أبناء الإسلاميين والهروب إلى الأمام

الأيام الماضية وحتى اليوم انشغَلَت الصحف بالحديث عن ابتعاد أبناء الإسلاميين عن طريق آبائهم والكفر بما آمنوا به. فقبل مدةٍ كتبت الصحف عن دراسة توصَّلت إلى انتشار الإلحاد بين أبناء الإسلاميين بالتحديد دون غيرهم، والسبب أن آباءهم حطَّموا أمامهم القدوة وشوَّهوا لهم صورة الإسلام قبل تعرفهم عليه جيداً. بالأمس وفي ذات الإطار تحدثَت الصحف عن ورقة أخرى قدمها أحدهم توصَّلت إلى زهد أبناء الإسلاميين عن الانضمام للحركة الاسلامية، والسبب يعود لـ(عمايل) آبائهم، وقد ذكرَت الورقة منها التكالب على المواقع القيادية بوسائل هابطة، وغياب الأهداف العليا وضعف الشعور بالمسؤولية الدينية وازدواجية الولاء وضعف حجج الحركة على المستوى الفكري والثقافي والسياسي وضعف الوازع الأخلاقي والحرص الرخيص على استرضاء الناس.

وحقيقةً ليس هنالك ما يدعوا أبناء الإسلاميين إلى اتباع أيدولوجية آبائهم، فهذا المستوى الذي تكشفه الأوراق لن يتقبله شبابٌ تربَّوا في عصر الانفتاح والعالم كله يشكِّل حضوراً بين أيديهم مهما كانت ديانتهم، كما أن الورقة لم تذكر شيئاً مهماً جداً وهو أن ابتعاد أبناء الإسلاميين عن آبائهم وصل لدرجة أنهم بدأوا يهربون منهم أمام المجتمع ويغيِّرون أسماءهم حتى لا يتَعرف عليهم الناس و(يكُشو) منهم. حدَّثني أحد الإسلاميين أنه كان يصرُّ على توصيل ابنه البرلوم إلى الجامعة رغم رفض الابن، وعندما انصاع له اشترط عليه أن ينزله على مسافة بعيدة ليكمل باقي المشوار مشياً على الأقدام لمدة عشر دقائق حتى لا يعرف زملاؤه من هو والده، ولاحقاً علم أن ابنه يكتب اسمه مقروناً باسم جده الذي لم يشتهر به والده، وحين سأله لماذا؟ أجابه: (اسمك يا أبوي بحرجني مع زملائي) وحين وصل الصف الثاني وتوسَّعت علاقاته ذهب للعيش مع خاله ذي التوجه اليساري في حيٍّ شعبيٍّ ولم يكتشف أحد أنه ابن أحد الإسلاميين إلا بعد التخرج، ولكن حينها امتلك قدراً من الشجاعة جعله يعلن يساريته التى اختارها إعجاباً بأستاذه في الجامعة وخاله فقد قدما له قدوةً طيبة كما اعترف والده.

حكاية أخرى أكبر وأهم لا بد من الإشارة إليها فقد علمت أن أبناء الإسلاميين يشاركون الشباب في المناشط والمبادرات الاجتماعية ولكنهم يتحرَّجون من كونهم أبناء إسلاميين أو مسؤولين في الدولة، ولكن كان زملاؤهم يقدِّرون فيهم هذا الاحساس فيتجنبون إحراجهم ويحَذِّرون بعضهم من الخوض في الحديث عن الإسلاميين أو الحركة الإسلامية وفسادها أمامهم. أبناء الإسلاميين هم جزء من هذا الشعب الذي يناضل من أجل إرساء قيم الإنسانية والكرامة التى أهدرها آباؤهم، وهم جزء من هذا العالم الذي يفرض على السودان العقوبات بسبب ما جرَّته أيادي وأفكار آبائهم، وهم جزء من الشباب السوداني الذي يحلم بالحرية والإخاء والمحبة، لا الكراهية التي تتسبب فيها أيدلوجية آبائهم، ولذلك لن يزهدوا في الانتماء إلى الحركة بل سيمضون إلى ما هو أبعد مسقبلاً من أجل الهروب إلى الأمام.

أبناء الإسلاميين لهم كامل الحق في أن يبتعدوا عن الحركة الإسلامية فهي حقيقةً قدَّمت نموذجاً لا يشرف أحداً، وهذا إن دلَّ إنما يدلُّ على إحساس هؤلاء الشباب بوطنهم وبشعبهم ومواكبتهم للعالم وهذا مؤشر جيد، ولكن ليتهم يصبحون أكثر شجاعةً وإيجابية ويساهموا في دعم التغيير جهراً فهذا سيكون له أثر أفضل.

تعليق واحد

  1. المعاملةفردية هنا، من أحسن فهو منّا، ومن أساء فهو منهم.
    لا نجمعهم جميعا مع آبائهم أخوان الشياطين، ولا نعتبرهم كلهم مثلنا ومنّا.

  2. المعاملةفردية هنا، من أحسن فهو منّا، ومن أساء فهو منهم.
    لا نجمعهم جميعا مع آبائهم أخوان الشياطين، ولا نعتبرهم كلهم مثلنا ومنّا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..