قروووش مغترب……(( 2))

قروووش… مغترب…….(( 2))

منتصر نابلسى
[email][email protected][/email]

لو اتفقنا بأن الامنيات الحياتية ، التى نود ان نحققها ،او على الاقل نحقق الحد الادنى منها ، تحاصرنا من كل جانب، فيدفعنا الحصار المحكم الى محاولات ايجـــــــاد علاقة ما ، ممكنة مع القروووش ،والقرش اصبح صعب المنال ، فى زمــن لا بعرف الرحمة ، فرغـم ان القرش فى منطقنا مأكول ، مستهلك خلال الية التداول المالى ، لكن قد لاينتبه البعض ان القروووش لها انيابها الفتاكة القاتلة ،اذا لم ناخذ حذرنا من طرق جنيها ، او قنوات صرفها .. ونحن فى السودان بيننا جميعا قـاسم مشترك اعظم هو زيادة العاطفة … وبالتــــاكيد ليس عيبا لو صحـــبت العاطفة الحكمة … او دعــمها العـــــقل حتى لا تقع الطوبة فى المعطوبة….
ارتباط القرووش بالاغتراب، ارتباط لا يمكن فـــكه، باى حال.. ترى من المغتربين من ضيع امواله فى الفشخرة، احيـانا اوفى صفقات غير مدروســـــــة، او مشاريع فى ايدى ربما خـــائنة فتذهب جهودهم شذر مذر … بينما نرى البعض الاخر ضيعته امــواله باهدارعمره ، او ربما كرامته ، وبين هذا وذاك هناك من يوظف مكتسباته ولو قليلة، توظيفا منطقيا وسليم فيجنى ثمرة ذلك واقع افضل.
تــــذوق عاصم طعم المعاناة، وعــرف معنى الاحتياج ،ومرارة جراحات الوطن ،بدون مال حتى خطيبته، التى احبها لم تسعفه الاقدار باكمال زواجه منها …. وبعد ان توفى والده، تــاركا له نصف دستة من البنات، فى اسرة لاماوى لها الابيوت الايجــار … طرق عاصم ابواب الرزق ، بعد ان ترك دراسته الجامعيـة حتى يتمكن من احتواء الاسرة ، وحمــــــــايتها من التفـــكك او الضباع ، فعمل بكل ما لديه من طــاقة ،يقطع نصف النهار فى بيع الصحـف وكــمسارى، ما تبقى من نهاره الى منتصف الليل …مضت السنوات ،والكدح مع الاجتهاد، لم يبارح عاصم مكانه الى الامام ولم يستسلم ولم تركن نفسه الابية الى اليـأس اعتاد تقبيل راسه امه العمياء، وهـــو خـــارج لعـــــــمله تتبعه دعواتها الطيبة ،وكلماتها التى تدغدغ وجدانه وتشرح صدره وتشحذ همته وتنسيه شقاءه … رغم حـــــصار الحال الاعجف تمتع عاصم بقلب رحيـــم ونفس طيبة ووجـــــــه بشوش كانما يعلنها ان الرضاء بالمقـــسوم والشكرعلى النعـــــمة متـــعة لا يستشعرها كل الناس.. وربما يفتــــح لك الله ابــواب من الخير والرزق ، بدعوة من والد او بلسان حال من تعول وتنفق… بدون تخطيط ، او توصية ، او حتى وساطــــــة يجد عاصم او تجده فرصة كانت تنتظره من عالم الغيب …. عـــــقد عمل فى دولة خليجية من صديق….. تمضى الايـام ويهــــاجر عاصــم للغربة تصحبه….. دعوات والدته الضريرة…
ويفتح الله لعاصم ابواب كانت جدا عصية ، ويكــــدح عاصم ويشترى بيتا متواضع لوالدته واخـــواته، وهو ينفــــق عليهن بدون تبرم او ضيق ، ويتابع تعليمهن حتى يتخــــرجن ومنهن من تزوجت ، ليظل هذا الاخ العظيم تاج على رؤوسهن ومحل فخر لاينسى .. تزوج عاصم وابتسم له الحظ … وحـــق على الاقدار ان تبتسم ، لمثل لعاصم هو اليــــوم بصحبة والدته فى رحاب مكة المكرمة الاداء فريضة الحج …

تعليق واحد

  1. يامنتصر موضوع جميل وماجعله اكثر جمالا واقعيته حقا هى وقفات جميلة جدا مع القروش والاغتراب ومشاكله من حرمان واهمال وكل ماهو نتيجةالتفريط أوالافراط او خطى الاقدار بصفة عامة ودائما ماتكون العاطفة هى سببا للخير او الضياع , استمتعنا حقا بهذه الوقفات والتاملات واستفدنا من تصورعطمةالتضحيةوالاخلاص فى الواجب المقدّس بكل حب ورضا لدرجةان غبطنا عاصم على حب والدته له ودعواتها له وحب اخواته وقخرهن به ويامنتصر إنت انسان رائع بحق ونفسك جميلة وروحك صادقةوصداقتك مكسب كبير وفق الله عاصم وحفظ له والدته واخواته ورحم والده وزاده من فضله ووفقك وحقق امانيك (وحق على الاقدار ان تبتسم لمثل عاصم) صدقت والله ولن يخيب من فاز بدعوات والدته فدعاءالوالدين لايرد , رزقناالله جميعا بر والدينا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..