مقالات وآراء

تعويم الجنيه، و عجبني للبرغوت.. 

خليل محمد سليمان

يُقال جاء رجل الي الحاج بيلو الذي يعمل في حرفة فتل الحبال في سوق القرية ليخبره بأن “قطيته” إلتهمتها النيران فاصبحت رماد.
فضحك الحاج بيلو مقهقهاً، و اسند ظهره شامتاً بقولة شهيرة ” عجبني للبرقوت”
لطالما ظل البرقوت يؤرق الحاج بيلو، و ينقِص عليه متعة النوم بالتقريص، و مص دمه فهانت عليه “قطيته” و ممتلكاته لطالما حس بالنصر علي عدو تصعب هزيمته إلا بمثل هذا الثمن الغالي.
نعم تعويم الجنيه ربما تصاحبه ازمات، و هزة إقتصادية عنيفة علي التي نعيشها، و لكن نضمن انه لا احد من مافيات رأسمال النبت الشيطاني سرطان الدولة السودانية الذي ظل يوظف إمكانيات الدولة لصالحه حتي اصبحت البلاد عبارة عن إقطاعيات، ان يوظف قوت الشعب، و مدخراته لصالحه، و تُعتبر خطوة اولى لمحاربة الفساد، و المافيات التي تضارب في كل شيئ.
في اغرب حالة إقتصادية في التاريخ تمنح الدولة مال شعبها للتجار الطفيلين ليتاجروا به بإسم المواد الضرورية، و يتم تحديد اسعار جمركية حسب مزاجهم و يضعوا الاسعار التي تناسب جشعهم، و غرورهم.
التعويم خطوة في الإتجاه الصحيح تتطلب قبضة امنية حديدية علي الامن، و عدم الخوف، و التردد، و الإستسلام للضعف، و جشع الذين تربوا علي مص دماء الغلابة.
تحرير الصرف لا يعني رفع يد الحكومة عن دعم المواطن بشكل مباشر في معاشه، و سكنه، و علاجه.
امريكا اول دولة في العالم حررت عملتها في سبعينيات القرن الماضي دون قيود لتصبح قيمتها حسب العرض، و الطلب، و هي اكبر دولة في العالم بها مظلة تأمين إجتماعي، توفر الدعم للعطالى، و الفئات الضعيفة في المجتمع ذات الدخل المحدود، و تدعم الام العزباء، و الاطفال، و المعاقين، بصورة لا علاقة لها بسياسة السوق، و ضوابط المؤسسات الدولية، و البنك الدولي الذي اصبح فوبيا، و بعبع للتخويف، و إستغلال حالة عدم الوعي الكافية، و الشفافية.
تحرير سعر الصرف يلزم الحكومة بتوفير فرص عمل للمواطنين، و لا يتأتى ذلك إلا بالإتجاه نحو التنمية الشاملة، و الإنفتاح علي العالم، و تشجيع المستثمر الاجنبي، و يجب ان تكون كل موارد البلاد تحت يد ولاية الحكومة، و مواعينها بشكل كامل، و واضح، و صريح.
المؤسف هناك منقصات قد تجلب كوارث ليكون الحال في ذات المحطة لأن الجانب الامني، و الإستقرار السياسي من اهم عوامل رفع كفاءة الإقتصاد، و تشجيع رأس المال الاجنبي للدخول الي البلاد.
للأسف حتي الآن لم تتم مخاطبة جذور المعضلة الامنية المرتبطة بالترتيبات الامنية الخاصة بدمج و تسريح المليشيات، و تأسيس جيش وطني، و قوى امنية ذات طابع قومي عقيدتها حماية امن البلاد، و الحفاظ علي مقدرات الشعب.
الآن اصبحت القوة، و السلاح مرتبطة بالسياسة ليصبح السودان لبنان الالفية الثالثة حيث الساسة في القاعات، و الوزارات بالزي المدني، و لديهم قوات تحمل السلاح تأتمر بأمرهم بعيداً عن المنظومة الامنية، و العسكرية.
الخلل في الترتيبات الامنية، و العجلة في إختطاف نصر زائف، و منقوص سيكون عقبة كبيرة في مسيرة البلاد نحو التغيير، و تجاوز الماضي التعيس.
كان من الاولى ان يتراضى الجميع بوضع حلول محترمة في جانب الترتيبات الامنية من دمج، و تسريح، و لكن اعتقد لم تتوفر الإرادة الكافية بعد، و تغيب الثقة المطلوبة، و الكل يده علي الزناد برغم مظاهر السلام، و حالة الخوف بائنة في الشارع بكل اطيافه.
إصلاح الإقتصاد، و الخلل في هيكل الدولة يتطلب إجراءات شاملة تسير بالتوازي، و عدمه يجعل الحلول المعزولة عرجاء، و كسيحة تكون عبء إضافي علي اعباء حد الإنهيار، و الفشل.
من يرى اننا سنعبر بالإنشاء، و الطبطبة يبقى واهم، فالعبور الحقيقي لابد له من تضحيات، و هذا لعمري لا يمكن لحكومة ضعيفة، و مهزوزة ان تواكبه بالقول، و العمل.
نحتاج الي تناغم، و إنسجام حقيقي بين كل مؤسسات الدولة بعيداً عن المجاملات، و التضليل السياسي ليكون العبور ممكناً.

‫3 تعليقات

  1. يؤسفني أن أقول لك بأن هذا “التعويم” لن يحقق أهم أهدافه الداخلية -باعتبار أن هنالك أهداف أخرى ترتبط بالتجارة الخارجية وإعفاء الديون وجلب القروض والاستثمار – فأهم الأهداف “الداخلية” هي إنهاء تجارة السوق الأسود في الدولار وجلب مدخرات وتحويلات المغتربين والمهاجرين، وهي الأهداف الحقيقية والتي هي في يد الدولة السودانية. هذا التعويم ارتبط بسعر تأشيري – بدأ بـ 375 – له مساحة حركة في حدود 5% صعودا وهبوطا، يعني هو في النهاية سعر محدد سلفاـ فلو تخيلنا أن سعر الدولار في البنوك والصرافات الرسمية اليوم هو 380 جنيها لكن سعره في السوق الأسود هو 385 جنيها، هذا كافي ليحافظ على تجارة السوق الأسود حية ومنتعشة وكافي أيضا ليدفع المغتربين ليبحثوا عن قنوات توفر لهم أسعار أفضل – فارق ال 5 جنيه أعلاه – .
    هذه جهجهة للجنيه وليس تعويما له، التعويم يجب أن يترك السعر حرا وخاضعا فقط لآليات العرض والطلب ورغم هذا للدولة أدوات عديدة للتحكم في العرض والطلب – التحكم في سعر الصرف بصورة غير مباشرة- منها مثلا زيادة إحتياطي العملات الصعبة وضخ عملات صعبة باستمرار في السوق، وهذا ما تفعله كثير من الدول لتدعم عملتها الوطنية.
    يجب أن يكون التعويم حرا بلا أي دغمسة (مثل سعر تأشيري أو تشجيعي أو جمركي) لنضمن القضاء على السوق الأسود ونجلب تحويلات السودانيين بالخارج عبر القنوات الرسمية

  2. اعتقد من الأهمية وأصحاب هذا القرار بإعادة طباعة العملة بتغييرات امنه وعلية سيعود كل المبالغ المخزنة لابنوك وعندها لا يتم السحب الا بي حدود معينة يوميا وليكن عشرة الآلاف يوميا وبهذا تشل نشاط السوق الموازي
    اما في قضية المغتربين فبدون حوافز لا تتوقعوا اي استجابة

  3. الدولة السودانية،،دولة الاسرة الممتدة،،تختلف عن الدول الراسمالية الغربية،حيث،كلو زول ياكل نارو،،،كل زول حر في تصرفاتو،،الدولة السودانية ،،دولة قيم جماعية،،تتدخل حتى في طريقة لبس الانسان وتصرفاته،،والانسان السوداني محكوم بنظرة المجتمع وتصوراته لدور الرجل أو المرأة، ،الناس لو طلعت من الصندوق، ،وبقت تفكر وفقا للخصوصية الاجتماعية ،،بلد خلاوي ،،،،وطرق صوفية،،وحولية ومولد،،وفزع ونفير،،.حتلقي حلول افضل،، التبعية المطلقة،،والتقليد الأعمى، ،والعجز عن الابتكار،،والتجديد..هو أصل اامشكلة،،،،،المخلوع رفع سعر صرف الدولار من6الى 50جنيه،،لوقف تدهور العملة بالاتفاق مع تجار العملة ،،وبعد شهرين تضاعف سعر الدولار،،الآن سعر الدولار في السوق الأسود مختلف و سيختلف ويصل إلى 600جنيه أو أقل قليلا،،إذا اصرت الحكومة على مجاراة التجار….الموضوع ببساطة ماف دولار يكفي القطاع الحكومي والقطاع الخاص،،والناس دايرة تشتغل ،،تستورد سلع،،تسافر للعلاج للدراسة والبنك ما فيو دولار..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..