المشكلة، في الإدارة!!

المشكلة ، في الإدارة!!
@ تمر هذه الأيام الذكري الأولي لرحيل عميد الصحافة العربية الاستاذ محمد حسنين هيكل والذي رحل في 17 فبرائر 2016 بعد حياة عامرة بالتوثيق للعديد من الاحداث الهامة في المنطقة العربية و حول العالم وله تأثير واضح في السياسة المصرية وارتبط بكل زعمائها من الملك فاروق وحتي حسني مبارك حيث تولي رئاسة تحرير صحيفة الاهرام وله الدور الاكبر في شهرة الزعيم عبدالناصر . له العديد من الإصدارات التي تعتبر من المراجع الهامة في احداث المنطقة العربية ولعل اشهرها حول حرب ، أكتوبر 73 ، خريف الغضب ، المفاوضات السرية بين العرب و اسرائيل ، عند مفترق الطرق ، لمصر عبدالناصر ، العروش و الجيوش وغيرها من الاصدارات التي تصل الي 40 أكثر من كتاب تتضمن العديد من الوثائق سيما وان هيكل فتحت له مكتبة الكونجرس في كل الأوقات .
@ لعل من أشهر و أمتع ماكتبه هيكل، كانت سلسلة مقالات حول شخصيات عالمية التقاها و نشر حصيلة تلك اللقاءات في صحيفة اخبار اليوم الاسبوعي المصرية قبل ان يصدرها في كتاب عام 1985 بعنوان زيارة جديدة للتاريخ اختار ، 7 من الشخصيات العالمية تركوا بصمات في السياسة الدولية وكان لهم تأثير في تلك الحقبة وهم خوان كارلوس ملك اسبانيا و الرئيس السوفيتي ، رجل المخابرات سيرجي اندروبوف وعالم النسبية البرت اينشتاين و شاه ايران ، القائد العسكري مونتجمري و الرئيس الهندي جواهر لال نهرو. من أمتع اللقاءات التي اجراها هيكل كانت مع رجل المال و الاعمال البليونير ديفيد روكفللر الذي يمتلك اكبر الشركات في امريكا و علي رأسها بنك شيز منهاتن الذي يعتبر البنك الاول في نيويورك بالاضافة الي بنك انترناشيونال غير العديد من الشركات عابرة القارات .
@ كان هيكل مندهشا لشخصية روكفللر ،علاوة علي أنه من انجح رجال المال و الاعمال في العالم إلا أنه سياسي لا يشق له غبار قبل أن يلتقيه بدقائق كان هيكل يجول ببصره في مكتب اغني اغنياء العالم في ذلك الوقت فكان عبارة عن متحف تزينت جدرانه بلوحات عالمية يتم تغييرها كل عام حيث يتم التنوع في عرض اللوحات لأشهر الرسامين الايطاليين و الاسبانيين و الفرنسيين علاوة علي بعض المنحوتات بينما لم يجد في تربيزة مكتبه أي مظهر من مظاهر تشير الي أن صاحب المكتب له علاقة بالمكاتبات و الدراسات و الاوراق فكانت تربيزة نظيفة من أي ورق ومن ضمن الاسئلة التي وجهها له هيكل ، كيف تكون تربيزة رجل اعمال يمتلك نصف نيويورك خالية تماما من أي مكاتبات او بريد او ملفات . كان رد روكفيللر في غاية البساطة بأنه فصل ملكيته لأعماله عن إدارتها التي تقوم بها شركات متخصصة في كل يوم تمده بتقرير يحتوي فقط 3 ارقام حول الدخل والمنصرف ، الارباح او الخسائر وهذا وحده يكفي.
@ من أبرز مظاهر ازدهار ونمو الاقتصاد الامريكي ونجاح الشركات والمؤسسات هنالك ما عبر عن الملياردير روكفيللر حول فصل الملكية عن الادارة باستخدام بيوت خبرة في الادارة تدير العمل دون تدخل من المالك ولعل هذا ما نفتقده في السودان و هنالك العديد من الامثلة التي تكشف مأساة الادارة في السودان والتي يتولاها من لا علاقة لهم بها وهنالك غالبية من المؤسسات الصناعية و التجارية و الخدمية انهارت في فترات وجيزة بسبب تدخل المالك في الادارة واتخاذه من القرارات التي لا علاقة لها بالإدارة لتصبح النتيجة فشل المؤسسة ودخولها في ديون وإفلاس . هذا الحال ينطبق ايضا علي المؤسسات الحكومية مركزية او ولائية وزراء او مستشارين كل خبراتهم انهم جاءوا بالتمكين او (مُتَيّسِين) والنتيجة فوضي ادارية وانتشار الفساد المالي و الاداري واوضح مثال في إدارة المستشفيات التي لا تتطلب تفرغ الاطباء و القيام بأعمال ليست من اختصاصهم و علي حساب مهنة الطب إذا وجد الاداري المتخصص .وتظل المشكلة في أن الخباز في السودان لا يكتف بنصف العيش .
@ يا مكاوي ..شوارع الزلط كلها غلط !!

حسن وراق حسن
[email][email protected][/email]