أخبار السودان

دعوة القاهرة لحمدوك.. ما وراء الحدث؟

ربما كانت مصر من الدول العربية القليلة التي تحرص على إبانة موقفها السياسي تجاه الدول الخارجية، بما فيها العربية حتى عبر البروتكولات الدبلوماسية التي تعدها لزائريها، رغم أنها قد تستقبلهم بالأحضان، فعند زيارة الرئيس المعزول البشير إلى مصر قبل سنوات، حرص الجانب المصري على أن يضع العلم المصري خلف الرئيس حسني بينما غيب علم السودان من البشير، كذلك تعمد أن يضع خريطتين تظهران بوضوح مصرية حلايب، في إشارة واضحة الى أن هذه القضية لا مجال فيها للتفاوض أو المجاملة حتى في البروتكولات الدبلوماسية .
وهو أمر أثار استنكار العديد من السودانيين، وعبروا عن عدم رضائهم في المنتديات عبر الشبكة العنكبوتية للمعلومات، وقد أشار الإعلامي المصري عمر دياب لهذا الموقف بوضوح في حديث في إحدى القنوات التلفزيونية، لكنه اعتبره خطوة ذكية من الجانب المصري .
ومن الواضح أن تمسك مصر باحتلالها منطقة حلايب كان موقفاً أكثر صلابةً من موقف مسؤولي النظام البائد، وهو موقف لا يخضع للتغييرات الرئاسية في النظام المصري، فهو مستمر منذ عهد الرئيس حسني مبارك وحتى في عهد السيسي، بذات التكتيكات والمناورات الدبلوماسية والرسالة الإعلامية المتناغمة حتى من الدوائر الاعلامية الخاصة .

حمدوك للقاهرة
لكن مع ذلك ربما تغير مصر تلك التكتيكات تجاه الزيارة المتوقعة لرئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك للقاهرة، فقد جاء في الأنباء أن السفير المصري بالخرطوم حسام عيسى، كشف عن دعوة من رئيس الوزراء المصري لدولة رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك لزيارة القاهرة.
والتقى وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف بمكتبه الخميس الماضي بالسفير حسام عيسى، وأكد خالد أن المرحلة الجديدة التي يمر بها السودان واتجاهه نحو تحقيق التحول الديمقراطي ستنعكس إيجاباً على العلاقات الثنائية بين البلدين والدفع بها لآفاق أرحب لتصب في مصلحة شعبي البلدين.

ومن جانبه أشار السفير إلى ضرورة تعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين في مجالات الصحة والمشروعات الزراعية والربط الكهربائي بين البلدين، ومتابعة ما تم تحقيقه من مشروعات إستراتيجية، إضافة لتبادل الخبرات والمنح التعليمية من الجامعات المصرية للطلاب السودانيين.

ما وراء الزيارة
بالطبع فإن الزيارة ربما تتناول كل هذه الأجندة الإيجابية التي ذكرها السفير المصري، لكن بعض المراقبين يرون أن الزيارة لا تنفصل عن التطورات في العلاقة بين الخرطوم وتل أبيب التي باتت أمراً واقعاً، رغم معارضة بعض مكونات الحاضنة السياسية الحرية والتغيير لخطوات التطبيع المتتالية مع إسرائيل التي قام بها رئيس مجلس السيادة مع إسرائيل بعدما ابتدرها بزيارة سرية مفاجئة إلى العاصمة تل أبيب في سبتمبر من العام الماضي التي أعقبتها زيارات لمسؤولين إسرائيليين للخرطوم حيث أجروا مباحثات مع البرهان، الا أنه رغم معارضة بعض التيارات السياسية البارزة كحزب الأمة والشيوعي والمؤتمر الشعبي ومكونات تحمل آيديولوجية القومية العربية بالإضافة إلى حزب التحرير الإسلامي، فإن تيارات أخرى أيدتها شملت حزب المؤتمر السوداني والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء السلام أو التي لم تدخل المفاوضات مثل حركة عبد الواحد نور الذي يحتفظ بعلاقة متينة وقديمة مع إسرائيل، علاوة على تأييد من بعض القطاعات الاجتماعية التي عبرت عن تأييدها الخطوة بحجة تحقيق المصالح القومية السودانية بعيداً عن العواطف .

وكانت الحكومة قد أعلنت أن المجلس التشريعي المنتظر قيامه قريباً سيسند له أمر النظر في التطبيع مع إسرائيل، الا أنه كانت هناك عقبات تعترض إجازة هذه الخطوة بالنظر إلى أغلبية الحرية والتغيير الرافضة لقرار التطبيع داخل البرلمان، غير أن التغييرات الهيكلية التي تمت في داخل الحرية والتغيير وخروج كيانات معارضة للاتفاق محسوبة على اليسار وصعود حزب الأمة المعارض للاتفاقية إلى سدة الحكم بالتمثيل الوزاري ربما يجعل حزب الأمة على الأقل في موقف المتحفظ عند التصويت، فضلاً عن محاولات الاستقطاب الجارية التي ستفضي لدخول عناصر أهلية مستقلة سياسية مؤيدة للتطبيع .

دور حمدوك في التطبيع
ربما تطلب القاهرة من حمدوك أن يقف موقفاً مسانداً هو وحكومته للتطبيع مع إسرائيل، حيث أن هذا الموقف الواضح من شأنه ألا يجعل الملف محصوراً فقط في جانب المكون العسكري وبعض مسانديه في مجلس السيادة، حتى تكتسب الموافقة هوية الحكومة المتكاملة، كما أنه سيعمل على تسريع الدعم الخارجي للسودان في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد، وربما تطلب القاهرة من حمدوك أن يعمل على إقناع بعض المكونات الرافضة بتخفيف حدة خطابها ضد التطبيع من أجل تحقيق المصالح القومية للبلاد وتخفيف حدة الاحتقان الذي ينتظم البلاد .

لكن يبدو أن اعتقالات رموز النظام البائد ومناصريه وبعض الكيانات الدينية المتطرفة المعادية للحكومة، من شأنه أن يهيئ الملعب للبصم على ملف التطبيع داخل البرلمان، دون أن يتصاعد شيء من الدخان الخانق .
الانتباهة

‫3 تعليقات

  1. لا لزيارة العمبلوك حمدوك للعدو اللدود لبلادنا مصر…

    الوضيع الرعديد حمدوك سيكون غنيمة سهلة للمصاروه لتحقيق اطماعهم التي لا تخفي على احد…

    ويستمر مسلسل الانبطاح والخنوع لمصر اللصوص الكيزان والسفاح المخلوع تنازلوا لمصر عن حلايب ونتؤ وادي حلفا والقرى المجاوره لها..وحمدوك ولجنة البشير الامنيه سيقدموا المزيد من التنازلات..

    زيارة الوضيع حمدوك تعني مزيدا من التنازلات لمصر وربما سحب شكوي السودان المعلقه في مجلس الامن ضد الاحتلال المصري لحلايب..
    لا لزيارة الزرومباك حمدوك لمصر ،هذا الوضيع لا يمثل سودان الثوره، مثله مثل الخانع المستلم البرهان الذي قطع تعظيم لرئيسه السيسي والجنجويدي اللص القاتل حميدتي..

  2. المفروض ان المصريين يكونوا اكثر شعوب الدنيا فهما للعقلية السودانية لأسباب كثيرة الكل يعرفها . ومعروف عن الشعب المصرى انه اكثر الشعوب طيبة و تسامحا واكثر من ينظر الى تحقيق المكسب فى النهاية قبل الحاضر وفى سبيل تحقيقه لهذا الهدف يتحلى بالصبر ويساعده فى ذلك طبيعته التى جبل عليها. وتوجد امثلة كثيرة تطلق على الشعب المصرى تشرح وتميزه عن بقية الشعوب ومنها خفة دمه و ذكاءه اللماح و نظرته للأشياء بمنظور المكسب حاليا أو بعد حين ولا يبالى بأى وصف يوصف به نتيجة ذلك طالما فى النهاية سوف يحقق هدفه , وما مفاوضات كامب ديفيد والأتفاقية مع اسرائيل وزيارة السادات الى اسرائيل التى كسرت كل التوقعات والسياسات الأمنية والعسكرية والدينية الخ …. لدرجة اخافت اسرائيل نفسها لأنها بنت سياستها ضد العرب على انهم تتملكهم العزة والأصرار والغيرة والتعصب الدينى الخ …. وما انا بصدد الحديث عنه هو لماذا لم تتعامل مصر فى موضوع حلايب وشلاتين بنفس المعاملة التى تعاملت بها مع اسرائيل فى عهد السادات ؟ هل عدمت او عقمت مصر من ان تلد انور سادات آخر ؟ لو كنت فى موقع مسؤلية كبير , لأرتحت من هذه المشكلة بأن طلبت الحل الدولى من الأمم المتحدة وفى هذا ليس نقصانا او تهاونا او تفريطا فى سيادة مصر , بل مراعاة لحق الجوار الذى امرنا به الدين الأسلامى وهو ديانة الشعبين , والشئ المضحك والغريب ان الدولتين بالأتفاقيات الموقعة بينهم , يعتبران دولة واحدة لعدم وجود اى تفرقة بينهما . وهل ينقص من القاهرة شئ اذا ادعى او قال سودانى يسكن فيها ان القاهرة مدينتى او وطنى والعكس عندما يقول مصرى يسكن فى الخرطوم ان السودان أو الخرطوم وطنى ؟ يجب تجنبا للحرج بالنسبة للسياسيين فى الدولتين , ان يريحا اعصابهما ويرفعان الأمر للأمم المتحدة لتقول كلمتها وفى النهاية الشعبين هما شعب واحد مهما كانت الأسباب.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..