تيار عثمان ميرغني وأخواتها..وانهيار سقف المودة الانقاذية !

تيار عثمان ميرغني وأخواتها .. و انهيار سقف المودة الانقاذية !

محمد عبد الله برقاوي..
[email][email protected][/email]

لا أستطيع أن اجزم انني على معرفة عميقة بشخصية المهندس والصحفي الزميل / عثمان ميرغني الحسن .. رئيس تحرير جريدة التيار الموقوفة في معتقل الحريات الانقاذي !
الا عبر كتاباته التي يختلف الناس حول مصداقيتها من عدمها ، وهذا ماهو واضح في تعليقات القراء المكملة حقيقة لدور الكتّاب ، لاسيما فيما يتصل بمصادماته المتلاحقة مع حكومة الانقاذ بين مصدق ومتشكك وساخر منها!
ورغم اختلافنا في الرؤى السياسية ، حيث يقف كل منا في زاوية بعيدة عن الآخر ، فليس بيننا ذرة من العداء الشخصي ، الذي يدفعني لمهاجمته ولا الصداقة التي تجعلني مادحا له أو مدافعا عنه ، فهو كاتب وشخصية عامة له ماله وعليه ما عليه، والتقييم متروك لمن يقرأون له ، وكل حر فيما يراه من خلال ما يكتبه الرجل ، وللتاريخ أيضا حكمه !
فقد جمعتني بعثمان أشهر قليلة من العمل في صحيفته الوليدة وقتها ابان موجة التفاؤل التي دفعتني والكثيرين للعودة الي السودان خلال تنفيذ الفترة الانتقالية لاتفاقية نيفاشا ، ومن ثم عدت كغيرى الى المهجر أجرجر اذيال الاحباط وقد كانت بداية الكوارث الجديدة من مسلسل الانقاذ الدموي الممل بانفصال الجنوب ، وعودة السودان الى نقطة الصفر والنكوص الى كل الخيبات والترديات التي ندور في فراغها الآن !
لكن ما لمسته انه رجل فيه خليط من تشكيلة أقرب الى المتناقضات منها الى التنوع.. فهو اسلامي الهوى ولكنه يبدو اجتماعيا ليس متزمتا ، و هو من صلب رجل خليفة للسيد على الميرغني ، وفي ذات الوقت شعار جريدته بيت من أشعار شاعر الشعب محجوب شريف الوطني الغيور واليساري العنيد الجسور!
( ماك هوين سهل قيادك .. سيد نفسك مين أسيادك .. )
عثمان يبتسم في وجهك مرحبا بكل افكارك ومقترحاتك فيسكب في أعماقك دفقة من الارتياح وشحنة من الثقة ، لكنه قد يتخذ قرارا على خلاف ما وعد به عندما تذهب عنه بعد دقائق وربما يصب ذلك والشيء بالشيء يذكر في بحر تركيزه الدائم للخروج بأكثر من مكسب ذاتي معنوي أو مادي في اي اتفاق مع طرف آخر بأكثر ما يحقق ذلك الطرف !
وهو ماكان مردا وليس بعض الظن أثم دائما ، لتساقط الكثير من نجوم الصحافة اللامعين الذين بدأوا معه مشوار تأسيس جريدته التيار بعيدا عن سمائه تباعا ..بدءا بالأنسة/ هويدا سر الختم التي اختفت عنه ثم رجعت ، ليخرج مباشرة من باب عودتها ذاته د/ عبد اللطيف البوني ..ثم كان قبلهما الدكتور سليمان الأمين ، وعدد من الصحفيين والصحفيات الشباب وأخيرا ذهب نائبه الأول الكاتب/ عبد الباقي الظافر !
الصحيفة على صغر سنها وكثرة عثراتها الادارية ، كانت وكما يبدو من ملامح رئيس تحريرها تعيش حالة من الفصام في علاقتها مابين السلطة وقد كانت تبدى حيالها شيئا من المودة بتحمل نقدها ،ولكن بشرط أن تلعب في نطاق سقف محدود لا يجعل كراتها عالية ترتطم بزجاج المناطق العالية المحظورة !
وبين تبنيها خطا سياسيا أقرب الى التعاطف مع المجتمع الوطني من خلال جذب بعض الخيوط الحساسة من سترة عورة النظام ، الذي ضاق ذرعا ، بحليف زادت قرصاته في ايلامها على غير المتفق عليه ، كما أعتقد .. والله أعلم ..!
وهي قرصات وان بدأت كلمسات أكثر حنية ولكنها تعمقت في اللحم الحي للسلطة ومؤسساتها الفاسدة فطالت افخاذ النظام وأطرافه التخينة .. من فضيحة هيئة الحج ثم قضية البذور الفاسدة و الأسمدة المغشوشة ، مرورا بشركة الأقطان ، هذا فضلا عن مواجهات لا تخلو من الجرأة الشخصية لعثمان مع أقطاب الحكم والحزب الحاكم ، لعل اخرها مناظرته مع كمال عبيد في برنامج الطاهر التوم ، وقد نعته عبيد خارج استديوهات النيل الأزرق بالحيوان لفرط ضيقه منه ، وهلم جراء !
وكانت جريدته اليافعة قد تعرضت لعدة مداهمات ربما لم يكن أولها ..نتيجة لمقال البروفيسور/ محمد زين العابدين الذي دخل بسببه السجن وخرج عليلا شفاه الله ، وأغلقت الصحيفة لمدة معينة بواسطة جهاز الأمن وليس بموجب حكم قضائي !
الان عثمان يعيش ذات الوضع الذي مر به حسين خوجلي ، الذي كان يعتقد أن صلة القربى الحركية ولو كانت سابقة ستكفل له مساحة من حرية الصراخ في أذن النظام بصورة لن تزعجه ، فيما المسموح به ، كان هو مجرد الهمس الناعم ليس الا، وقد دارت الدوائر حتي على انتباهة الخال الرئاسي الطيب مصطفي ، و هو ما يثبت أن المدافرة في المركب التي ثقبتها حماقات أهلها قد بدأت فعليا بمحاولات رمي الزيادات من حملها الثقيل ، حتي تمضي في هروبها الى شاطي الأمان خفيفة دون لزوم ما لا يلزم من الأثقال التي تسبب لماكينتها المتهالكة صداعا أكثر مما تعاني، كما يتصور قادتها المرعوبين كيفية النجاة وقد نسيوا العوم تماما في المياة النقية !
فالنظم الشمولية ، لا تخاف من معارضيها التقليدين بقدر خوفها ممن تحالفوا معها ولو بأضعف الايمان وكانوا محسوبين عليها في يوم من الأيام ، لانهم قد عرفوا نقاط ضعفها وربما تملكوا وثائق ضدها كنظام او كأفراد ، لسهولة تواصلهم مع مفاصل أجهزتها من قبيل المودة التي تنقلب الى انتهازية ، تلعب على حبل الريدة القديمة ، التي أحالتها المصالح الى طلاق وكراهية ، حيال النظام من جهة !
ومرجيحة التعاطف من ناحية ثانية مع الشعب مثلما يفعل المؤتمر الشعبي والصحافة الرمادية اللون اقتناصا لموطيء قدم في العهد القادم ولو بعد حين !
وهو أسلوب لعب عليه ( كيزان مصر ) الذين مهد لهم نظام مبارك كل طرق الجاهزية لاختطاف أي نظام جديد ولو من باب الديمقراطية الفطيرة مثل التي أكلها الشعب المصري نيئة ، فصارت به الى تكالب حالته المرضية الحالية ، المقسمة بين جرثومة اسهال شفيق ، و قرف تقيؤ الأخوان !
الآن وهذا شيء كنا ندركه دون أن نتلقى مزيدا من دورس عصر في فهم نفسية وعقلية النظم الشمولية ، انسدت كل مساحات تحمل بصيص الحرية الذي كان يتسلل حارقا الى صدر الحكومة وكانت تتحمله على مضض من القريبين منها اكثر من البعيدين ، فأرادت أن تلحس عهدها الضعيف بتوفير حرية التعبير ، التي باتت هاجسا ، بل وكابوسا يقض مضجعها ، فساوت في المداهمات و نية الاغلاق بين الميدان والوان والجريدة والأهرام اليوم والانتباهة والتيار..والحبل على الجرار ..!
فالحكومة لم تعد اصابعها تحتمل الا قبلات المطيباتية أمثال الهندى عز الدين وراشد عبد الرحيم .. وعلى العتباني .. وهي في زنقة مثل القطة العجوز وقد حصرت في زاوية الأزمات والحروب والضغوط الدولية التي ترفع لها عصى بلا جزرة !
و تخوض في فساد أصبح كالوحل يسّود عباءتها المهترئة أصلا، وبيانات التنصل التي باتت تترى من حلفائها بالاصالة أو بالوكالة على خلفيات الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي أغلقت مطابخ الكثير من البيوت وجعلت البطون لصيقة بالظهور المنهكة!
ولم يعد أمام الحكومة الا فرفرة المخنوق التي تتجلى في زبد نافع المتطاير مع عيون خوفه وزبانية نظامه و التي باتت ترى شجرا يتحرك من قريب !
واليوم جاء وقت المفاصلة الحقيقية لكل صاحب قلم أو رأي أو موقف، فمسك العصا من نصفها لم يعد يخدع الجماهير في زحفها القادم ، اما أبيض واما أسود !
أما المائع من النقد المحدد السيناريوهات مع المداهنة الباسمة في اصفرار فلن يرضي أيضا عنهم حكومة لا تؤمن بالحريات ولا شراكة الرأى أصلا !
ولن يذر بالتالي الرماد في عيون شعب يرى في صمته وسط العتمة ويسمع في ضوضاء لهثه الطويل وراء الحياة القاسية ،ويقرأ حتى في غمضته المتقطعة ، ويدرك وهو في قمة همه المتجدد.. من أين يأتي التيار والى اين يتجه ، وما حقيقة الوان واقلامها السائلة أوالتي تبدو وهما ناشفة ، ويفهم أيضا اين ذهبت به الغفلة عن نفاق الانتباهة . !
.وينتظر الغد الأتي متحفزا للحساب الولد ، في ساحة الحق للفصل أمام عدالتها في قضيته التي لن تموت بالتقادم هذه المرة . ولن تتكرر فينا سرقة أكتوبر ، ولا خدعة القفز على قطار ابريل بعد أن تحرك ففقدنا قياده ، وعادت بنا سكته الدائرية من محطة سبتمبر /مايو الى منزلق يونيو/ الانقاذ ..فضحكت علينا كل الشهور التي كنا ننظر الى هلالها كل هذه السنوات العجاف في عكس اتجاه طلعتها .. فهل ادركنا من أن سيظهر هلالنا هذه المرة..؟
ونحن نقولها صراحة كجماهير ملدوغة كثيرا من جحورجماعة
( عصا نايمة وعصا قايمة )
من ليس معنا فهو ضدنا !
فقد كادت أن ترفع أقلام غفران شعبنا الطيب ، ومن أشترى رضاه خالصا عليه أن يسجل اسمه قبل أن تجف صحف قوائم الثورة التي انعقدت رياحها في شارعنا بعد أن سكنت طويلا خلف حوائط الصبر لا الخوف !

تعليق واحد

  1. والخوف يا غالى تسرح طوالى ……… اخبار البنجوس ايــــــــــه ؟

    لك التحية والتجلة ايها الرائع المتألق دوماً

  2. ألف تحية لك برقاوي .. صاحب القلم الرصين والأسلوب السهل الممتنع .. هذا ما كان يدور بخلدي بخصوص عثمان ميرغني وقد جاء مقالك هذا ففصل صورته تفصيلا

  3. من ليس معنا فهو ضدنا ! هذه المقوله قالها بوش المجرم وكذلك هي سياسة الوطني انت اذاً دكتاتوري تركب سرج الديمقارطية لكي تصل الى هدفك فنحن كرهناكم يا كذابين يا منافقين قال حرية حرية تقع ليك في ….. يا افكونا لا تتحدثون باسم الشعب السوداني الذي كرهه المعارضة بقدر ما كرهه الحكومة من تمسحكم بالديمقراطية وسعيكم للديكتاتورية بهذه المقولة التي من ليس معنا فهو ضدنا ! بانوا على حقيقتكم فالايام تكشفكم تعرف لماذا لم يخرج الشارع على هذه الحكومة لانكم انتم البديل الخاسر ابعدوا عنا ستجدون غيرناهم بيدنا

  4. عثمان مرغنى يعتبروه الانقاذين خارج عن طوع ولى نعمته بمخالفة الراى المطبل للنظام هذا الوضع لاتعجب الانقاذين والرجل يملك كثير من أسرار النظام ويشكل خطرا عليها وبالتالى سوف يجعلوه كحسين خوجلى تم محاصرته وتجريده وتجويعه من كل مصادر رزقه وتجفيف كل شيىء أمامه حتى الرجل حفية قدميه وركب المواصلات مع العامة وذهبت منه اللمعة وجضوم المؤتمرجية المرطبة الان بعد أن غسلو دماغه رجع اللمعة والجضوم وأول مارجع أطاع الخال الرئاسى دعى الناس ترك الرطانة والرجوع للغة العربية و ح تشوف لو ما شلعو عثمان مرغنى وخلوه على عجل حديدة زى قرينه الخوجلى ( معنا تعيش مرطب خالفتنا تتشلع وتمشى حافى القدمين كما جئتنا أول مرة لأن المؤتمرجية حالفين لايتركو أحدا فى السودان مرطب إلا المنتمين إليهم والمنتسبين لمؤتمرهم الوثى إنظرو الى منظرهم الكبير وولى نعمتهم الترابى كيف فعلو به خالفهم فى الراى رموه السجن وتبهدل شر بهدلة ..

  5. دارت علي عثمان مرغني الدوائر و هو ليس الا ذئب يلبس ثياب الواعظينا كمرشدهم الاكبر قبح الله وجههم جميعا….

  6. الأستاذ برقاوى …تحية و كل الود……كلامك عجبنى بالحيل … و و الله العظيم أنا لست شامتا على الأستاذ عثمان بل مشفق عليه و أواسيه فى بلواه هذه و أتمنى له مخرجا كريما غير مهين و أدعو له بالمغفرة و الرحمة من صاحب المغفرة والرحمة إن كانت عليه ذنوب … وأن يجزيه خيرا إن كان مستحقا …. فللرجل وجهة نظره فى الأمور نحترمه مثلما لنا و لكن فى كتاباته كان مستفزا لتلوينه الأمور و حربائيته فى عرض وجهة النظر و يبين ناصحا مره و مداهنا مرات الأمر الذى كان يجعل العديد من رواد الراكوبه للإنفعال بدرجات متباينه عليه…..و أنا مع إحترامى لشخصه رؤيتى هى………………….
    من جهة… قناعتى أن جريدة التيار تتبع لجهاز الأمن و عثمان ميرغنى هذا موظف فى الأمن و طبعا جهاز الأمن قرر إنتهاء دور عثمان و جريدته من المهمة التى أسـسـت من أجلها ?. وببلوغها نهاية مهمتها وءدت و ستتم تصفيتها فى صمت زى أى جريمه….. و مشكلتنا هنا فى الراكوبة كنا نحسن الظن فى عثمان ميرغنى و نسبة لما كان يقوم به من أدوار فى تناول الوجه الآخر لأى قضيه كما ترسم له و ببجاحه شديدة .. أو بصوره مداهنه و( تكسير تلج) للنظام و بشكل مستفز… و كنا نتحرك بعنف بالغ أحيانا للرد عليه و التعليق الساخر ( كثيرا ما كانت فى شكل دعابة) فى الراكوبة و بصورة راتبه … و هنا أعترف ? إن كان الأمر كذلك — بذكائه و حسن أدائه للدور الذى كان يقوم به……

    و من الجهة الثانية – و لا زلت أحسن الظن فيه – بأنه فعلا و كما ذكر هو فى مرات عديده إنه كادر إسلاموى و ثم إنقاذى… و لكنه مثل آخرين فطن و فى الزمن الضائع بلغة الكوره… إنحراف تنظيمهم الإسلاموى ذاك و تنكبه للمسار , فتخلّى عنهم و فارقهم و صار من الناقدين و الفاضحين (تيار ويكيلكس) لهم … و كاشف لسوآات النظام و لكن فى ظنى إنه لم يكن أمينا فى لعب هذا الدور…. و لذا كان كما يقال ( كراع بره و كراع جوّه) و نسى المقولة المأثورة ( ركّاب سرجين وقّاع) و لذا تعرضت صحيفة التيار فى الفترة الأخيرة بما تشبه ضربات إنهاك للقوى ..فإنهارت بسرعة لأنها تايوانية …. و لم تتحمل الجريدة عملية الإستنزاف البطيئه هذه و توفيت بالسكته ( القلبيه) و فارقت الحياة فى صمت إثر علة لم تمهلها قليلا غير مأسوف عليها و سكتت للأبد …و هنا ولأننا قد تواصلنا مع الأستاذ عثمان ميرغنى و عبر الراكوبة فترة ليست قصيره فى عملية … هو يكتب و نحن نقرأ و نعلق .. و صارت هناك مواصله لا تهون على المسلم ( زى البقى فى عيش و ملح ) نشاطره الأسى و نقرأ الفاتحة على صحيفة التيار متمنين للأستاذ الصبر و السلوان …. و أناشد الرفاق ناس جماعة ( صاحبك ود الخدر الما بنظلم عندو أحد و الما رجّع للزول كشكو و أولادو الطشو….) مواساة الأستاذ فى فقده ….و بارك الله فيكم و شكر مسعاكم….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..