باحث أميركي يتساءل: لماذا تتحارب الأمم؟

ريتشارد نيد ليبو يدرس دوافع الحرب في الماضي والمستقبل مؤكدا أن المنتصرين في الحرب العالمية الثانية نجحوا إلى حد كبير في جعل أوربا منطقة سلام.

ميدل ايست أونلاين

كتب ـ أحمد فضل شبلول

نظرية عن الحرب يجب أن تكون أيضا نظرية عن السلام

عاني القرن العشرون من حربين عالميتين مدمرتين بشكل هائل، أدت كل واحدة منهما إلى مشاريع كبرى تالية للحرب، والتي هدفت إلى الحيلولة دون وقوعها مرة أخرى. وقد نجح المنتصرون في الحرب العالمية الثانية إلى حد كبير في جعل أوروبا منطقة سلام، لكنهم لم ينجحوا في درء أكثر من خمسين حربا بين الدول، نشبت في بقية أجزاء العالم خلال العقود الستة الماضية.

ويكشف كتاب “لماذا تتحارب الأمم .. دوافع الحرب في الماضي والمستقبل” لمؤلفه ريتشارد نيد ليبو وترجمة د. إيهاب عبدالرحيم علي، أن هذه الحروب الصغيرة أدت إلى إهدار كثير من الأرواح والموارد التي كان في الإمكان توجيهها بصورة أكثر ربحية إلى التعليم والرعاية الاجتماعية والتنمية.

ويؤكد الكتاب الصادر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية (العدد 403) أن التدخل الأنجلو ـ أميركي في العراق تسبب في إزهاق ما بين 600 ألف إلى مليون نسمة، كما كلف الولايات المتحدة اكثر من ثلاثة تريليونات دولار.

ويبين أحد الجداول المنشورة بالكتاب أن هناك إجماعا بين العلماء على أن الحرب بين الدول في انخفاض، على عكس العنف داخل الدول. وأوضح الشكل عدد الحروب التي نشبت بين الدول والحروب الاستعمارية والأهلية خلال العقود التي تلت العام 1945. وأظهر أن العقود التي تلت العام 1945 كانت الأكثر سلمية في التاريخ المسجل من حيث عدد الحروب بين الدول وحجم الخسائر في الأرواح التي نجمت عنها.

ويتناول الكتاب الواقع في 360 صفحة ماهية الحرب “حيث يجب أن تبدأ أي دراسة عن الحرب بأن تخبرنا بماهيتها”، وعن أسباب الحرب.

جاء الكتاب في أربعة أجزاء يستعرض المؤلف في الجزء الأول الأدبيات المتعلقة بالحرب وأسبابها، ويقوم بنقدها، ويتضمن تفسيرات الحرب المتعلقة بالنموذج الواقعي ونموذج انتقال السلطة، والنماذج الماركسية والعقلانية، حيث أثرى كل نموذج منها فهمنا للحرب، لكن كلا منها يواجه مشكلات خطيرة.

ويعرض الجزء الثاني خلاصة موجزة لنظرية المؤلف عن العلاقات الدولية ويستمد منها ست فرضيات حول أنواع الدول التي يحتمل أن تشعل الحروب، وأنواع الدول التي يرجح أن تبادر بالهجوم.

ويقدم الكتاب نظرة عامة عن الفرضيات، ويقدم مجموعة من البيانات عن الحروب، واحتمالات الحرب في المستقبل. ودراسة العلاقة المتغيرة بين الخوف والمصلحة والحرب.

ويؤكد المؤلف أن نظرية عن الحرب يجب أن تكون أيضا نظرية عن السلام، وينبغي أن تخبرنا بشيء ما عن الظروف التي يتم فيها حل النزاعات بالطرق السلمية، أو على الأقل تمنع من التصعيد إلى حروب.

ويلفت ريتشارد نيد ليبو بأنه لا يجب أن نقوم بتأطير السلام والحرب بوصفهما ثنائيا بسيطا، ولكن كممارستين لطرفي نقيض من سلسلة متصلة.

وهو يرى أن نهجه واستنتاجاته تتحدى عناصر قوية من الحكمة والتقليدية حول الحرب واسبابها، وقدم تحليلا عن بدء الحروب من حيث الدوافع والقوة النسبية للدول، ووجد أن الأمن مسئول عن تسع عشرة حربا فقط من الحروب الأربع والتسعين التي قام بدراستها. وهو يؤكد أن قوى عظمى حرضت على كثير من هذه الحروب ضد قوى عظمى أخرى، لكن أيا منها لم يكن مرتبطا بانتقال السلطة، وهذا لا يعني أن الأمن غير مهم في الشئون الدولية، فلا بد أن يكون هو الشغل الشاغل لجميع الدول التي تعرضت للهجوم.

ويشير المؤلف إلى أن المصالح المادية تمثل دافعا ضعيفا، إذ كانت مسئولة عن ثماني حروب فقط، كما أن معظم تلك الحروب كان في القرن الثامن عشر.

يذكر أن ريتشارد نيد ليبو أميركي الجنسية، ولد في العام 1942 وهو أستاذ كرسي جيمس و. فريدمان الرئاسي في كلية دارتموث، وأستاذ الذكرى المئوية بكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، وله مؤلفات عديدة منها: نظرية ثقافية للعلاقات الدولية، والرؤية المأساوية للسياسة.

أما المترجم د. إيهاب عبدالرحيم علي فقد تخرج في كلية الطب، جامعة أسيوط بمصر، حصل على دبلوم عال في الترجمة من كلية كامبريدج بلندن، وهو مترجم معتمد وعضو لجنة اللغات الأجنبية بالجمعية الكندية للمترجمين (أونتاريو). كما أنه استاذ غير متفرغ للترجمة العلمية بالمعهد العربي العالي للترجمة بالجزائر، وعضو مؤسس في الجمعية شرق المتوسطية للمحررين الطبيين والرابطة العربية للإعلاميين العلميين.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..