قراءة في مسار الثورة السودانية وسؤال البديل (٢)

“هنالك عدة تعريفات ومفاهيم للثورة الشعبية؛ ولكنني أختزلها بالتالي، وهو أن الثورة الشعبية تعني التغيير الكيفي والكمي السريع والمفاجئ للواقع السياسي والاقتصادي وحتى الثقافي لمجتمع ما. وما يعطي الثورة الشرعية القانونية والأخلاقية والتاريخية، كونها تفرض نفسها بواسطة غالبية مجتمعها؛ نتيجة لكون مقدرات ومعطيات مجتمعها لا تنعكس على واقعه المعاش على الأرض، بعدل أو حتى معقولية، مما يحدث تبرماً ثم غضباً عاماً، يؤدي لانفجار ثورة فيه، تعيد ترتيب مقدرات ومعطيات المجتمع لواقعه المعيشي على الأرض، بقدر من العدالة والتوازن النسبي عما قبل. وبما أن الثورة هي نتاج انفجار غضب وحراك غالبية المجتمع؛ فهي تكون سريعة ومفاجئة للداخل والخارج، في تغيير واقعها من حال إلى حال، وعليه تفرض نفسها على الداخل والخارج كأمر واقع سريع ومفاجئ، يتحتم التعامل معه كما هو، لا كما يتمنى خارجه أن يكون” الكاتب عبدالرحمن الوابلي في صحيفة الوطن اونلاين بتاريخ ٣ اكتوبر ٢٠١٣م.
ان الثورة السودانية كانت وما زالت رهينة بتكامل الادوار السياسية والاجتماعية لمكونات الشعب السوداني، ففي الوقت الذي كانت فيه حركة الشارع متقدمة على فاعلية القوى السياسية الوطنية فان هذه الحركة التي عبرت عنها التنظيمات الاجتماعية والشبابية سابقاً قد عانت من انعدام خبرة التنسيق والجانب الحركي في مواجهة النظام الحاكم، كما شابها العديد من أوجه القصور في تأمين وتماسك نشاطاتها وتظاهراتها الثورية مما أدى الي نجاح النظام في قمعها والتنكيل بالشباب الثائر الفاعل والنشط فيها حتى نجح في افراغ هذه التحركات من محتواها مما ساهم في تراكم الاحباط والمزيد من الشكوك والتخوين بين مختلف الفئات والمجموعات التي نشطت وعملت في هذه الحركات الاجتماعية والشبابية ” انتفاضة سبتمبر ٢٠١٣م نموذجاً”، وان كان كل هذا لا ينفي ان نشوء ووجود هذه المكونات الاجتماعية والشبابية في حد ذاته هي ظاهرة صحية وايجابية يجب العمل على تطويرها ودعمها كتجربة وكحراك. بنفس القدر فان حراك القوى السياسية الوطنية بمعزل عن تفاعل والتفاف الجماهير حولها لن يؤدي الا الي نتيجة حتمية وحيدة هي فشل هذا الحراك مهما كانت تمتلك قوانا السياسية من خبرات وتجارب ” حراك ومسيرات الخلاص يناير ٢٠١٨م نموذجاً” وهذا يعود ليس لفشل او لضعف في قوانا السياسية بقدر ما هو بسبب انعدام تكامل الادوار المساعدة للفعل الرئيسي وهو حركة وتفاعل الجماهير وجميع مكوناتها.
اذن المطلوب هو ايجاد صيغة مرنة وفعالة لتكامل أدوار القوى السياسية الوطنية ومكونات شعبنا الاجتماعية والشبابية لانجاز وتحقيق حراك ثوري ونوعي وفعال لاسقاط النظام الحاكم كضرورة وكضربة البداية لمشروع تغيير وطني شامل باتفاق وتراضي جميع القوى والمكونات الوطنية السودانية.
ان خيارات التغيير السلمي عبر أي حلول سياسية مع النظام الحاكم اثبتت فشلها وعدم جدواها ويجب ان نبتعد عنها كلياً اذا أردنا انجاز تغيير حقيقي في نظام وبنية الدولة السودانية. لقد اثبتت تجارب شعبنا مع هذا النظام عدم جديته تجاه أي حلول سياسية للاصلاح او التغيير الناعم وان أي محاولة او خطاب يستند على آلية التغيير الناعم باستيعاب هذا النظام في أي معادلة قادمة للحكم أو دعوات للحوار والحل التفاوضي معه فانها ستكون محكومة بالفشل الذريع بسبب من طبيعة النظام نفسه ناهيك عن الرفض والقطيعة النفسية والذهنية للشعب ومكوناته تجاه النظام الحاكم فالثورة وضرورات التغيير الان اصبحت مطلب وموقف شعبي وجماهيري وغريزة بقاء للوطن اكثر من كونه خطاب ونتاج لصراع سياسي حول السلطة والثروة.
اذن ما هي مطلوبات التغيير التي يجب العمل عليها لتحقيق اهدافنا في تكامل أدوار مكونات الشعب السياسية من ناحية والاجتماعية والشبابية من ناحية أخرى؟
ان المدخل الصحيح لانجاز مطلوبات التغيير والثورة السودانية هو التحديد الواضح والدقيق بما لا يدع مجالاً للالتباس بأن الهدف الأساسي هو اسقاط النظام وتغييره بشكل جذري وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية بما يحقق مصالح وتطلعات شعبنا في الحرية والعدالة والمساواة والرفاه الاجتماعي والرخاء الاقتصادي، وبما يضع الحلول الناجعة والعاجلة لكل الاشكالات الخدمية والمطلبية التي تعاني منها جماهير شعبنا في كافة أصقاع السودان. ومن أجل تحقيق هذا الهدف لا بد أن نعي بأن هذا الهدف يتطلب وجود قوى ديمقراطية على درجة عالية من التنظيم والقوة بما يمكنها من القيام بمهام ادارة شئوون الشعب والاصلاح التدريجي وبناء الديمقراطية.
ان الثورة لتغيير النظام أمر ضروري في الدول الاستبدادية الرافضة للاصلاح، وتغيير النظام هو شرط ضروري ولكنه غير كاف، فالثورات الشعبية لا تقود الي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة والاصلاح الاقتصادي بفعل واحد هو تغيير نظام الحكم بل من خلال عملية اصلاح وبناء طويلة المدى تعقب عملية اسقاط النظام وهذه العملية تبدأ بالالتفاف حول قوانا السياسية ودعم جهودها ومشاريعها في تثوير واستنهاض قدرات شعبنا في التغيير عبر تكوين جبهة واسعة تضم كافة مكونات الشعب الاجتماعية والخدمية والمطلبية والشبابية والمهنية وتحالفها مع قوى المعارضة السودانية في برنامج وميثاق وطني لاسقاط النظام وبناء البديل الوطني الذي يتوافق عليه الجميع بما يمهد لتحقيق مصالح وتطلعات شعبنا في حياة حرة وكريمة.
يتبع
سيأتي يوم يقوم فيه مجموعات صغيرة من الشعب بإغتيال الكيزان أفراداً و جماعات في المدن و القري و حينها لن يجد أفراد جهاز الأمن وقتاً لمنع الثوار فإن نار الإنتقام ستنتشر سريعاً
الدم بالدم يا كلاب الأمن
سيأتي يوم يقوم فيه مجموعات صغيرة من الشعب بإغتيال الكيزان أفراداً و جماعات في المدن و القري و حينها لن يجد أفراد جهاز الأمن وقتاً لمنع الثوار فإن نار الإنتقام ستنتشر سريعاً
الدم بالدم يا كلاب الأمن