مقالات سياسية

 وزارة النهضة والتطوير !

* من الخطأ أن يؤخذ بعض أعضاء الحكومة السابقة بجريرة غيرهم من الفاشلين، ويتم استبعادهم من التشكيل الجديد رغم نجاحهم، مثل وزير التربية والتعليم بروفيسور (محمد الأمين التوم) الذي كانت له رؤية وخطة واضحة منذ اليوم الأول لتوليه المنصب وحقق العديد من الانجازات بما لا يمكن لأحد أن ينكره، وكان من المفترض أن يظل في منصبه لاستكمال ما بدأه من عمل إلا إذا كان التعديل الوزاري مجرد قسمة لكيكة السلطة، وليس بغرض الاصلاح والتطوير !

* من واقع خبرتي الطويلة في مجال التدريس الجامعي في السودان والخارج بالإضافة الى التدريس والادارة فترات طويلة في المرحلة قبل الجامعية باعتباري من أسرة أسست الكثير من المدارس المتوسطة والثانوية في السودان منذ خمسينيات القرن الماضي وكان التعليم ولا يزال على رأس اهتماماتها، اتفق تماما مع بروفيسور (التوم) في كشف الحساب الذي أصدره عن فترة عمله بأن وزارة التربية والتعليم سعت لإحداث تغيير جذري في نظام التعليم الموروث من النظام البائد، يشمل جميع الجوانب الفلسفية والاهداف والهياكل التنظيمية والوظيفية والقوانين والتشريعات والمناهج والاهتمام بالمعلم والبيئة المدرسية ومستوى الإنفاق على التعليم.

* وكان من اللافت، اهتمام الوزارة بإشاعة الديمقراطية في العملية التربوية، وقامت من أجل ذلك بوضع مشروع قانون تنظيم التعليم العام لسنة 2020م يتضمن هيكلاً تنظيمياً على المستوى الولائي، والإقليمي (يضم ممثلين للولايات)، والقومي الذي يضم ممثلي مجالس الاقاليم، حتى تصبح صناعة القرارات واجازة السياسات عملية ديمقراطية تشمل الجميع وهو نظام متبع في كل دول العالم المتحضرة ومن بينها كندا، ويحدث للمرة الاولى في بلادنا على يد بروفيسور التوم، ومن الظلم والإجحاف أن تحرم منه بلادنا، حيث اعتدنا انه عندما تأتى حكومة جديدة أو وزير جديد فإن أول شيء يفعله هو إلغاء ما قام به سلفه، حتى لا ينسب الانجاز لغيره!

* وأولت الوزارة اهتماماً كبيراً بمجانية التعليم الأساسي (وهو النظام المعمول به في كل الدول المتحضرة)، وتم إدراجها في ميزانية العام السابق والحالي، بالإضافة الى التزام الحكومة بتوفير وجبة مدرسية لكل طلاب الاساس في ميزانية العام الحالي، فضلاً عن الاهتمام الكبير بزيادة فرص التعليم لطلاب مرحلتي الاساس والثانوي والتعليم قبل المدرسي (رياض الأطفال) باجتذاب الشرائح الضعيفة، وتوسيع قادة التعليم في الولايات الطرفية، ضمن خطة طموحة جدا وضعتها الوزارة وشرعت في تطبيقها اعتبارا من العام الدراسي الجديد!

* كما وضعت خطة لإعادة تأهيل التعليم الفني وتوسيع قاعدته لحاجة البلاد الكبيرة لعمالة فنية مؤهلة في كل المجالات تشارك في عملية التطوير والتنمية المطلوبة، ويستطيع أي أحد أن يطلع على هذه الخطة المفصلة بالأرقام والسنوات والخطوات ويدرك الخسارة التي ستلحق بالبلاد إن لم توضع موضع التنفيذ، سواء رحل او بقى بروفيسور التوم !

* وكانت المناهج ــ مثل كل أركان العملية التعليمية التربوية ــ ضمن أولويات الوزارة، وتم اعداد منهج لمرحلة التعليم قبل المدرسي لمدة سنتين، وهو الآن في مرحلة التصميم، وتنقيح مقررات المرحلة الابتدائية وتعديل بعض المقررات في المرحلة الثانوية وإزالة الحشو بحذف ما يسمى بالعلوم العسكرية وبعض المواد الأخرى، بما يجعل المقررات سهلة الهضم تعتمد على تنشيط وتحفيز العقل بدلا من التلقين والحفظ، بالإضافة الى تنظيم مؤتمر للمناهج عبر الانترنت جمع عددا كبيرا من المعلمين والمختصين في كل ولايات السودان هدفه الاتفاق على منهج يؤصل القيم الإنسانية ويحتفل بالتنوع والسلام ويلحق بركب العلم والحداثة!

* وللأسف الشديد، فلقد اصطدمت الخطة الطموحة لوضع مناهج حديثة بمفاهيم البعض بدون الإلمام بتفاصيلها وأهميتها، وليت الذين عارضوها شفاهيةً يجدون الوقت للاطلاع عليها ويتبينون الخطأ الذي ارتكبوه في حق مسيرة التطور والنهضة في بلادنا!

* شملت الخطة جودة التعليم، وتأهيل المعلم، والكتب المدرسية بحيث يكون لكل تلميذ كتاب بدلا عن كتاب لكل عشرة تلاميذ، وتوفير الكتب لكل الولايات، وزيادة حجم الانفاق على التعليم، بالإضافة الى مشروع تطوير العلوم والرياضيات والتكنلوجيا، والاهتمام بالتعليم الإلكتروني وتوسيع قاعدته، وكل مكونات العملية التعليمية التربوية الاخرى !

* من المؤلم، ألا يرى قادة البلاد، كما يقول بروفيسور التوم، أهمية العلاقة بين نظام التعليم ومستقبل الوطن، فيعرضون وزارة التربية والتعليم في سوق المحاصصات وتوزيع الغنائم، بل تأجيل اختيار وزيرها وتركها عرضة للصراعات ليأتي من يأتي ويفعل بها ما يفعل، بدون أي اعتبار لخصوصيتها وأهميتها القصوى والدور الكبير المنوط بها في قيادة النهضة والتطوير !

الجريدة

‫2 تعليقات

  1. يا استاذ , ما ذكرته انت عن المناهج لم يذكره عمر القراي نفسه و كانت كل خطاباته عن تقليص محتوى مادة التربية الاسلامية و اللوحة سيئة الذكر و ادخال الموسيقى و تدريس اللغة الانجليزية في مراحل مبكرة مع عدم توفر العدد الكافي من معلمي اللغة الانجليزية .
    الوجبة المدرسية كانت مجرد حلم لوزير التربية و يمكن ان احلم انا بتوفير جهاز كمبيوتر لكل تلميذ و لكن هل سيحقق!
    حتى الكتب المدرسية لم يطبع منها سوى كتاب او كتابين مع حلول بداية العام الدراسي

  2. يا استاذنا.. ما تنسى انو البلد فيها “جهات خفية” الحكومة ما عارفاها.. منغصة عليها حياتها…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..