النبتة السودانية الضالة… متى تُوأد؟

ها هي الحكومة السودانية اليوم وبعد ما يقارب الربع قرن من تبني نهجاً إسلاميا متشدداً قائما على القهر قد أطَلَّت عارية، وأسفرت عن وجهها القبيح بالهجوم علي احزاب التحالف وقادته بسبب التوقيع علي ميثاق الفجر الجديد.

بقلم: حسن الطيب

قبل عشر سنوات من أواخر القرن الماضي ظهرت نبتة ضالة خبيثة في السودان، ورفعت شعار الحكم الإسلامي، ونَمَت شيئا فشيئا تحت غطاء الدين.

ومنذ ذاك الحين لا يمر يوم إلا وهو يحمل معه صلابة في عودها المعوج، فأعمدة صحفية، وبرامج فضائية ومواقع شبكية، وصالونات ثقافية، تروج لها بتركيز شديد ومكر، متدرجة من التلميح إلى التصريح، ومن الطرح الخجول إلى الوقاحة.

وأصبح كل شيء موجه في زاوية ضيقة تصب في خدمة وتعظيم السلطة، وبالأخص في جانب الثقافة والإعلام، لتخلق لنفسها أي السلطة هيكلاً مقدساً يقدمه الدائرون في فلكها، الذين يدركون ماذا تريد منهم السلطة، وماذا يكسبون بعد ذلك، كل تلك الأمور تجري بكامل وعيهم وإدراكهم.

وبالمقابل هناك جانب الرفض المقموع الذي يتخذ أشكالاً مختلفة للرفض، والبعض من هذا الرفض يرتقي إلى مستوى الكتابة، بمضمون مختلف، وبمحتوى مغاير، ليحقق الكاتب ما يبحث عنه، لتشكيل ملامح أفكاره وإثبات الهوية التي يريد لها الحضور رغم كل الحواجز المجحفة والمخاطر التي قد تحيق به وبغيره.

وها هي اليوم بعد ما يقارب الربع قرن من تبنى نهجاً إسلاميا متشدداً قائما على القهر قد أطَلَّت عارية، وأسفرت عن وجهها القبيح بالهجوم على احزاب التحالف وقادته بسبب التوقيع علي ميثاق الفجر الجديد الذي وصفتة بـ”الفجر الكاذب” ووعدتهم بالسجن وفتح ابواب الجحيم للساعين للتغيير.

وفي المقابل، رفضت أحزاب المعارضة تهديداتها معتبرة إياها مقدمة لتجاوزات مرتقبة اتجاه رموزها، واعتبرت اتفاق “الفجر الجديد” مجرد مسودة للحوار.

ولكن بدلاً من التعهد باجراء الحوار شن رئيس البرلمان هجوماً عنيفاً على أحزاب المعارضة الموقعة على وثيقة «الفجر الجديد» واتهمها بالخيانة والعمالة والارتزاق لدول الغرب، وقال إن ذات الأحزاب أصبح لا أمل لها وبات قادتها يراهنون على الكرت الأجنبي.

وألمح أحمد إبراهيم الطاهر رئيس البرلمان في هجومه على المعارضة للحزب الشيوعي السوداني، وقال خلال مخاطبته اللقاء الشبابي الذي نظمه الاتحاد الوطني للشباب السوداني بالبرلمان أمس إن الحزب الشيوعي كان يربط كل آماله في السابق بالاتحاد السوفيتي، والآن يرتمي في أحضان الغرب الإمبريالي مشيراً إلى أنه أصبح يمثل الأصبع القذر في الخيانة الوطنية.

وانتقد الطاهر دول الغرب وقال إنها انقلبت على مفهوم الديمقراطية والحرية، موضحاً أنها انهارت فكرياً وعقائدياً قبل أن تنهار اقتصادياً لافتاً النظر إلى أن أميركا أصبح برنامجها الوحيد تلافي الهاوية الاقتصادية التي وقعت فيها، وقال إن الذين يعتمدون عليها يستندون على الهاوية، وقطع الطاهر بأن مخطط الغرب لاستهداف السودان ما زال مستمراً ولن ينتهي إلا بانكسار إرادة الغرب، معلناً بأن المرحلة القادمة هي للشباب وقال إن الانتخابات المقبلة هي للقوي الأمين مؤكداً قبولهم لنتيجتها مهما كانت.

وطالب الطاهر الشباب بأن يكونوا قوة مؤثرة داخل أحزابهم ودعاهم للتوحد لحماية الوطن بعيداً عن التحزب، وأردف أن كل من يريد أن يفرض إرادته على الشعب بالبندقية مصيره الفشل منبهاً إلى أن أحزاب المعارضة رفضت المشاركة في الحكومة والمساهمة في إعداد الدستور القادم.

واخيراً، في هذه المرحلة الخطرة ربما يكون قد فات الأوان علي اجراء اي حوار لتغيير بنية النظام السياسي وفق حاجات الواقع لا وفق الخيالات الثورية.

ميدل ايست أونلاين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..