مقالات وآراء

ميركانو حرب المبسوطين أوي

عثمان يس ود السيمت

الميركانو هو سوق أو موسم انتقال اللاعبين ، وعادة ينتقل اللاعب وفق (سعر السوق) فالعملية تجارية بحتة وقد لا تتم وفق رغبة اللاعب إلا في حالات نادرة ، إذا المبدأ المسير للميركانو هو المال. وانتقال لاعب من نادي لآخر لأنه تلقى صفقة أفضل لم يصبح عيبا بالرغم من أنه كان في الماضي أيام الزمن الجميل والكورة الجميلة كان عيبا كبيرا قد يعتبرها أنصار النادي (المكلوم) بانتقال لاعبه جريمة مخلة بالشرف حيث كانت المبادئ هي التي تحكم (الإنتماء) للنادي.
عندما أطلقت على هذه الحرب مسمى حرب عبثية في أول أسبوع من انطلاقها كانت التسمية تستند لاعتقادي الجازم أنها حرب لا علاقة لها بالمبادئ. فجميع الحروب الأهلية الباقية في ذاكرتنا حركتها مبادئ (راسخة) لدى طرفي النزاع ، لا نستثني من ذلك حربا ، حتى حرب رواندا بين التوtسي والهوtو كانت تستند لمبدا القبلية ، وكان يصعب جدا تصور انتقال فيلق من طرف للطرف الآخر هكذا دون أي اعتبار لمبادئ أو لمسببات الحرب.
انتقال كيكل (وجنوده) من طرف الدعم السريع للطرف المضاد وهو الجيش ليس كانتقال عبده الشيخ من المريخ للهلال وليس كانتقال رونالدو للنصر السعودي ولا أي من اللاعبين كنيمار وماني وميسي ، فانتقال اللاعبين يعتمد على مبدأ (السوق الميركانو). أو هكذا كنا نعتقد أن لطرفي الحرب في أي مكان مبادئ (يموت) دونها الجنود وقطعا ليست كمبادئ الميركانو (يلعب) فيها اللاعب بإخلاص للنادي الذي دفع أكثر.
بعد انتقال كيكل للعب مع الجيش أيقنت تماما بصحة المسمى الذي أطلقته على الحرب بأنها عبثية ووقتها لم أكن اتخيل أن للدماء ثمن ، فكما قال الحارث بن حلزة اليشكري في معلقته التي مطلعها :
آذنتنا ببينها أسماء رب ثاوي يمل منه الثواء
حيث قال:
وأقدناه رب غسان بالمنذر كرها إذ لا تكال الدماء
وأشرح لكم معنى البيت حتى تدركون المقصود:
المفردات. أقدناه: من القود ، وهو القصاص ، وهو بمعنى أخذنا ثأره. رب: أراد به هنا الملك ، وهو أبو ميسون ، غسان: أراد قبيلة غسان. المنذر : هو أبو الملك عمرو. كرهًا : قهرًا. إذ : ويروى : وما تكال الدماء ، أي ليست الدماء تحسب وتكال ، وذلك لكثرتها ، وقال بعضهم : معناه ذهبت هدرًا ، ليس فيها قود.
المعنى يقول : وقتلنا ملك بني غسان بالمنذر بن ماء السماء قصاصًا ، وهو غير راض بهذا القصاص ، وقد كثرت الدماء في تلك الحرب بحيث لا يمكن حصر الأرواح التي أزهقت فيها هدرًا ، ليس فيها قود ، ولا حساب.
ما أشبه هذا البيت بحالنا اليوم وكأن الحارث يصف دماء حربنا العبثية ، غير أن دماءنا تكال كيلا وتباع بيعا.
كيكل قتلكم وتدفعون له لينضم إليكم ومن قتلهم راحو فطايس ، فبدل القبض عليه ومحاكمته وإرساله للدروة التي ترسلون إليها الأشراف ستكرمونه ويصبح رمزا ، إنها عبث بل هي سوق لمن يدفع أكثر. فثمن انتقال مناوي للعب مع الجيش 72 مليون دولار وهناك في نادي (المشتركة) من كان ثمنه 18 مليون دولار. وهناك أثمان مادية وأثمان لا مسمى لها ، فانتقال جبريل كان نظير تسميته رئيس وزراء وهناك من فاز بوزارة المالية وآخر بوزارة المعادن وكلها (وزارات لغف).
ميركانو اللاعبين تحكمه قوانين صارمة وتواريخ لفتح وقفل السوق ، لكن ميركانو الحرب العبثية يحكمه (الجوع) وأقصد به جوع ونهم المال في وطن لم يبق فيه شئ يباع إلا الإنسان، وغدا سنسمع كم بلغت أسعارنا في السوق ومن هو السيد الجديد وسنصبح مادة خصبة لأحفادنا عندما يخرجون أفلاما تخلد ذكرى (أسلافهم) مثل الجذور Roots وعشرة سنوات في الرق 10 years of slavery وحفيدي أنا بصفته بطحاني سيخرج لكم دجانقو طليقا Django unchained.
أما انتم ونحن فما علينا إلا أن نرخي كراب العنقريب الآن ونستمتع بالقصة الأصلية نعيشها نحن أبطال لها وضحايا في نسختها الأصلية.

 

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. اهم حاجة ناس بل بس ، العلف متوفر و دايما معنويات مرتفعة و هم لا يشقون ابدا.. لا عقل لهم.. فلكم التحية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..