“برينس” و”ملك” النسخة الحادية والعشرون من الممتاز ستشهد غياب عميد نجوم الممتاز لأول مرة منذ انطلاقته والعجب يتسلم الراية.. آخر أيقونات الكرة السودانية

الخرطوم – حافظ محمد أحمد
يلملم الموسم 2015 أطرافه ويرحل طاوياً معه صفحة لم تخل من بقع داكنة السواد شوهت النسخة العشرين من مسابقة الدوري الممتاز بالأحداث التي شهدتها المسابقة التي كانت صرخة ميلادها في العام 1996. ونال المريخ لقب النسخة العشرون بعد انسحاب الهلال، متوجاً بكل ألقاب الموسم المحلية.
وبعد شهر على الأكثر ستبدأ عجلة الموسم الرياضي في الدوران من جديد لتبدأ معه رحلة جديدة للنسخة الحادية والعشرين بعشم وآمال كل الشارع الرياضي أن تكون الأفضل، وتنعم باستقرار كامل، وتحقق الآمال المنشودة.
النسخة الحادية والعشرون ستشهد حدثاً جديداً بغياب برينس الكرة السودانية هيثم مصطفى الذي توقفت رحلة عطائه عند محطة الأهلي شندي الموسم الماضي في مشهد ربما يكون خالداً، إذ أن من الصعوبة أن يواصل معظم لاعبي كرة القدم في مسابقة عشرين موسماً دون انقطاع، وهو عين ما فعله هيثم الذي كان شاهداً ومشاركاً في النسخة الأولى.
وكاد عميد لاعبي الممتاز أن ينهي مسيرته بالخرطوم الوطني حسب ما رشح أمس، لكن هيثم تأكدت مسألة اكتفاءه بالمشاركة في عشرين نسخة. واعتزل النجم الشهير كرة القدم تاركاً غصة في حلوق الكثير من الأهلة الذين كانوا يرغبون في رؤيته من جديد وهو يتقلد شارة القيادة على الأقل لموسم واحد أو ستة أشهر. ويعد مصطفى النجم الأكثر تتويجاً بالممتاز، حيث نال اللقب مع الأزرق اثنتي عشرة مرة، كان في ثمانٍ منها القائد الذي رفع الكأس، بينما ناله مرة واحدة في موسم ونصف أمضاه في صفوف المريخ.
وبحسب أنباء راجت أمس الأول فإن الخرطوم الوطني كاد أن أن يحرر للبرنس شهادة ميلاد جديدة في الممتاز، آملاً أن يستفيد من خبراته الثرة وتجاربه الكبيرة، لكون الكوماندوز سيكون حاملاً لواء الكرة السودانية في الكونفدرالية، ويأمل بقيادة مدربه العالمي كواسي أبياه في إنهاء هيمنة العملاقين المريخ والهلال على درع الدوري الذي لم يخرج من جلبابهما قط. غير أن اليوم الأخير مضى دون أن يدخل البرنس مباني الاتحاد العام.
هيثم الذي اختلف على طريقة تعامله الوسط الرياضي، يبدو الجميع متفقون على أنه واحد من أفضل من أنجبتهم حواء الكرة السودانية.
الحدث اللافت في النسخة الحادية والعشرين أيضاً ظهور قائد المريخ الأسبق فيصل العجب رفقة النيل شندي الوافد حديثاً للدرجة الممتازة، وسيكون النجم الأشهر في سماء الكرة السودانية عميداً للاعبي الممتاز.
وأنهى العجب فترته مع السلاطين، حيث كان موفقاً للغاية الموسم الماضي. وخلال الدور الأول نجح في قيادة الفاشري لمركز متقدم. وعندما عصفت الخلافات الإدارية بالنادي، وتوقف العجب غابت معه دهشة الإبداع وتوقفت معه ماكينة التألق، وأنهى السلاطين موسمهم في مركز ليس ببعيد عن المراكز المتأخرة، ولولا نقاط الدور الأول، لكان النادي منافساً على الهبوط.
وتحكي مسيرة فيصل العجب في ناديه الأول المريخ قصة أخرى فصولها زاخرة بالحب والإبداع، وخلال أربعة عشر عاماً لم ينافس العجب أي نجم مريخي آخر، حيث استأثر وحده بكل البريق؛ خطف الأضواء والأنظار من الجميع، قدم من الدهشة والإبداع ألواناً، ونثر من الفرح ما أشجى كل عاشق وولهان في حبه للقلعة الحمراء، وظل النجم الأول في كل الأوقات وتحت ظل الظروف، ونال من الشهرة والصيت ما لم يحظ به لاعب غيره.
وتتشابه فصول روايتي الملك والبرنس في ما حققاه للأزرق والأحمر من بطولات، وإن اختلفا في التفاصيل؛ ظل العجب وفياً لأبناء القلعة الحمراء وغادرها بعد أن قدَّم خطاب إخلاء خانته بنفسه، بينما غادر البرنس مشطوباً.. لعب الأخير للند التقليدي للهلال وارتدى شعاره في الملعب، وقاده لدرع الدوري على حساب الهلال، في حين ارتدى العجب شعار الهلال داخل المكاتب المغلقة فقط، وتراجع عن خطوة تبديل النجمة بالهلال في اللحظات الأخيرة، وفضل أن يدافع عن اللونين الأحمر والأصفر رفقة مريخ جديد. شوهد العجب في مدرجات القلعة الحمراء في المباريات الأفريقية الأخيرة، وهو يحمل الشعار مؤازراً رفاق فييرا وراجي، وخلت مسيرته في المريخ تماماً من أي خلافات، بينما كان البرنس مثار جدل على الدوام كعادته في السنوات الأخيرة، وكانت عودته للأزرق في التسجيلات محل شد وجذب.
كاريزما القيادة وإن كانت عند البرنس أكبر، غير أن اللاعب يقول عنه البعض إنه ميال لحب السيطرة، بينما كان العجب محل تقدير كل اللاعبين في المريخ، مريخ الفاشر ونجوم المنتخب الوطني، ودون أن يجرؤ لاعب على مجرد الحديث عنه بسوء، بل كان التقدير والاحترام حاضريْن حتى من قبل البرنس الذي أكد في حديث أن العجب أفضل نجم يشاهده منذ أن عرف الكرة، مؤكداً أن الملك يُعد اللقب المناسب لفيصل.
الأغرب في مسيرة النجمين أن البرنس لم يحقق ألقاباً شخصية، واشتهر بحصد الألقاب الجماعية، إذ يُعد أكثر لاعب يُتوج بدرع الدوري، بينما تفوق العجب في الأرقام القياسية الشخصية، نال جائزة هداف الممتاز، وهو أكثر لاعب في تأريخ الممتاز إحرازاً للأهداف، وتخطى حاجز المائة وستة عشر هدفاً مع كليتشي أوسونوا.
المؤكد أن النجمين يُعدان آخر درر جيل الزمن الجميل، وسيمنح العجب النسخة الحادية والعشرين الكثير من الزخم، سينال أبناء دار جعل المزيد من الاهتمام لظهور الملك معهم.
عشاق النجمين سيطالبون بعودتهما وتسجيلهما في كشوفات المريخ والهلال حتى ولو لساعة واحدة حتى يتمكنا مستقبلاً من الانخراط في العمل بالنادي في مجالس الإدارات أو التدريب، بحسب اختيارهما، فالعجب والبرنس أسطورتان من الزمن الجميل وآخر أيقونتين في ثوب الكرة السودانية المليئ بالثقوب.
النسخة الحادية والعشرون التي ستكون مختلفة لاشك، لأنها ربما تكون المشهد الأخير في مسيرة النجم رائع الملامح فيصل العجب، والجميع يتمنى له موسماً بقدر عطائه الوافر ومجهوده الخارق وإبداعه الذي تخطى حد الدهشة، وكان علامة فارقة في التأريخ الرياضي ومسيرة كرة القدم السودانية، والملاعب شاهدة على لمحات ساحرة وغارقة في بحر عطائه الباذخ الجمال. وهي ذات الأمنيات للنجم والقائد الملهم هيثم مصطفى الذي ترجل عن صهوة جواده واعتزل كرة القدم على الأرجح، وربما يغادر للدراسة في بلاد العم سام ليستمر في مجال جديد يكون شاهداً على مسيرته التي فاقت حدود التميز.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..