ورقصوا على إيقاعها لحد الهوس..أغنية غريبة الكلمات، بحيث لم يجد شاعرها في محاسن الدنيا كلها ما يصف بها محاسن محبوبته غير (الأسلحة).. وصف يديها بالكلاشنكوف، وفمها بمسدس (ستة ملي).. و..هكذا.. فالمحبوبة في عين المحبوب عبارة عن (مصنع ذخيرة)..!!

:: وأبدى صديقي استياءه تجاه الشاعر والمطرب والجمع الراقص، واصفاً أذواقهم وأغنيتهم بالهابطة.. ولكن صديقي أيضاً قال نصف الحقيقة، ويجهل أو يتجاهل النصف الآخر..نعم الأغنية هابطة جداً، ولكنها تشير إلى انقلاب قد حدث حتى فى مشاعر العشاق والشعراء.. سابقاً، لم يكن للكلاش والمسدس والمدافع والصواريخ مكاناً في مخيلة العشاق ولا كانت من أدوات تعبير شعراء الغزل والرومانسيات.. ولكن جاء المناخ العام بكل تلك الأسلحة والمدافع بديلاً للقمر والزهر وعيون المها..و..فهل نكتفي بنقد الشاعر والمطرب وأغنيتهما الحربية الراقصة، أم نبسط مناخ السلام والوئام والحب والسلام في المجتمع ومشاعر الناس..؟؟

:: وفي الخاطر، إحدى مسابقات هيئة رعاية الإبداع العلمي..فالهيئة كانت تنشط في تحفيز الطلاب والشباب بطرح المسابقات.. وذات عام، فاز طالب ثانوي بجائزة تلك الهيئة..وكان من النيل الأبيض..اخترع مسدساً رائعاً لا يخطئ الهدف.. جميل أن يكون للطلاب والشباب المبدع فى بلادنا راعياً يرعى إبداعهم ويحفزهم حين يبدعون ويخترعون..ولكن، ما الذي يرغم طالب الثانوي على التفكير فى اختراع مسدس وليس ألة حاسبة أوحاسوب أو ألة زراعية (مثلاً)..؟..لا شيء غير المناخ الذي يستظل به..نعم، طبيعي أن يفكر في اختراع المسدس ليتوافق مع ملابس الحرب (الزي المدرسي).. أي، من اخترع المسدس في تلك المسابقة هو المناخ العام وليس الطالب..!!

:: وعليه، فالعنف ليس في الجامعات فقط، بل يحيط بكل فرد فينا كإحاطة (الحجل بالرجل)، ونتنفسه وننفثه في كل مناحي حياتنا..نقتل أرواح بعضنا، مشاعر بعضنا، آراء بعضنا، أفكار بعضنا، أحلام بعضنا، بكل أنواع العنف، الجسدي منه واللفظي، ولا نشعر ولا نبالي، لأن المناخ العام الذي يظلنا يصرف عقولنا ونفوسنا – عن التفكير والانتباه – بتمجيد نهج العنف..وبدلاً عن التباكي على الأعراض، يجب تعليم أفراد المجتمع أدب الاختلاف قبل قيمة الاتفاق، بحيث الرأي يحترم الرأي الآخر والفكر يقارع الفكر والبرنامج يحاور البرنامج..وبهذا النهج فقط ? لا غيره – تقوى الأفكار والآراء والبرامج خارج و(داخل الجامعات)..!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. السؤال المهم

    لماذا تم تسييس الاتحادات الطلابية بدلا ان تكون لخدمة الطلاب وحل مشاكلهم؟؟

    المشكلة ان معظم سياسيى اليوم هم نتاج تلك الصراعات الطلابية
    ومازالوا يديرون بلدا كاملا بعقلية الاتحادات الطلابية

  2. اذا كان من يحكم لمدة تزيد على ربع قرن من الزمان هم مجموعة من المجرمين و السفاحين … و رئيس العصابة و خمسين من عصابته مطلوبون لدى محكمة الجنايات الدولية بتهمة الابادة الجماعية، و اذا كان حكومتهم منذ الانقلاب المشئوم عملت على تجييش الشعب و الاطفال و الشباب و حشرهم للقتل و الحرب … و اذا كان امن النظام ” يتسلى ” بقتل المتظاهرين السلميين نهارا جهارا يحميهم قانون الجريمة و الحصانات المطلقة..
    و اذا كان افراد عصابات الكيزان تربوا و هم طلاب في المدارس و الجامعات -حتى قبل ان يستولوا على السلطة و السلاح – على حمل السيخ لسحل زملائهم …
    ماذا ترجو في زمن سيطرة هذه العصابة على دولة بكاملها غير نشر الحرب و العنف و القتل و الدمار؟
    اصدق وصف لهذه العصابة ما ينسب لاسامة بن لادن حين وصف الوضع في السودان بانه خليط من الشعارات الجوفاء و الجريمة المنظمة ..او وصفا نحو ذلك!

  3. أنت أيضا ذكرت نصف الحقيقة و غاب عليك أو ربما تعمدت أن تتجاهل تلمس جذور المشكلة

    الا تعلم أن هنالك طابورا خامسا وسط طلاب الجامعات منظم و مدعوم من صاحب المصلحة لإسكات و تكميم الأفواه والحجر علي الآراء ولو بالتصفية .. ؟

    أم سلكت مسلك صاحبك عووضة و بقيت تنظر للفيل و تنشن علي ظله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  4. للحق والحقيقة أول مرة كاتب صحفي يتناول هذا الموضوع الخطير التى يتم التغاضي عن نقاشه جهلا أو عمدا.فى رأيئ أن هذه الظاهرة هي أسوأ وأخطر إفرازات وإنعكاسات حكم العصبة. ما قامت به هذه السلطة الغاشمة هو (تجييش) المجتمع السوداني وكان الهدف عسكرة الحياة (السياسية) لإرهاب المعارضين. هذا كان الهدف التكتيكي للعصبة ولكن نسي بلهاء السلطة (كعادتهم) التأثيرات المستقبلية لهذا التجييش. ماذا حدث؟ فقط تابعوا ماينشر (يوميا) بصحافتنا المقروءة عن مظاهر وحوادث العنف في حياتنا الإجتماعيةونعني بذلك العنف داخل الأسرة الواحدة وبين الأزواج والأصهار بين الجيران وبين الشركاء والأصدقاء وبين العمال وزملاء المهنية بل أمتد الأمر إلى الإعتداء على الأطباء والقضاة وغيرهم من أفراد المجتمع فى ظاهرة لم يعرفها المجتمع السوداني!!
    مر هذا الموضوع الخطير مرور الكرام على الجميع دون نقاش وبلا إكتراث. نفهم تغاضي العصبة عن الغوض فى هذا التحول الخطير فى مجتمعنا المسالم ولكن ما بال الصحافة وأجهزة الإعلام والجامعات بل والأحزاب المعارضة تتجاهل هذا الأمر الخطير. الله يستر!!!

  5. كل هذا الكلام ةالتحليل والامثال والاستاذ الطاهر ساتى لم يذكر لنا من المسئول عن العنف . نحن ياستاذ نحمل العنف لعصابة الانقاذ لانه هى من :
    — استخدم العنف فى الاستيلاء على السلطة .
    — عسكر الشعب قسرا وطوعا بالحروب الجهادية ضد أخوتنا الجنوبيين .
    — دعم الطلاب المتأسلمين بالمال والسلاح الابيض والاسود بحيث صارت الجامعات مخازن اسلحة لطلاب المؤتمر الوطنى .
    — رفعت شعارات الجهاد “فلتسل منهم دماء ولتسل كل الدماء!!” .
    — هندست المجتمع من خلال وزارة التخطيط الاجتماعى التى أسسها على عثمان “لاسلمة” المجتمع السودانى وتوفير الحوافذ لمن يسير فى خط الاخوان وأن لم يكن اساسا منهم وهؤلائ اسميهم المؤلفة قلوبهم (بالتعريف الاخوانى) لزيادة زمرة المتأسلمين وأغرائهم بالحج والعمرة والمناصب والحوافز ولنا الكثير مما يمكن قوله لولا ضيق المجال .
    — ابتدعت هيئة للتأصيل يقودها مساعد لرئيس الجمهورية ووسعت صلاحيلتها لتتغلغل فى البنوك وهيئة الزكاة والجامعات وكل اجهزة الدولة .
    — غيرت القوانين عامى 89 و 1990 بليل تمهيدا للسرقة والفساد والافساد .
    — أقامت النظام العام والمقصود منه اذلال الشعب من خلال الجلد العلنى للنساء والرجال لتشهد طائفة من المسلمين عذابهم فاصبح الناس يتسلون باذلال كما كان الشعب الفرنسى يتسلى بالمقاصل التى أقيمت للثوار حينئذ .
    — أقامت الاجهزة الامنية التى ابتعث لايران أهم قادتها من امثال قطبى المهدى ونافع على نافع وغيرهم للاطلاع على احدث اساليب التعذيب والارهاب .
    وهذا غيض من فيض نكتفى به لنقول بملئ الفيه أن سبب العنف فى الجامعات هو نتاج السياسة المعيبة التى استحدثتها طغمة الانقاذ مع تأكيدنا أن العنف فى الجامعات يقوده الطلاب الاسلاميين من أخوانك المتأسلمين الذين تدعمهم القوات الامنية وليس الطلاب المدافعين جامعاتهم لاسباب عدة تعلمها جيدا .. وخلسك يا الستاذ من ايحائاتك الخائبة بأن سبب العنف هو أغانى قنيلة أخواتها فالشباب ما يزال يطرب لاغانى الحقيبة التى يرددها ال البنا وغيرهم …

  6. وانت ياخريج مدرسة الاسلامويين الحربية مش برضك كنت من حملة السيخ وفردا فى قوات فض اركان النقاش والندوات الفكرية!!!!!!!!!!!!!ام انك كنت تحسب حمل السيخة تقربا للحبيبة الكوزة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ مخك ياطاهر ما بجمع الا بعد نهاية الزمن بدل الضايع

  7. ساتى مقالك عميق جدا جدا – عند كتابتك تستحضر الماضى القريب 20 الى 40 سنة لانه اساس المستقبل – انت جد صحفى بمعايير عمل الصحافة الدولية – اكثر من قراءة الواقع السياسى الاجتماعى الاقتصادى بهذه الرؤيا – ودمت

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..