مقالات سياسية

إيران وإسرائيل: حين يُسوِّق الفاشلون للحرب

حسن عبد الرضي الشيخ

في مشهد عبثي جديد من مشاهد السياسة الدولية، تقف إيران وإسرائيل على طرفي نقيض في الظاهر، بينما تتقاطع مصالحهما في العمق؛ فكلاهما يروّج للحرب، كلٌّ بطريقته، وكلٌّ بأكاذيبه وأوهامه. إنهما وجهان لعملة واحدة: عملة الخداع والتضليل والتلاعب بعقول الشعوب. والحقيقة أن كليهما غارق في مأزق وجودي لا مهرب منه إلا بإشعال الحروب لا بإطفائها.

أصبح من المسلَّم به أن إيران دولة تتدثّر بالدين لتخدع العالم، وتتاجر بشعارات المقاومة لتغطي على فسادها وقمعها. لعقود، روّجت لنفسها كـ”قلعة الإسلام” و”نصيرة المستضعفين”، لكنها لم تكن سوى نظام طائفي دموي، صدَّر الموت والخراب إلى العراق وسوريا ولبنان واليمن، وامتدت أذرعه حتى السودان، فموّل الميليشيات بدل أن يبني وطنًا. أما برنامجها النووي، الذي طالما لوّحت به كورقة ضغط، فقد تهاوى اليوم إلى مجرّد فزاعة سياسية، تبحث طهران الآن عمّن يحمل رسائلها سرًا إلى واشنطن وتل أبيب، بعدما تلاشى وهم القوة.

أما في الداخل، فقد ضاق الشعب الإيراني ذرعًا بنظام سرق ثورته، وصادر حريته، وأغرقه في الفقر والعزلة. انتفاضات الطلبة، وصيحات النساء، وإضرابات العمال… كلها دلائل على نظام بات منبوذًا حتى من شعبه، بعد أن فشل في بناء دولة تحترم الإنسان وتراهن على السلام لا القمع.

أما إسرائيل، فهي الأخرى لم تعد قادرة على إقناع العالم بأكذوبة “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”. لقد انهارت هذه الدعاية تحت ركام غزة، وتلطّخت بالدماء على أسفلت المستشفيات والمدارس. ما كانت تروّج له كـ”ردع مشروع”، انكشف اليوم كعدوان همجي. جيشها الذي طالما تباهت به، غارق في حرب طويلة، بلا نصر ولا أفق. تبحث عن مخرج، لكنها رهينة عقلية استعمارية لم تدرك بعد أن الاحتلال لا يصنع أمنًا، بل يُنتج أحقادًا لا تنتهي.

نتنياهو، الهارب من شبح المحاسبة، لا يريد إنهاء الحرب لأنه يعلم أن نهايتها تعني نهايته. يقاتل لا من أجل أمن إسرائيل، بل من أجل أمنه الشخصي، خشية محاكم تنتظره. لذلك يرفض وقف إطلاق النار، ويدفع نحو التصعيد، ليبقى على كرسيه ولو على جماجم الأطفال.

وفي هذا المشهد المأساوي، يطلّ “ابن الحلمان” البرهان كحليف مثالي لكلا الفاشلين. رجل يختبئ خلف خطاب الوطنية، بينما يمد يده سرًا لأعداء السلام. فكما ترفض إيران وإسرائيل السلام لأنه نهاية لأنظمتهما، يرفضه البرهان لأنه يعلم أن نهاية الحرب في السودان تعني محاكمات وفضائح وسقوطًا مدويًا في ذاكرة التاريخ.

البرهان وحلفاؤه من الكيزان لا يريدون السلام، لأنه يعني سقوط سلطانهم وزوال امتيازاتهم. السلام يعني فتح ملفات دارفور، ومجازر اعتصام القيادة العامة، وخيانة السيادة الوطنية لصالح محاور الخارج. لذا، يراهنون على استمرار الحرب، لا لحماية الوطن، بل لحماية أنفسهم.

خلاصة الأمر: لا منتصر في الحروب. هل عجز هؤلاء عن فهم أبسط دروس التاريخ؟ فالحروب لا تبني أوطانًا، بل تخلّف جراحًا لا تندمل، وتُنتج أجيالًا مكلومة. ما تفعله إيران وإسرائيل والبرهان ليس سوى بيع للوهم… وهم النصر الكاذب. وفي النهاية، الجميع خاسر: الشعوب وحدها تدفع الثمن، بينما الطغاة يفرّون مؤقتًا من الحساب.

ويبقى السؤال: هل استوعب “دعاة الحرب” الدرس؟ أم ما زالوا يصرّون على المزيد من الدماء؟
الأيام وحدها كفيلة بالإجابة… لكن المؤكَّد أن صوت الشعوب، دائمًا، أقوى من صوت الحرب.

[email protected]

تعليق واحد

  1. اتمني ان تستمر الحرب حتي تتلاشي ايران وإسرائيل من الوجود وتمتد الحرب الي الامارات وقطر وتركيا ومصر وحتي امريكا نفسها وان تقوم الحرب العالمية الثالثة وتقضي علي كل هذه الدول الشريرة التي أصبحت تتلاعب وتتدخل في تحديد مصير الامم والشعوب بتغذية النزاعات والحروب وامدادات السلاح من أجل مصالحها فراينا بأم أعيننا معاناة الشعوب في سوريا وليبيا والسودان واليمن والعراق ولبنان وعموم افريقيا ،،اتركوا العواطف السازجة وادعوا ربنا ان تهلك هذه الدول وان يهلك معهم الكيزان والجنجويد وحركات دارفور المسلحة الي الجحيم ان شاءالله وترجع الي عصور ما قبل التاريخ لأنها المتسببة في معاناة الآخرين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..